مهدي - ايسلندا
منذ 4 سنوات

 النبي يعقوب(عليه السلام) والسائل

السلام عليكم الانبياء معصومون ولكن كيف نفسر رد يعقوب عليه السلام السائل ولم يطعمه مع انه المفروض مطلع وشاهد على العباد؟


الأخ مهدي المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ورد في ذلك رواية رواها الصدوق في (علل الشرائع) عن الثمالي عن الإمام زين العابدين(عليه السلام): ((قال صليت مع علي بن الحسين (عليه السلام) الفجر بالمدينة يوم الجمعة فلما فرغ من صلاته وسبحته نهض إلى منزله وأنا معه فدعا مولاة له تسمى سكينة فقال لها: لا يعبر على بابي سائل إلا أطعمتموه فإن اليوم يوم الجمعة، قلت له، ليس كل من يسأل مستحقاً؟ فقال: يا ثابت أخاف أن يكون بعض من يسألنا محقاً فلا نطعمه ونرده فينزل بنا أهل البيت ما نزل بيعقوب وآله، أطعموهم أطعموهم، أن يعقوب كان يذبح كل يوم كبشاً فيتصدق منه ويأكل هو وعياله منه، وأن سائلاً مؤمنا صواما محقاً له عند الله منزلة وكان مجتازاً غريباً اعثر على باب يعقوب عشية جمعة عند أوان افطاره يهتف على بابه، اطعموا السائل المجتاز الغريب الجائع من فضل طعامكم، يهتف بذلك على بابه مراراً وهم يسمعونه، وقد جهلوا حقه ولم يصدقوا قوله، فلما يئس ان يطعموه وغشيه الليل استرجع واستعبر وشكا جوعه إلى الله عز وجل... فأوحى الله عز وجل إلى يعقوب في صبيحة تلك الليلة: لقد أذللت يا يعقوب عبدي ذلة استجررت بها غضبي واستوجبت بها أدبي ونزول عقوبتي وبلواي عليك وعلى ولدك.. الرواية (علل الشرائع، باب 41 ص61). ومن الواضح حسب ظاهر الرواية أن الذي لم يطعم السائل كان عيال نبي الله يعقوب (عليه السلام) بدلالة ضمائر الجمع وبقرينة التشبيه الذي عناه الإمام (عليه السلام) عندما سأله أبو حمزة الثمالي. هذا مع أن الأدلة العقلية والنقلية قامت على عصمة الأنبياء فما يرد من طريق النقل القابل للتأويل يؤول على طبق القاعدة. وهنا ما وقع من نبي الله يعقوب (عليه السلام) كان قد ترك الأولى حيث لم يحرص على استقصاء السائلين ببابه كما هو صريح ما في الرواية من استقصاء زين العابدين (عليه السلام) وخشيته من وقوع الغفلة عن سائل محتاج فيصيبه وأهل بيته ما أصاب يعقوب (عليه السلام) وأهله. ثم إن ما وقع من البلاء على ما ورد في الرواية ليس العقوبة الأخروية على المعصية بل هو الأثر التكويني لترك الأولى وقد كان ضياع يوسف وما تلاه من ابتلاء ليعقوب وأهله. ونحن نلتزم بوجود الآثار التكوينية للأفعال حتى ترك الأولى ولا نمنع وقوع الأثر التكويني على الأنبياء،والأمثلة كثيرة في ذلك وهذا غير مناف للعصمة فلاحظ. وهناك ملاحظات: أ- أنه لا يمكن التسليم لدعوى اطلاع النبي ليعقوب (عليه السلام) ومشاهدته للعباد في جميع الأمور التفصيلية حتى ما لم يتعرض له مضافاً إلى عدم التزامنا بمعرفة ما كان وما يكون وما هو كائن بالنسبة للأنبياء(عليهم السلام) كما نثبته للأئمة (عليهم السلام). ب- أن ما وقع من نبي الله يعقوب (عليه السلام) على وجه ترك الأولى ونحن لا ننفيه عن الأنبياء، وليس فيه حكم تكليفي حتى تصدق المعصية. ودمتم في رعاية الله

2