السلام عليكم
ما تفسير اية ٦٢ من سورة البقرة
إذ يقول الله تعالى
ان الذين ءامنو و الذين هادُوا والنصٰرى والصٰبئين من ءامن بالله واليوم الاخر وعمل صٰلحاً فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا يحزنون
هل يقصد بذلك ان باقي الاديان اذا عملو صالحاً وامنو بالله من خلال معتقداتهم وان كفرو بالرسول ص فهم لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ولهم اجر؟؟؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخي العزيز، جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، الشيخ ناصر مكارم الشيرازي، ج ١، الصفحة (٢٤٩): إنّ الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون (62) من سورة البقرة.
القانون العام للنجاة بعد عرض لمقاطع من تاريخ بني إسرائيل، تطرح هذه الآية الكريمة مبدأ عاما في التقييم وفق المعايير الإلهية. وهذا المبدأ ينص على أن الإيمان والعمل الصالح هما أساس تقييم الأفراد، وليس للتظاهر والتصنع قيمة في ميزان الله: إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
هذه الآية تكررت مع اختلاف يسير في سورة المائدة، الآية 72 وفي سورة الحج الآية 17.
سياق الآية في سورة المائدة يشير إلى أن اليهود والنصارى فخروا بدينهم، واعتبروا أنفسهم أفضل من الآخرين، وادعوا بأن الجنة خاصة بهم دون غيرهم.
ولعل مثل هذا التفاخر صدر عن بعض المسلمين أيضا، ولذلك نزلت هذه الآية الكريمة لتؤكد أن الإيمان الظاهري لاقيمة له في الميزان الإلهي، سواء في ذلك المسلمون واليهود والنصارى وأتباع الأديان الأخرى. ولتقول الآية أيضا:
إن الأجر عند الله يقوم على أساس الإيمان الحقيقي بالله واليوم الآخر إضافة إلى العمل الصالح. وهذا الأساس هو الباعث الوحيد للسعادة الحقيقة والابتعاد عن كل خوف وحزن.
وهنا تساؤل هام: بعض المضللين اتخذوا من الآية الكريمة التي نحن بصددها وسيلة لبث شبهة مفادها أن العمل بأي دين من الأديان الإلهية له أجر عند الله، وليس من اللازم أن يعتنق اليهودي أو النصراني الإسلام، بل يكفي أن يؤمن بالله واليوم الآخر ويعمل صالحاً.
الجواب: نعلم أن القرآن يفسر بعضه بعضاً، والكتاب العزيز يقول: ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه.
كما أن القرآن ملئ بالآيات التي تدعو أهل الكتاب إلى اعتناق الدين الجديد، وتلك الشبهة تتعارض مع هذه الآيات. من هنا يلزمنا أن نفهم المعنى الحقيقي للآية الكريمة.
ونذكر تفسيرين لها من أوضح وأنسب ما ذكره المفسرون:
1 - لو عمل اليهود والنصارى وغيرهم من أتباع الأديان السماوية بما جاء في كتبهم، لآمنوا حتما بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، لأن بشارات الظهور وعلائم النبي وصفاته مذكورة في هذه الكتب السماوية، وسيأتي شرح ذلك في تفسير الآية 146 من سورة البقرة.
2 - هذه الآية تجيب على سؤال عرض لكثير من المسلمين في بداية ظهور الإسلام، يدور حول مصير آبائهم وأجدادهم الذين لم يدركوا عصر الإسلام، ترى، هل سيؤاخذون على عدم إسلامهم وإيمانهم؟!
الآية المذكورة نزلت لتقول إن كل أمة عملت في عصرها بما جاء به نبيها من تعاليم السماء وعملت صالحا، فإنها ناجية، ولا خوف على أفراد تلك الأمة ولا هم يحزنون.
فاليهود المؤمنون العاملون ناجون قبل ظهور المسيح، والمسيحيون المؤمنون العاملون ناجون قبل ظهور نبي الإسلام.
دمتم في رعاية اللّه وحفظه.