السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سورة طه الايه (94ـ 96) يقول تعالى: (( بسم الله الرحمن الرحيم * قال يابن أمَّ لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إنّي خشيت أن تقول فرَّقت بين بني إسرائيلَ ولم ترقب قولي * قال ما خطبك يا سامريّ * قال بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضةً من أثر الرَّسول فنبذتها وكذلك سوَّلت لي نفسي ))
السؤال الذي يراودني ليلاً ونهاراً هو : لماذا قال يابن أمَّ و لم يقل يأخى أو يا بن أبي ؟
و ما معنى (فقبضت قبضةً من أثر الرَّسول فنبذتها) ؟
ونسأل الله لكم التوفيق
الأخ أبا محمد المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
1- ورد في كتاب (علل الشرائع/ للشيخ الصدوق 1: 87 باب 58) عن العلة التي من أجلها قال هارون لموسى (عليهما السلام) يا بن أم, لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي ولم يقل يا بن أبي، بسنده عن علي بن سالم عن أبيه قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أخبرني عن هارون لم قال لموسى (عليه السلام) يا بن أم, لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي, ولم يقل يا بن أبي؟
فقال: (إن العداوات بين الاخوه أكثرها تكون إذا كانوا بين علات، ومتى كانوا بين أم قلت العداوات بينهم, إلاّ أن ينزع الشيطان بينهم فيطيعوه, فقال هارون لأخيه موسى: يا أخي الذي ولدته أمي ولم تلدني غير أمه لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي, ولم يقل يا بن أبي لأن بني الأب إذا كانت أمهاتهم شتى لم تستبعد العداوة بينهم إلاّ من عصمه الله منهم , وإنّما تستبعد العداوة بين بني أم واحدة)
قال: قلت له: فلم أخذ برأسه يجره إليه وبلحيته, ولم يكن له في اتخاذهم العجل وعبادتهم له ذنب؟
فقال: (إنما فعل ذلك به لأنه لم يفارقهم لما فعلوا ذلك ولم يلحق بموسى, وكان إذا فارقهم ينزل بهم العذاب, ألا ترى أنه قال له موسى: يا هارون ما منعك إذا رأيتهم صلوا ألا تتبعن أفعصيت أمري؟
قال هارون: لو فعلت ذلك لتفرقوا وإنّي خشيت أن تقول لي فرقت بين بني إسرائيل, ولم ترقب قولي)).
2- أمّا معنى قوله تعالى حكاية عن السامري: (( فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها )) (طه:96), جاء في: (الأمثل 10: 65): للمفسرين قولان مشهوران:
الأول: إن مراده هو: إنني رأيت جبرئيل على فرس عند مجيء جيش فرعون إلى ساحل البحر, يرغب ذلك الجيش في المسير في تلك الطرق اليابسة في البحر, وكان يسير أمامهم, فقبضت شيئاً من تراب قدمه أو مركبه وادخرته لهذا اليوم, فألقيته داخل العجل الذهبي, وما هذا الصوت إلاّ من أثر ذلك التراب الذي أخذته.
الثاني: إنني آمنت - بداية الأمر - بقسم من آثار الرسول (موسى), ثم شككت فيها فألقيتها بعيداً وملت إلى عبادة الأصنام, وكان هذا عندي أجمل وأحلى.
فعلى التفسير الأول فإن كلمة ((الرسول)) تعني جبرئيل , وعلى التفسير الثاني تعني موسى(عليه السلام), والأثر في التفسير الأول بمعنى تراب القدم, وفي الثاني يعني بعض تعليمات موسى (عليه السلام). و (نبذتها) على التفسير الأول بمعنى إلقاء التراب داخل العجل, وعلى الثاني ترك تعليمات موسى (عليه السلام).
ثم يقول صاحب الامثل: وعلى كل حال, فإن لكل واحد ومن هذين التفسيرين أنصاراً, وله نقاط واضحة أو مبهمة, لكن - كمحصلة نهائية - يبدو ان التفسير الثاني هو الأفضل والأنسب من عدة جهات , خاصة وأنّا نقرأ في حديث ورد في كتاب (الاحتجاج) أن أمير المؤمنين علياً (عليه السلام) لما فتح البصرة أحاط الناس به, وكان من بينهم (الحسن البصري) وقد جلبوا معهم ألواحاً يكتبون فيها ما يقوله أمير المؤمنين علي (عليه السلام), فقال أمير المؤمنين بأعلى صوته: (ما تصنع؟) قال: أكتب آثاركم لنحدّث بها بعدكم, فقال أمير المؤمنين(عليه السلام). (أمّا إن لكل قوم سامرياً, وهذا سامري هذه الأمة, إلا أنه لا يقول: لا مساس, ولكنه يقول: لا قتال).(الأمثل 10 : 65).
ودمتم في رعاية الله