السلام عليكم
﴿وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا﴾
(سورة الزمر، الآية ٧٣)
ما معنى كلمة زمر في أية الكريمة؟
وأيضًا في الآية: ﴿وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا﴾؟
وعليكم السلام ورحمة اللّٰه وبركاته
مرحباً بكم في تطبيقكم المجيب
جاء في تفسير الأمثل للشيخ مكارم الشيرازي، ج ١٥، ص(١٦٦-١٦٧):
استعمال عبارة (سيق) (والتي هي من مادة (سوق) على وزن (شوق) وتعني الحث على السير).
أثار التساؤل، كما لفت أنظار الكثير من المفسرين، لأن هذا التعبير يستخدم في موارد يكون تنفيذ العمل فيها من دون أي اشتياق ورغبة في تنفيذه، ولذلك فإن هذه العبارة صحيحة بالنسبة لأهل جهنم، ولكن لِمَ استعملت بشأن أهل الجنة الذين يتوجهون إلى الجنة بتلهف واشتياق؟
قال البعض: إن هذه العبارة استعملت هنا لأن الكثير من أهل الجنة ينتظرون أصدقاءهم.
والبعض الآخر قال: إن تلهف وشوق المتقين للقاء البارئ (عزَّ وجلَّ) يجعلهم يتحينون الفرصة لذلك اللقاء بحيث لا يقبلون حتى بالجنة.
فيما قال البعض: إن هناك وسيلة تنقلهم بسرعة إلى الجنة.
مع أن هذه التفسيرات جيدة ولا يوجد أي تعارض فيما بينها، إلا أن هناك نقطة أخرى يمكن أن تكون هي التفسير الأصح لهذه العبارة، وهي مهما كان حجم عشق المتقين للجنة، فإن الجنة وملائكة الرحمة مشتاقة أكثر لوفود أولئك عليهم، كما هو الحال بالنسبة إلى المستضيف المشتاق لضيف والمتلهف لوفوده عليه إذ أنه لا يجلس لانتظاره وإنما يذهب لجلبه بسرعة قبل أن يأتي هو بنفسه إلى بيت المستضيف، فملائكة الرحمة هي كذلك مشتاقة لوفود أهل الجنة.
والملاحظ أن (زمر) تعني هنا المجموعات الصغيرة، وتبين أن أهل الجنة يساقون إلى الجنة على شكل مجموعات مجموعات كل حسب مقامه.
وجاء أيضاً في نفس التفسير، ج١٥، ص(١٦٢):
﴿وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمراً﴾
فمن الذي يسوقهم إلى جهنم؟
كما هو معروف فإن ملائكة العذاب هي التي تسوقهم حتى أبواب جهنم، ونظير هذه العبارة ورد في الآية (٢١) من سورة (ق)، إذ تقول: ﴿وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد﴾.
عبارة "زمر" تعني الجماعة الصغيرة من الناس، وتوضح أن الكافرين يساقون إلى جهنم على شكل مجموعات مجموعات صغيرة ومتفرقة.
و "سيق" من مادة (سوق) وتعني (الحث على أسير).(انتهى).
والفرق بين السياقين يكمن في أن سوق المؤمنين إلى الجنة يكون برفق وإحترام وترحاب، كتكريم لهم لما عملوا من خير وإتّباع لأوامر الله، بينما سوق الكافرين إلى جهنم يكون بالإكراه وبصورة مهينة.
ودمتم في رعاية الله وحفظه.