الأخ محمد المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اولاً: قال ابن نجيم المصري الحنفي في البحر الرائق (4/ 305):والحاصل أن الصغيرة التي لا توطأ لا يجب لها نفقة صغيراً كان الزواج أو كبيراً، والمطيقة للوطء تجب نفقتها صغيراً كان الزواج أو كبيراً، واختلف في حد المطيقة له والصحيح أنه غير مقدر بالسن، كذا في التبيين وذكر العتابي أنها بنت تسع واختاره مشايخنا ا هـ. وأطلق في التي لا تطيق الجماع فشمل ما إذا كانت تصلح للخدمة أو الاستئناس فإنه لا نفقة لها خلافاً لأبي يوسف فيما إذا أسكنها في بيته فإن لها النفقة، واختاره صاحب الإيضاح والتحفة كما في غاية البيان.
ثم قال: قالوا: فعلى هذا التعليل إذا كانت الصغيرة مشتهاة يمكن جماعها فيما دون الفرج تجب نفقتها، كذا في الذخيرة. أ هـ قلنا والجماع فيما دون الفرج أحد أفراده هو التفخيذ فبقي الفرق بيننا في الرضيعة والصغيرة جداً واتفقنا على الصغيرة دون التسع سنين كما هو واضح, فأصبح النقاش في التفاصيل لا في أصل الفعل! ثانياً: وفي حاشية رد المختار لابن عابدين (1/617): قوله: (كبنت تسع سنين) يفسره لاحقاً. قال في البحر: واختلفوا في المشتهاة وصحح الزيلعي وغيره أنه لا اعتبار بالسن من السبع على ما قيل أو التسع وإنما المعتبر أن تصلح للجماع بأن تكون عبلة ضخمة ... المزید أهـ.
وكذلك ذكروا في مسألة التحريم رضاع الزوجة الصغيرة من الزوجة الكبيرة أو من أم الزوج أو اخته فانها تحرم وإرضاع زوجته الصغيرة من قبل أهل بيته يعني أنها دون السنتين وفي بيته فلاحظ. ثالثاً: وقال ابن عابدين في حاشية رد المحتار أيضاً (3/622):
(وأفاد) أي المصنف بقوله (حتى تشتهى) من غير تقييد بما قبل التزوج قوله (بتزوجها) أي الصغيرة,قوله (ما دامت لا تصلح للرجال) فإن صلحت تسقط وسيأتي في أول النفقات أن التي تشتهى للوطء فيما دون الفرج يلزمه نفقتها وكذا التي تصلح للخدمة أو للأستئناس إن أمسكها في بيته عند الثاني وأختاره في التحفة (أو) مقتضاه: ان صلوحها للرجال يكفي بالوطء فيما دون الفرج ولذا لزمه نفقتها بخلاف من تصلح للخدمة والإستئناس فقط حيث لا تلزمه نفقتها إلا إن رضي بها وأمسكها في بيته.
فنقول: لا ندري بعد كل هذا التصريح كيف سيبقى علينا التهريج والصريخ فقد تبين مما ذكرنا أنه قد ورد عند بعض علماء أهل السنة الكثير من المسائل التي تشير إلى جواز الدخول في الصغيرة دون التسع سنين فلا ندري بعد هذا هل يكون قولهم أشنع أم قولنا بجواز الاستمتاع دون الدخول فإنه محرم عندنا دون إكمال تسع سنين للمرأة ودخولها في سن العاشرة مع كون القول بجواز النكاح للصغيرة والرضيعة لا يفهم من دون منفعة تدخل من هذا العقد للزوج، فلا ندري ما الفائدة من تجويز إجراء صيغة العقد وتسميتها زوجته وجواز تطليقها دون حق لمسها أو تقبيلها أو الاستمتاع بها وتحليلها فهل تكون الزوجة الصغيرة عندهم برزخ بين الحلال والحرام هل هي أجنبية أم حليلة أو هل هي زوجة أو ليست بزوجة؟!! رابعاً: وقال العيني في عمدة القاريء (20/ 78):
وقال إبن بطال: أجمع العلماء أنه يجوز للآباء تزويج الصغار من بناتهم وإن كنَّ في المهد، إلاَّ أنه لا يجوز لأزواجهن البناء بهن إلاّ إذا صلحن للوطء واحتملن الرجال، وأحوالهن في ذلك مختلف في قدر خلقهن وطاقتهن: خامساً: وقال النووي في المجموع (16/409):
وإن كانت المنكوحة صغيرة لا يجامع مثلها أو مريضة مرضاً يرجى زواله وطالب الزوج بها لم يجب تسليمها إليه (وهذا يعني أنه يجوز ولكنه ليس بواجب)، لأن المعقود عليه هو المنفعة وذلك لا يوجد في حقها ولأنه لا يؤمن أن يحمله فرط الشهوة على جماعها (وهذا واضح في أنه يحق له أن يمارس الشهوة معها حاشا الجماع) فيوقع ذلك جناية بها، وإن عرضت على الزوج لم يجب عليه تسلمها إذا طالب بها لما ذكرناه ولأنها تحتاج إلى حضانة والزوج لا يجب عليه حضانة زوجته (وهذا يعني أنه يجوز).
(ثم قال النووي): وإن كانت المرأة نضوة من أصل الخلق بأن خلقت دقيقة العظام قليلة اللحم وطلب الزوج تسليمها وجب تسليمها إليه، فإن كان يمكن جماعها من غير ضرر بها كان له ذلك وإن كان لا يمكن جماعها إلا بالأضرار بها لم يجز له جماعها بل يستمتع بها دون فرجها.
وقال النووي في مجموعه (18/ 236): (فصل) وإن سلمت إلى الزوج أو عرضت عليه وهي صغيرة لا يجامع مثلها ففيه قولان:
أحدهما: تجب النفقة لأنها سلّمت من غير منع.
والثاني: لا يجب وهو الصحيح لأنه لم يوجد التمكين التام من الاستمتاع.
فنقول: بالله عليكم ما معنى قوله (لم يوجد التمكين التام من الاستمتاع)!!؟ ألا يثبت هذا القول وجود استمتاع ناقص!؟ سادساً: وقال ابن قدامة المقدسي الحنبلي في الشرح الكبير على المغني (8/ 127):
(مسألة): (وإذا تم العقد وجب تسليم المرأة في بيت الزوج إذا طلبها وكانت حرة يمكن الاستمتاع بها) لأن بالعقد يستحق الزوج تسليم المعوض كما تستحق المرأة تسليم العوض...
ويشترط إمكان الاستمتاع بها فإن كانت صغيرة لا يجامع مثلها وذلك معتبر بحالها واحتمالها لذلك، قاله القاضي وذكر أنهن يختلفن فقد تكون صغيرة السن تصلح وكبيرة لا تصلح، وحدّه أحمد بتسع سنين فقال في رواية أبي الحارث في الصغيرة يطلبها زوجها فإن أتى عليها تسع سنين دفعت إليه ليس لهم أن يحبسوها بعد التسع....، قال القاضي: هذا عندي ليس على التحديد وإنما ذكره لأن الغالب أن إبنة تسع يتمكن من الاستمتاع بها. ومتى كانت لا تصلح للوطء لا يجب على أهلها تسليمها إليه وإن ذكر أنه يحصنها ويربيها لأنه لا يملك الاستمتاع بها وليست له بمحل ولا يؤمن شره نفسه إلى مواقعتها فيفضها.
فنقول: بأنه لا دليل لديهم في هذه الفتاوى التي يمنعون بها تسليم الصغيرة لزوجها (بعد اعترافهم بأن العقد يوجب التسليم) إلا الرأي والاستذواق والاستحسان ودرء المفاسد فعللوا ذلك بأنه قد يجامعها فيفضها ونسوا أو تناسوا بأنها قد تفض وتعاب حتى بعد بلوغها التسع سنين أو أقل أو أكثر الذي أجازوا بل أوجبوا معه التسليم!! فما لكم كيف تحكمون!؟
ودمتم في رعاية الله