عقيل - الكويت
منذ 4 سنوات

 داود وسليمان (عليهما السلام) حكمهما حكم الله تعالى

(( وَدَاوُودَ وَسُلَيمَانَ إِذ يَحكُمَانِ فِي الحَرثِ إِذ نَفَشَت فِيهِ غَنَمُ القَومِ وَكُنَّا لِحُكمِهِم شَاهِدِينَ )) (( فَفَهَّمنَاهَا سُلَيمَانَ وَكُلا آتَينَا حُكمًا وَعِلمًا وَسَخَّرنَا مَعَ دَاوُودَ الجِبَالَ يُسَبِّحنَ وَالطَّيرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ )) هل هذه الآيات تدل على ان نبي الله داود ونبي الله سليمان (عليهما السلام) قد اختلفا بالحكم في غنم القوم فحكم الله بحكم نبيه سليمان ومن ثم اثنى على كليهما اذ قال: ( وكلا اتينا حكما وعلما) .. فهل نفهم من هذه الايات جواز الاختلاف بين مذاهب المسلمين ؟ وهل يوجد في السنة ان رجالا اختلفوا في فهم حكم قد اصدره النبي (صلى الله عليه وآله) وذهبوا اليه ليتبينوا فأثنا على كلا الفريقين؟


الأخ عقيل المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته في البداية لا يوجد اختلاف في الحكم، وكان الحكم واحداً في نفسه وكان مصوناً من الخطأ، لكنه مختلفاً من حيث كيفية الإجراء، وكان حكم سليمان أوثق وأرفق، وهذا الحكم يختص في باب القضاء أي قضية قضائية، والأنبياء لا يحكمون إلا في الأمور الواقعية والذي تقوله عن الاختلاف بين مذاهب المسلمين إنما يكون في الأحكام الشرعية التي هي من الاجتهاد الذي هو أحكام ظاهرية. ومن المعلوم أن لا معنى لحكم حاكمين في واقعة واحدة شخصية مع استقلال كل واحد منهما في الحكم ونفوذه. ومن هنا يظهر أن المراد بقوله: (( إِذ يَحكُمَانِ )) (الأنبياء:78)، على نحو حكاية الحال الماضية كأنهما أخذا في الحكم أخذاَ تدريجياً لم يتم بعد، ولن يتم إلا حكماً واحداً نافذاً. فكان الحكم حكماً واحداً اختلفا في كيفية إجرائه عملاً إذ لو كان الاختلاف في أصل الحكم لكان فرض صدور حكمين منهما بأحد وجهين إما يكون كلا الحكمين حكماً واقعياً لله ناسخاً أحدهما - وهو حكم سليمان - الآخر وهو حكم داود لقوله تعالى: (( فَفَهَّمنَاهَا سُلَيمَانَ )) (الأنبياء:79)، وأما يكون الحكمان معاً عن اجتهاد منهما بمعنى الرأي الظني مع الجهل بالحكم الواقعي وقد صدق تعالى اجتهاد سليمان فكان هو حكمه (الميزان - 13-14-ص27). وعلى أنك سمعت أن قوله تعالى: (( وَكُنَّا لِحُكمِهِم شَاهِدِينَ )) (الأنبياء:78)،لا يخلو من إشعار بل دلالة على أن الحكم كان واحداً. وقد وردت في روايات السنة والشيعة ما أجماله، إن داود حكم لصاحب الحرث برقاب الغنم، وسليمان حكم له بمنافعها في تلك السنة من ضرع وصوف ونتاج. وقيل: المقصود من التثنية هو حكم الحاكم والمحكوم لهم، وقيل لأن الأثنين جمع مثل قوله (( إِن كَانَ لَهُ إِخوَةٌ )) (النساء:11)، وهو يريد أخوين. مجمع البيان ج 7-8 ص 57. وقد روى في المقام - عن عبد الله بن يحيى عن ابن مسكان عن أبي بصير عن أبي عبد الله قال: كان في بني إسرائيل رجل له كرم ونفشت فيه غنم رجل آخر بالليل وقضمته وأفسدته فجاء صاحب الكرم إلى داود، فاستعدى على صاحب الغنم. فقال داود (عليه السلام) اذهبا إلى سليمان (عليه السلام) ليحكم بينكما فذهبا إليه، فقال سليمان (عليه السلام) إن كانت الغنم أكلت الأصل والفرع فعلى صاحب الغنم أن يرفع إلى صاحب الكرم الغنم وما في بطنها. وإن كانت ذهبت بالفرع ولم تذهب بالأصل، فإنه يدفع ولدها إلى صاحب الكرم وكان هذا حكم داود، وإنما أراد أن يعرّف بني إسرائيل إن سليمان وصيه بعده، ولم يختلفا في الحكم ولو أختلف حكمهما لقال: كنا لحكمهما شاهدين - تفسير القمي. أما الجواب عن الشطر الثاني من السؤال فلا يوجد لدينا في التراث الشيعي إن رجالا من الصحابة اختلفوا في فهم حكم أصدره النبي (صلى الله عليه وآله) وذهبوا إليه واثنا على الفريقين، لأن أحكام الله واحدة. بل ورد عندنا الكثير من الروايات التي تذم الأخذ بالرأي من دون الرجوع إلى علم من حجة وتجعله على حد الشرك بالله. ودمتم في رعاية الله

3