logo-img
السیاسات و الشروط
عبدٌ لله ( 15 سنة ) - العراق
منذ 8 أشهر

هل لدى الأنبياء أصدقاء

السلام عليكم هل لدى الأنبياء أصدقاء ؟ دائما ما نسمع انهم كانوا مظلومين وأن أغلب الناس كانوا ضدهم مثلاً هل لدى النبي نوح عليه السلام صديق يقضي بعضً من الوقت معه لِـ يُرفِّه عن نفسه أم كان يقضي كل الوقت في طاعة أوامر الله فقط نفس السؤال على باقي الأنبياء، آدم، هود، صالح، إدريس، عيسى، موسى، شعيب، إسحاق، يعقوب، يوسف، إبراهيم عليهم السلام


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أهلاً وسهلاً بكم في تطبيق المجيب ولدي العزيز، نعم، كان لدى بعض الأنبياء أصدقاء وأصحاب يساندونهم في حياتهم، ولم يكونوا في عزلة عن الناس بالكامل، رغم أنّهم واجهوا الكثير من الظلم والرفض من أقوامهم، وقلت المناصرون لهم. فلا تعني النبوة العزلة عن العلاقات الإنسانية، بل كانوا قدوة في التعامل مع الناس، والتواصل الاجتماعي، والتعاون، بل بعثهم الله (عزّ وجلّ) من أجل تهذيب النفس والصداقة الخالصة من إضمار البغض والضغينة. لذا - ولدي العزيز - هم أول من وضع أسس اختيار الصديق الصحيح وشروطه، لا كما هو متعارف اليوم من الصديق، بل هو أعمق من ذلك. روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) «لاَ يَكُونُ اَلصَّدِيقُ صَدِيقاً حَتَّى يَحْفَظَ أَخَاهُ فِي غَيْبَتِهِ وَبَلِيَّتِهِ وَوَفَاتِهِ» (عيون الحکم والمواعظ، ج١، ص٥٤١). وأيضاً جاء في حق الصاحب للإمام زين العابدين (عليه السلام) «أما حق الصاحب: فأن تصحبه بالتفضل والإنصاف، وتكرمه كما يكرمك، ولا تدعه يسبق إلى مكرمة، فإن سبق كافأته، وتوده كما يودك، وتزجره عما يهم به من معصية، وكن عليه رحمة، ولا تكن عليه عذابا» (ميزان الحكمة، محمد الريشهري، ج٢، ص١٥٩١). فمن وجدت فيه هذه الصفات وغيرها كان صديقاً وصاحباً للأنبياء والأئمة (عليهم السلام)، وإن لم يكن في زمانهم، وهذه من ميزات الصداقة عندهم (عليهم السلام)، لا كما هو معروف من أن الصدقات تنتهي بعد الموت، وتسقى في ذاكرة الصديق الحيّ، فقد جاء في الحديث المروي عن الإمام علي (عليه السلام) «لا يكون الصديق صديقاً حتى يحفظ أخاه… ووفاته» والحفظ في الوفاة، هو السير على ما يحب ويريد. فأصدقاء الأنبياء ليس كالصداقة المعروفة اليوم، والخروج معه لأجل التنزه أو قضاء بعض الوقت عند بعضهم، فصداقة الأنبياء ومصاحبتهم تعني تعلم التقوى ومحبة الناس والطاعة لله (عزّ وجلّ)، بل هنالك من حصل على مرتبة أعلى من الصديق كما هو متعارف اليوم وهي منزلة (الحواريين)، فعن عَلِيُّ بْنُ اَلْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي اَلْحَسَنِ اَلرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): لِمَ سُمِّيَ اَلْحَوَارِيُّونَ اَلْحَوَارِيِّينَ؟ قَالَ: «أَمَّا عِنْدَ اَلنَّاسِ، فَإِنَّهُمْ سُمُّوا حَوَارِيِّينَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا قَصَّارِينَ يُخَلِّصُونَ اَلثِّيَابَ مِنَ اَلْوَسَخِ بِالْغَسْلِ وَهُوَ اِسْمٌ مُشْتَقٌّ مِنَ اَلْخُبْزِ اَلْحُوَارِ وَأَمَّا عِنْدَنَا فَسُمِّيَ اَلْحَوَارِيُّونَ اَلْحَوَارِيِّينَ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا مُخْلَصِينَ فِي أَنْفُسِهِمْ وَمُخْلِصِينَ لِغَيْرِهِمْ مِنْ أَوْسَاخِ اَلذُّنُوبِ بِالْوَعْظِ وَاَلتَّذْكِيرِ» (عيون أخبار الرضا (عليه السلام)، ج٢، ص٧٩). فمن حواريّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما روي عن علي بن أسباط بن سالم عن أبيه قال: قال أبو الحسن: «إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ: أين حواري محمد بن عبد الله رسول الله الذين لم ينقضوا العهد ومضوا عليه!" فيقوم سلمان والمقداد وأبو ذر» (بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج٣٤، ص٢٧٥). ومن حواريّ نبي الله عيسى (عليه السلام): الوقا، ومرقا، لونين، ويوحنا، ومنا. (مجمع البحرين، الشيخ الطريحي، ج١، ص٥٩٥). وغيرهم. تبقى مسألة انطباق هذه الشروط على من عاصر الأنبياء والأئمة (عليهم السلام) قليلاً، أو بعبارة ثانية، القليل من أصحاب الأنبياء والأئمة من سعى لتهذيب نفسه، وجعل شروط الصداقة الحقيقية في نفوسهم، فكانوا أهلاً لمصاحبة ومصادقة الأنبياء والأئمة (عليهم السلام). ودمتم في رعاية اللّٰه وحفظه.

1