ارجو الرد من قبلكم على ما اتاني من حديث الوهابيين وهو:
الخميني يبيح وطء الزوجة في الدبر:
يقول الخميني في تحرير الوسيلة ص241 مسألة رقم 11 ( المشهور الأقوى جواز وطء الزوجة دبراً على كراهية شديدة ) !
لا نملك إلا ذكر قول رسول الله (ص) ( ملعون من أتى امرأة في دبرها ).
الأخت أم فاطمة المحترمة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ان علماء وفقهاء الامامية ينظرون في الادلة الشرعية فيفتون على وفقها بعيداً عن العاطفة أو العرف وما إلى ذلك.
والسيد الخميني رحمه الله أفتى بجواز الوطىء على كراهة شديدة لعدم ثبوت أدلة التحريم عنده كما هي عند غيره من سائر علماء الامامية بل وبعض علماء السنة أنفسهم وبعض الصحابة والتابعين!
وقد وردت نصوص كثيرة تدل على الجواز عند الفريقين ونكتفي هنا بذكر أدلة الجواز عند السنة أنفسهم ليكفوا عنا تهريجهم ويشتغلوا في رد هذه الاقوال والادلة إن إستطاعوا فدون ذلك خرط القتاد!!
فنقول: قد استدل جمهور أهل السنة على تحريم وطء الزوجة في دبرها بحديث وحيد لم يبلغ درجة الحديث الصحيح الذي يثبت به الحلال والحرام فقد قال الصنعاني في سبل السلام (3/138) في باب عشرة النساء عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) (ملعون من أتى أمرأة في دبرها) وقال: ابن حجر صاحب المتن رواه أبو داود والنسائي واللفظ له ورجاله ثقات لكن أعل بالارسال. ثم قال الصنعاني في شرحه روي هذا الحديث بلفظه من طرق كثيرة عن جماعة من الصحابه منهم ... المزید.. (ثم قال) وفي طرقه جميعها كلام ولكنه مع كثرة الطرق واختلاف الرواة يشد بعض طرقه بعضاً.
(قال) ويدل على تحريم إتيان النساء في أدبارهن وإلى هذا ذهبت الامة ـ إلاَّ القليل ـ للحديث. آه. وهو يعني لاجل هذا الحديث ذهبوا إلى القول بالحرمة ونحن لا نرى أن هذه الحجة كافية في إثبات حكم شرعي وخصوصاً في الحلال والحرام.
فأما قوله رواه النسائي فلم أجده في غير أحمد وأبي داود بل صرح بذلك الشوكاني فقال في نيل الاوطار (6/352): (رواه أحمد وأبو داود) ثم ناقش الاحاديث في هذا الباب فقال حديث أبي هريرة الاول أخرجه أيضاً بقية أهل السنن والبزار (قلت: ولم أجده بهذا الاسناد وهذا اللفظ في بقية السنن فإن كان ما رأيته فقولهم هذا من التدليس والمبالغات في تقوية الحديث كيفما اتفق وبأي إسلوب كان).
ثم قال الشوكاني: وفي إسناده الحرث بن مخلد قال البزار: ليس بمشهور وقال ابن القطان: لا يعرف حاله (وفي رواية: مجهول الحال) وقد اختلف فيه على سهيل بن أبي صالح....
فنقول: فلا ندري بعد ذلك كيف يقول (ابن حجر كما في سبل السلام بأن رجاله ثقات لكن أعلَّ بالارسال!!؟ وكيف يحكم على الحرث بن مخلد بأنه من الثقات مع حكمه عليه هو نفسه في تقريب التهذيب بأنه مجهول الحال!؟
وكذلك أقر الالباني بأن الحارث بن مخلد مجهول الحال وضعف هذا الحديث به.
وأما من قال بجواز (وطئ الزوجة في دبرها) من أئمتهم فاليك أخي القارئ بعض ما نقلوا في ذلك:
1ـ قال النووي في المجموع (16/416): وحكى إبن عبد الحكم عن الشافعي أنه قال: لم يصح عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في تحريمه ولا تحليله شيء والقياس أنه حلال. (ثم قال): وروى الحاكم... عن الشافعي أنه قال: سألني محمد بن الحسن (تلميذ أبي حنيفة) فقلت له: إن كنتَ تريد المكابرة وتصحيح الروايات وإن لم تصح فأنت أعلم, وإن تكلمت بالمناصفة كلمتك على المناصفة, قال: على المناصفة.. (إلى آخر المناظرة الرائعة التي نرجو من القارئ مطالعتها جيداً) ثم قال النووي: وقد روي الجواز أيضاً عن مالك. قال القاضي أبو الطيب في تعليقه أنه روى عنه ذلك أهل مصر وأهل المغرب ورواه عنه ابن رشد في كتاب البيان والتحصيل وأصحاب مالك العراقيون لم يثبتوا هذه الرواية وقد رجع متأخروا أصحابه عن ذلك وأفتوا بتحريمه. وقد نقل ابن قدامة رواية عن مالك قوله (ما أدركت أحداً أقتدي به في ديني يشك في أنه حلال ثم أنكر ذلك أصحابه العراقيون). ثم قال: قال المزني: قال الشافعي: ذهب بعض أصحابنا إلى إحلاله وآخرون الى تحريمه.... وحكي أن مالكاً سفئل عن ذلك فقال: (الآن اغتسلت منه)!!! إذن فالمسألة فقهية خلافية قال بها غير الشيعة مثل الشافعي ومالك وابن عمر ونافع وغيرهم فلا يحق لأحد بعد ذلك أن يهرج على الشيعة ويستهزئ بأحكام الله تعالى دون علم ولا هدى ولا كتاب منير.
2ـ ونزيدكم على ما تقدم ما نقله ابن قدامة في المغني (8/131) فقد قال: ورويت إباحته عن ابن عمر وزيد بن أسلم ونافع ومالك وروي عن مالك أنه قال: ما أدركت أحداً أقتدي به في ديني يشك في أنه حلال وأهل العراق من أصحاب مالك ينكرون ذلك واحتج من أجله بقول الله تعالى ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم انى شئتم ) وقوله سبحانه ( والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم ).
3ـ وقال ابن حزم في المحلى (10/69) عن وطئ الدبر: وأما في النساء ففيه اختلاف افختلف فيه عن ابن عمر وعن نافع..... (وفيه): فقال لي مالك فاشهد على ربيعة لحدثني عن سعيد بن يسار أنه سأل ابن عمر فقال: لا بأس به. ورواه النسائي في السنن الكبرى (5/315) أيضاً.
وقال الجصاص في احكام القرآن (1/426) وقال ميمون بن مهران أيضاً قال ذلك نافع يعني تحليل وطئ النساء في أدبارهن بعد ما كبر وذهب عقله(!!) ثم قال الجصاص بعد نقله ثبوت القول بالاباحه عن مالك: ويروى عن محمد بن كعب القرظي أنه كان لا يرى بذلك بأساً ويتأول فيه قوله تعالى ( أتأتون الذكران من العالمين وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قوم عادون ) أي: من أزواجكم مثل ذلك إن كنتم تشتهون. ونقل ذلك أيضاً الطحاوي في شرح المعاني الآثار (2/45) بنصه.
4ـ ونذكر هنا في ختام هذا البحث المختصر في هذه المسألة وثبوتها حتى وفي البخاري فقد روى ذلك عن ابن عمر حيث قال: عن نافع قال: كان ابن عمر إذا قرأ القرآن لم يتكلم حتى يفرغ منه, فأخذت عليه يوماً, فقرأ سورة البقرة حتى انتهى إلى مكان قال: تدري فيما انزلت؟ قلت: لا, قال: انزلت في كذا وكذا, ثم مضى. وعند عبد الصمد حدثني أبي حدثني أيوب عن نافع عن ابن عمر فأتوا حرثكم أنى شئتم قال: يأيتها في.... (بياض) صحيح البخاري (ج5/160) باب نساؤكم حرث لكم.
وعلق على هذه الرواية ابن حجر في فتحه (8/141) فقال: وقد قال ابو بكر بن العربي في سراج المريدين أورد البخاري هذا الحديث في التفسير فقال يأيتها في وترك بياضاً والمسألة مشهورة صنف فيها محمد بن سحنون جزءاً وصنف فيها محمد بن شعبان كتاباً وبَيَّنَ أن حديث بن عمر في إتيان المرأة في دبرها. (ثم قال ابن حجر): فأما الرواية الاولى وهي رواية بن عون فقد اخرجها إسحاق بن راهويه في مسنده وفي تفسيره بالاسناد المذكور وقال بدل قوله (حتى انتهى إلى مكان) حتى انتهى إلى قوله نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم فقال أتدرون فيما افنزلت هذه الآية؟ قلت: لا قال: نزلت في إتيان النساء في أدبارهن وهكذا أورده بن جرير من طريق ..... عن ابن عون نحوه وأخرجه أبو عبيدة في فضائل القرآن عن معاذ بن عوف فأبهمه فقال في كذا وكذا.
وأما رواية عبد الصمد (رواية البياض) فأخرجها بن جرير في التفسير عن أبي قلابة الرقاشي عن عبد الصمد بن عبد الوارث حدثني أبي فذكره بلفظ: (يأتيها في الدبر) وهو يؤيد قول ابن العربي وَيردّ قول الحميدي وهذا الذي استعمله البخاري نوع من أنواع البديع يسمى الاكتفاء ولا بد له من نكتة يحسن بسببها إستعماله(!) فلا ندري ما هذا البديع وهذا الاكتفاء في تحريف أحكام دين الله وإخفائها وكتمانها؟
ثم قال ابن حجر: وأما رواية محمد بن يحيى بن سعيد القطان (وهو السند الثالث للبخاري) فوصلها الطبراني في الاوسط من طريق أبي بكر الاعين عن محمد بن يحيى المذكور بالسند المذكور الى ابن عمر قال: إنما نزلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) نساؤكم حرث لكم رخصة في إتيان الدبر.
ثم ذكر ابن حجر من قال بعدم حرمة وطئ الدبر: وذهبت جماعة من أئمة الحديث كالبخاري والذهلي والبزار والنسائي وأبي علي النيشابوري إلى أنه لا يثبت فيه شيء (يقصد التحريم). الفتح (ج8/143). فها هو البخاري يروي أحاديث الجواز ويضعف أحاديث التحريم فهل البخاري شيعي ايضاً؟ وكذلك فإن أحاديث النهي (والتي ثبت أنها لم تثبت) مع ثبوت أحاديث الجواز فإنها غاية ما تدل على الكراهية لا أكثر.
فتبين أن هذه المسألة أيضاً مما لم يتفرد بها علماء مذهب أهل البيت (عليهم السلام) ولم يخالفوا فيها الدليل بل وافقوه فلا ندري لما هذه الحملة الشعواء وهذا التهريج بلا تحقيق ولا دليل؟
ودمتم في رعاية الله