مهدي - ايسلندا
منذ 4 سنوات

 النبي يعقوب(عليه السلام) والسائل

كيف فقد نبينا يعقوب (عليه السلام) البصر والانبياء لايكونوا فاقدي الكمال ؟ وشكرا


الأخ مهدي المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هناك احتمالان في قضية وقوع العمى على نبي الله يعقوب : من وقوع العمى التام أو ضعف البعد بحيث يصدق عليه العمى عرفاً: فلنا أن نقول: أولاً: أن العمى المذكور لم يكن المقصود منه العمى التام بل صيرورته بحيث لا يدرك إلا إدراكاً ضعيفاً ومقتضى الإدراك الضعيف وجود أصل البصر غايته لم يكن على ما كان عليه من قبل فقد ولده يوسف (عليه السلام). ويصح أن المراد من البيضاض من العين أو العمى هو غلبه البكاء عليه وعند غلبة البكاء يكثر الماء في العين فتصير العين كأنها أبيضت من بياض ذلك الماء ويكون ذلك منشأ لضعفها. إن القرآن لم يقل فعميت عيناه من الحزن فهو كظيم إنما قال فأبيضت عيناه لضعفها من الحزن والفرق بين عمى العين وبياضها واضح وظاهر إذ لا يستلزم بياض العين عماها بالمرة. نعم لازمه ضعفها عن النظر وقلة فاعليتها في مقام أداء الوظيفة فهذا مما لا شك فيه، ولا يرد عليه أن الله قال حكاية من حاله فيما بعد (فارتد بصيراً) لإمكانية حمل المعنى (ارتداده بصيراً) على جلاء البصر وعودته قوياً لا حمله على العودة بعد ذهاب أصل الرؤية. ثانياً: وان نحمل المعنى على عدم وجود عيب ظاهر في عيني النبي يعقوب (عليه السلام) بحيث يكون منفراً لأذواق الآخرين أو فاقداً لشيء من الكمال الموجب النقص في الخلقة المؤدي للاشمئزاز بمقتضى طباع الآخرين إذ بياض العين لا يستلزم تشويه الخلقة وإبراز عيوبها بخلاف طبيعة التكوين للعين بمنظرها المؤنس وشكلها الجذاب. ثالثاً: على القول بوقوع العمى التام : يمكن ان يكون أمر عدم التنفير بالنسبة للأنبياء مطلوب قبل بعثتهم أو أبان نبوتهم لاستقرار إيمان الخلق المؤمنين بنبوة النبي بعد ثبوته ومن المعلوم أن عمى سيدنا يعقوب (عليه السلام) أو ابيضاض عينيه بصورة أدق إنما كان بعد نبوته بزمان مما لا ضرر فيه عليه ، لعدم إيجابه النقص أو حصول التنفير بسببه. ثم إن موارد التنفير لا تجوز على الأنبياء كالبرص والجذام وغيرها، ولكن العمى أو ابيضاض العينين ليس منها، إذ لا يستلزم ما تستلزم ويمكن أن يكون أي العمى وابيضاض العينين من قبيل الأمراض والعلل التي يتعرض لها سائر الناس والأنبياء من جملتهم، فالمرض بجد نفسه غير ممتنع على الأنبياء أصابتهم به، ولعل قول إبراهيم (عليه السلام) دال عليه بوضوح (وإذا مرضت فهو يشفين) وهذا لا مساس له بنقص أو كمال أو عيب وسوء. ونقرء في مخزوننا الروائي أن رسولنا الأكرم (صلى لله عليه وآله) كسرت رباعيته في معركة أحد وشجت جبهته الشريفة ولم يلزم من ذلك القول بأن فيه عيب منفر او نقصٌ ظاهرٌ إنما هو: كمالات مضافة وفيوضات متجددة إذا صح التعبير. ومحصل ما يقال هو القول بعدم إيجاب العمى أو ابيضاض العين الذي أصيب به سيدنا يعقوب (عليه السلام) للنقص أو فقدان الكمال أو العيب الملازم عادة للتنفير الممتنع على أنبياء الله صلوات الله عليهم جميعاً. ودمتم في رعاية الله

1