هل للمعصومين (عليهم السلام) الولايتين التكوينية والتشريعية
هل الوسطة في الفيض ثابته لأهل البيت (عليهم السلام) ؟
ما أدلة ذلك ؟
وكيف نوجه الآيات التي قد تنافي مثل الآيات النافية لعلم النبي ( صلى الله عليه وآله) ببعض المنافقين والغيب ...الخ ؟
الأخ ابراهيم المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الواسطة في الفيض ثابتة لهم عليهم السلام بأدلة عقلية ونقلية، لأنه متى ما ثبت وصول أثر البركات الالهية إلي الخلق بتوسط وجوداتهم فقد ثبت كونهم واسطة الفيض، وسأضرب لك مثلا حتى يتبين لك الامر: لو فرضنا أنَّ شلاّلا ينزل من جبلٍ عالٍ، فمن الطبيعي أن يمرَّ من خلال البحر ثمَّ الشط ثمَّ الأنهار فالجداول، فكلّ واحدة منها هي واسطة الفيض إلى ما دونها فحينئذٍ نتسائل، أفهل بإمكان الإنسان أن يشرب الماء من غير التوسَّل بتلك الوسائط ؟
لو حاول ذلك و هو غير قابل لهلك، لأنَّ الوعاء الذي يمتلكه لا يستوعب الماء، فيبقى عطشاناً وهو يجاور الماء، فالحل الوحيد لمثل هذا الإنسان هو الإبتعاد من المصدر و التقرُّب إلى وسائط الفيض، ففي الدعاء :
(( إنّا توجَّهنا و استشفعنا و توسَّلنا بك إلى الله و قدَّمناك بين يدي حاجاتنا، يا وجيهاً عند الله اشفع لنا عند الله )) .
وهذه الحقيقة قد بيِّنت في قوله تعالى : (( لَو أَنزَلنَا هَذَا القُرآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِن خَشيَةِ اللَّهِ )) كيف و الجبل مهما عظم فهو جماد لا يستوعب كلام الله تعالى، فأين التراب و ربِّ الأرباب، ومن هنا يقول سبحانه : (( وَتِلكَ الأَمثَالُ نَضرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُم يَتَفَكَّرُونَ )) .
كثير من العلماء، استناداً الى الاحاديث الاسلامية، يشبهون وجود النبي والامام في المجتمع الانساني، أو في كل عالم الوجود، بالقلب بالنسبة لجسم الانسان.
فالقلب يرسل الدّم الى جميع العروق، ويغذي جميع الخلايا في الجسم. ولما كان الامام المعصوم، باعتباره انساناً كاملا وطليعة قافلة الانسانية، وسبب نزول الفيوضات الالهية التي ينهل منها كل فرد على قدر ارتباطه بالنّبي أو الامام، فلابدّ أن نقول إنَّه مثلما كان القلب ضرورياً لحياة الانسان، كذلك وجود واسطة نزول الفيض الالهي ضرورياً في جسد عالم البشرية، فتأمل!
وينبغي ألاّ يغرب عن البال أنَّ النّبي والامام لايملكان شيئاً من نفسيهما ليمنحاه للآخرين، فكل ما عندهما هو من عند الله، ولكن مثلما كان القلب واسطة ايصال الفيض الالهي لسائر انحاء الجسم، كان النّبي أو الامام واسطة ايصال الفيوضات الالهية لسائر أبناء البشر. ففي الأمالي - الشيخ الصدوق - ص 252 - 253
عن علي بن الحسين (عليهم السلام)، قال : نحن أئمة المسلمين، وحجج الله على العالمين، وسادة المؤمنين، وقادة الغر المحجلين، وموالي المؤمنين، ونحن أمان أهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء، ونحن الذين بنا يمسك الله السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه، وبنا يمسك الأرض أن تميد بأهلها، وبنا ينزل الغيث، وبنا ينشر الرحمة، ويخرج بركات الأرض، ولولا ما في الأرض منا لساخت بأهلها . قال ( عليه السلام ) : ولم تخل الأرض منذ خلق الله آدم من حجة لله فيها، ظاهر مشهور، أو غائب مستور، ولا تخلو إلى أن تقوم الساعة من حجة لله فيها، ولولا ذلك لم يعبد الله . واما عدم علمه ببعض المنافقين فمعناه انه لا يعلمهم من تلقاء نفسه لولا ان الله تعالى قد اخبره بهم اي ان النبي لديه قابلية العلم بهم لو شاء ان يعلمهم وذلك من خلال اوصاف وعلامات خاصة يعرف بها المنافق من غير المنافق .
فالنبي (صلى الله عليه واله وسلم) كان يعرف المنافقين في لحن القول كما تشير اليه هذه الاية (ولو نشاء لاريناكهم لعرفتهم بسيماهم ولتعرفهم في لحن القول والله يعلم اعمالكم ) . فلا منافاة اذن بين كونهم (عليهم السلام) واسطة الفيض وبين كونهم لا يعلمون شيئا الا بتعليم الله عز وجل .
ودمتم في رعاية الله