ابو محمد الخزرحي - الكويت
منذ 5 سنوات

 النبي محمد (صلى الله عليه وآله) أفضل الخلق أجمعين

أقول: أولاً: هل القضاء على ظاهرة عدم الزواج بزوجات الأدعياء أو بالأصح بمُطلّقات الأدعياء لا يكون إلا من خلال انتزاع الزوجة منه بهذه الصورة البشعة؟ ألا يستطيع أن يُنزل الله حُكماً خطابيّاً قرآنيّاً في ذلك دون الحاجة إلى تطبيق عملي يُثير الريبة؟ بعبارة أُخرى: هل توقّف إبطال هذا الحُكم على نزع زوجة الرجل منه؟ (حبكت يعني)!!! لأن البعض يقول أنه انتزعها منه لشهوة جنسيّة مُستدلّاً ببعض الروايات التي تحكي القصّة, ويقول هذا البعض أن القضيّة لم تكن قضيّة إنشاء حُكم شرعي (إبطال حُكم عدم التزوّج بمُطلقات الأدعياء), بل كانت القضيّة أن مُحمداً أُعجِب بهذه المرأة وأرادها له, ولكنه كان مُحرجاً من التصريح بذلك, فاصطنع هذه القصّة للتغطية على هذه الحقيقة ونسبها إلى الله ليظهر بالمظهر الحسن. إذ لو كانت القضيّة هي إنشاء حُكم شرعي, فيُكتفى بنزول آية تُصرّح بذلك دون الحاجة إلى التطبيق العملي بالزواج منها, فدل ذلك أن القضيّة كانت قضيّة جنسيّة بحتة, وهذا مطعن قوي جداً ينسف أصل النبوّة والإسلام, إذ يصوّر النبي (ص), بأنه شخص شهواني استقلالي يقوم بتأليف الآيات القرآنية اتباعاً لشهواته, أو يصوّر أن الله يتبع شهوات النبي (ص) بحيث يرضيه على حساب مصالح الغير, فهم يصوّرون الله أنه يُدمّر الحياة الزوجيّة لزيد بن حارثة إرضاءاً لرغبات النبي (ص) الجنسيّة, ورب مثل هذا لا يكون رباً. فيلزمكم حسب هذا التفسير أحد أمرين: أ‌- إما أن يكون النبي (ص) ليس نبيّاً يقوم بتأليف كتاب يوافق أهوائه الجنسيّة وينسبه إلى الله كذباً. ب‌- أو يكون الله ظالماً يُدمّر الحياة الزوجيّة لرجل إرضاءاً لشخص آخر, والرب الظالم ليس رباً, وبالتالي نبيّه ليس نبيّاً. وبكلا الحالتين يبطل الدين الإسلامي, ففي الحالة الأولى تبطل النبّوة, وفي الحالة الثانيّة تبطل الربوبيّة والنبوّة معاً. ثانياً: طيّب لماذا أعرض زيد بن حارثة عن زوجته؟ ألستم تروون أنه أعرض عنها إرضاءاً للنبي (ص)؟! معنى ذلك أن شهوة وإعجاب النبي (ص) بزوجة زيد جعل زيداً يرغب عن زوجته, وبهذا يكون النبير(ص) سبباً في تدمير الحياة الزوجيّة لرجل مسكين ذنبه الوحيد أنه كان مُحباً للنبي (ص) ومُصدقاً لنبوّته! واللوم ههُنا لا يرجع للنبي (ص) وحده, بل يرجع إلى زيد الذي سكت عن مُحمّد الذي تغزّل بزوجته وأُعجب فيها حسب رواياتكم, فلو كان لهذا الرجل (زيد) ذرة غيرة لما سكت عنه, بل إن أي شخص شريف يحصل معه هذا الموقف سوف يقوم ببغض هذا الرجل والتشهير به وسيقوم بدعوة الناس إلى إبطال نبوّته. فتخيّل أن يأتي رجل يدّعي أنه نبيّ من الله ويدّعي الشرف والغيرة والعِفة والتقوى يتغزّل بزوجتك ويُعجب فيها ويبلغك هذا الأمر الخطير, فأوّل ما يخطر ببالك أن هذا الرجل ليس نبيّاً لأنه لم يراعِ العِفة والتقوى والأخلاق. نستطيع أن نقول أن النبي (ص) [حسب هذا التصّور] أول من سن في الإسلام سُنة (المُعاكسات = المغازل) حسب رواياتكم المخزية! ثالثاً: ثم تقولون أن النبي (ص) (الشريف العفيف طبعاً) قال لزيد اتق الله وأمسك عليك زوجك! طيّب. لماذا لا يُقال للنبي (ص) نفسه (اتق الله ولا تُعاكس ولا تُغازل زوجات الآخرين)؟! ثم إن النبي (ص) ههُنا يتظاهر بالطيبة والعِفة, فهو من داخله (حسب القرآن) مُعجب بزينب, ولكنه يتظاهر بالطيبة والعِفة. إذن قضيّة (أمسك عليك زوجك) هي عبارة عن تصنّع للأخلاق, إذ لو قبِل النبي (ص) طلاقه زيد لزوجته فوراً لظهر بمظهر سيئ يصوّره بأنه شخص اسقلالي متلهّف على الزواج من زوجة زيد ! رابعاً: نعم لا غضاضة بالزواج من مُطلقة, ولكن الغضاضة أن يحصل انتزاع لهذه المُطلقة من زوجها ثم الزواج منها كما حصل في قصة زواج النبي (ص) من طليقة زيد بن حارثة, بل ما يزيد الأمر سواءاً المُغازلة التي قام بها النبي (ص) لإمرأة أجنبيّة وعدم غضه لبصره! نعم هذه هي الغضاضة. خامساً: لأكن صريحاً معك, هذه القصص شككتنا بأصل النبوّة والإسلام, ولا يُمكن إنكارها لثبوت أصلها في القرآن المُدّعى تواتره وقطعيّة صدوره والمُدعّم بعِدة روايات تفسيريّة صحيحة عند المؤالف والمُخالف, فلا يوجد عاقل يقبل أن يصوّر نبيّه بهذا الشكل, ولست وحدنا من نقول ذلك, بل اعترف أكابر عُلمائنا بذلك, وبما أننا من الشيعة سنورد ما قاله السيد المُرتضى (المحسوب علينا) بهذا الخصوص. قال السيّد المُرتضى في كتابه تنزيه الأنبياء ما نصّه عند تعليقه على بعض الروايات الحاكية لقصة زواج النبي (ص) من زينب بنت جحش: [لم نُنكر ما وردت به هذه الرواية الخبيثة من جهة أن فعل الشهوة يتعلق بفعل العباد وأنها معصية قبيحة, بل من جهة أن عشق الأنبياء عليهم السلام لمن ليس يحل لهم من النساء منفر عنهم وحاط من مرتبتهم ومنزلتهم, وهذا مما لا شبهة فيه, وليس كل شئ يجب أن يجتنبه الأنبياء صلى الله عليه وآله مقصورا على أفعالهم . ألا ترى أن الله تعالى قد جنبهم الفظاظة والغلظة والعجلة, وكل ذلك ليس من فعلهم, وأوجبنا أيضا أن يجتنبوا الأمراض المنفرة والخلق المشينة كالجذام والبرص وتفاوت الصور وأضطرابها, وكل ذلك ليس من مقدورهم ولا فعلهم . وكيف يذهب على عاقل أن عشق الرجل زوجة غيره منفر عنه معدود في جملة معائبه ومثالبه, ونحن نعلم أنه لو عرف بهذه الحال بعض الأمناء والشهود لكان ذلك قادحا في عدالته وخافضا في منزلته, وما يؤثر في منزلة أحدنا أولى من أن يؤثر في منازل من طهره الله وعصمه وأكمله وأعلى منزلته . وهذا بين لمن تدبره .]. راجع ص158. قلت: هنا يعترف المُرتضى أن فعل النبي (ص) على ما تصوّره الروايات التي وصفها أنها (خبيثة): أولاً: مُنفّر. ثانيّاً: حاط من مرتبته ومنزلته. ثالثاً: معدود في جُملة معائبه ومثالبه. رابعاً: قادحٌ في عدالته وخافضٌ من منزلته. ومن كانت هذه صفاته فليس بنبي! وأخيراً, نتمنى منكم الإجابة على هذه الانتقادات والإشكالات بدون عاطفة وخلفيّات مُسبقة.


الأخ أبا محمد المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إن اعداء الاسلام وأعداء النبي صلى الله عليه وآله الذين نقلت قولهم أو تبنيته يبحثون عن الذرائع ليلصقوا المعائب والقبائح بالدين الاسلامي وبنبيه الكريم صلى الله عليه وآله، فدأب هؤلاء وديدنهم هو الإساءة إلى الرسول محمد صلى الله عليه وآله بتتبع بعض الروايات والاخبار التي يفسرونها طبقا لأهوائهم وتبعا لنفوسهم المريضة الملئية بالأحقاد على اسلام ونبيه العظيم وعلى القرآن الكريم الذي فضح أفعالهم وأنكر تصرفاتهم الخرقاء مع أنبياء بني إسرائيل وقتلهم لهم ومحاربتهم للحق وتزويرهم للكتب السماوية وتلاعبهم بتراث الأولياء والصالحين حتى نسبوا إلى عيسى عليه السلام انه متولد من رجل وافتروا على مريم بهتنانا عظيما ... المزید فهؤلاء أهون من أن يعتنى بقولهم وكنا قد أجبنا على كثير من الإشكالات التي طرحوها في مواضع متفرقة من صفحتنا العقائدية، ولكن سنرد باختصار على هذا الإشكال الذي يتعلق بموضوع زواج النبي صلى الله عليه وآله بزينب بنت جحش بعد طلاقها من زيد بن حارثة. يجب أن تفهم قبل كل شيء ان الغرض من هذا الزواج هو نقض عادتين خرافيتين من عادات الجاهلية، إحداهما: الاشمئزاز والاستنكاف من تزويج مولى من الموالي بامرأة حرة، وثانيهما: اعتبار كون الأدعياء أبناء وكون أزواجهم في حكم أزواج البنين. فالشيء الذي لم يتطرق إليه هذا المستشكل في قضية زواج زينب بنت جحش من زيد بن حارثة ان زينب قد استشارت النبي صلى الله عليه وآله في التزويج، وأمرها النبي بالتزويج من زيد، فكرهت هي وأختها ذلك وقالت: إنه عبد ونحن كذا وكذا (فزينب هي ابنة عم رسول الله صلى الله عليه وآله)، فلو كان النبي صلى الله عليه وآله يهواها ويرغب فيها تلك الرغبة التي وصفها كاتب الاشكال لكان قد تزوج من ابنة عمته زينب منذ البداية وانتهى الأمر، ولما كان قد أمرها بالتزويج من زيد بن حارثة، وحينما اختلف زيد مع زوجته زينب مخاصما لها واراد طلاقها وعظه النبي صلى الله عليه وآله وقال له: (لا تطلقها واتق الله في مفارقتها) فلو كان النبي مثلما يزعمون -وخسأوا فيما يزعمون- يرغب في زينب تلك الرغبة الشهوانية لما نصحه بعدم طلاقها ولرحب بهذه الخطوة أو على الأقل تركه وشأنه ليقرر ما يريد بشأنها من دون أن ينصحه بشيء. ورد عن أبي جعفر عليه السلام في قوله : (( وَمَا كَانَ لِمُؤمِنٍ وَلَا مُؤمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِن أَمرِهِم )) (الاحزاب:36) وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله خطب على زيد بن حارثة زينب بنت جحش الأسدية من بني أسد بن خزيمة وهي بنت عمة النبي صلى الله عليه وآله, فقالت : يا رسول الله حتى أؤامر نفسي فانظر, فأنزل الله (( وَمَا كَانَ لِمُؤمِنٍ وَلَا مُؤمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ .. )) فقالت : يا رسول الله أمري بيدك فزوجها إياه فمكثت عند زيد ما شاء الله, ثم إنهما تشاجرا في شئ إلى رسول الله فنظر إليها النبي صلى الله عليه وآله فأعجبته فقال زيد : يا رسول الله تأذن لي في طلاقها فان فيها كبرا وانها لتؤذيني بلسانها, فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : اتق الله وامسك عليك زوجك وأحسن إليها, ثم إن زيدا طلقها وانقضت عدتها فأنزل الله نكاحها على رسول الله فقال : (( فَلَمَّا قَضَى زَيدٌ مِنهَا وَطَرًا زَوَّجنَاكَهَا )) (الاحزاب:37) الحديث (تفسير القمي - علي بن إبراهيم القمي - ج 2 - ص 194). ثم لنشر إلى حقيقة تاريخية وهي أن اعداء الاسلام من اليهود والمنافقين قد اتخذوا من قضية تزويج زينب بزيد ذريعة للمس بالنبي والاساءة إليه منذ صدر الرسالة وليست القضية الذي يتضمها هذا الإشكال وليدة اليوم أو الساعة، بل هي امتداد تاريخي لسجل الاساءات ضد النبي صلى الله عليه وآله، فهؤلاء المعاصرون ينسجون على منوال آبائهم وأجدادهم مع تغيير طفيف وخاصة في منهج صياغة الإشكالات ضد الاسلام ونبيه، ولكي يتضح لكم أن الإشكال المذكور هنا هو قديم - جديد سنذكر ما أورده الطبرسي في تفسير مجمع البيان من أن قوله تعالى: (( وَمَا جَعَلَ أَدعِيَاءَكُم أَبنَاءَكُم  )) (الاحزاب:4): نزلت في زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي، من بني عبد ود، تبناه النبي صلى الله عليه وآله وسلم قبل الوحي، وكان قد وقع عليه السبي، فاشتراه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بسوق عكاظ. فلما نبئ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دعاه إلى الاسلام فأسلم، فقدم أبو حارثة مكة، وأتى أبا طالب وقال: سل ابن أخيك فإما أن يبيعه وإما أن يعتقه. فلما قال ذلك أبو طالب لرسول الله, قال: هو حر فليذهب حيث شاء. فأبى زيد أن يفارق رسول الله صلى الله وآله وسلم فقال حارثة: يا معشر قريش ! اشهدوا أنه ليس ابني. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اشهدوا أنه ابني - يعني زيدا - فكان يدعى زيد بن محمد. فلما تزوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم زينب بنت جحش فكانت تحت زيد بن حارثة, قالت اليهود والمنافقون: تزوج محمد امرأة ابنه, وهو ينهى الناس عنها . فقال الله سبحانه: ما جعل الله من تدعونه ولدا وهو ثابت النسب من غيركم ولدا لكم . (( ذلكم قولكم بأفواهكم )) أي : إن قولكم الدعي ابن الرجل شئ تقولونه بألسنتكم لا حقيقة له عند الله تعالى (تفسير مجمع البيان - الشيخ الطبرسي - ج 8 - ص 119). أما ما ذكره المستشكل زاعما أن السيد المرتضى ينكر ماورد من قصة زينب ويصف الروايات التي تتعرض لذكرها بالخبيثة فإنه تدليس، لأن السيد المرتضى لا يتكلم عن قصة زينب وتزويجها زيد بن حارثة كما وردت في الروايات الصحيحة بل هو بصدد رد رواية ضعيفة ورد فيها ان النبي صلى الله عليه وآله قد عشق زينب أو هواها، وسننقل لك ما ورد قبل هذا الاقتباس الذي دلسه هذا المستشكل الخبيث: قال السيد المرتضى في (تنزيه الأنبياء - الشريف المرتضى - ص 157) فإن قيل: فما المانع مما وردت به الرواية من أن رسول الله صلى الله عليه وآله رأى في بعض الأحوال زينب بنت جحش فهواها فلما ان حضر زيد لطلاقها اخفى في نفسه عزمه على نكاحها بعده وهواه لها, أو ليس الشهوة عندكم التي قد تكون عشقا على بعض الوجوه من فعل الله تعالى وأن العباد يقدرون عليها؟ وعلى هذا الوجه يمكنكم انكار ما تضمنه السؤال. قلنا : لم ننكر ما وردت به هذه الرواية الخبيثة من جهة أن فعل الشهوة يتعلق بفعل العباد وأنها معصية قبيحة, بل من جهة أن عشق الأنبياء عليهم السلام لمن ليس يحل لهم من النساء منفر عنهم وحاط من مرتبتهم ومنزلتهم, وهذا مما لا شبهة فيه, وليس كل شئ يجب ان يجتنبه الأنبياء صلى الله عليه وآله مقصورا على افعالهم... الخ. وعليه فجميع ما ذكره من الاعتراضات التي بناها على هذا التدليس لا موضوع له، فالإشكال قد تمت صياغته طبقا لعبارات متفرقة مقتطعة عن سياقها، والغرض هو ذات الغرض القديم: الإساءة إلى النبي الكريم صلى الله عليه وآله. ودمتم في رعاية الله

2