السلام عليكم، انا تكثر عندي الافكار الانتحارية كل يوم افكر بالانتحار لدرجة وصلت الي اني اعزم على الانتحار بوقت معين ولكن اتراجع فيما بعد ،لا استطيع الذهاب الى طبيب نفسي ، ولا استطيع التحدث مع احد افراد عائلتي لانهم غير متفهمين ، ماذا افعل؟ فأنا اشعر بالكره اتجاه كل شيء واتجاه الجميع حتى عائلتي ونفسي ووصلت لمرحلة لا استطيع البكاء ولا اعلم السبب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ابنتي العزيزة، رزقكم الله السكون والطمأنينة والعافية والزيادة في الإيمان.
أشعر بشدة لما تمرون به الآن، وأنتم لستم وحدكم في هذا الشعور، بل قد يُصيب الكثير من الناس، لكن أريد أن أؤكد لكم أن هناك دائمًا أمل وفرصة للتغيير والشفاء. ففي البداية، من المهم أن تعرفوا أن الأفكار الانتحارية هي أفكار مؤقتة قد تكون ناتجة عن ضغوط نفسية شديدة، ويمكن أن تتغير عندما تجد الدعم المناسب. وقد تكون نتيجة التأثر بقصة خيالية من فلم أو مسلسل أو لعبة أو ماشابه ذلك، حتى زرعت في عقلكم الباطن ذلك، أو بسبب الشعور في وقتكم الحالي بالعزلة والضعف، لكن هناك طرقًا يمكن أن تساعدكم على تخطي هذه اللحظات الصعبة، وهي:
1. إدراك أهمية طلب المساعدة:
من المهم أن تتذكروا أن طلب المساعدة لا يعني الضعف، بل هو خطوة قوية نحو الشفاء. إذا كنتم لا تستطيعوا الذهاب إلى طبيب نفسي، أو التحدث مع أحد أفراد عائلتكم، يمكنك البحث عن دعم خارجي بشكل آخر:
التحدث مع شخص موثوق، كصديقةٍ من جنسكم أنثى كأستاذة ذات دين وإيمان وتقوى وتجربة وخبروية في الحياة، فهي قد تكون أكثر تفهمًا من العائلة، وحاولوا أن تفتحوا لها قلبكم، حتى لو كنتم تشعر بأنكم لا تستطيعوا البكاء.
2. ابدؤا بخطوات صغيرة للتركيز على اللحظة الحالية:
عندما تشعرون بالضيق أو الغضب أو الحزن الشديد، من المفيد أن تحاولوا أن تبقوا مركزين في اللحظة الحالية بدلاً من التفكير في المستقبل، أو التفكير في الأمور التي قد تزعجكم. فتقنيات التنفس العميق أو حتى التأمل يمكن أن تساعد في تهدئة عقلك وتقليل التوتر.
فالتنفس العميق: حاولوا أن تأخذوا نفساً عميقاً عبر الأنف، احتفظوا به لثوانٍ قليلة، ثم أخرجوا الهواء ببطء من فمك. كرروا ذلك لعدة مرات، وحاولوا أن تركز على أنفاسكم فقط.
وأما الكتابة: فإذا كان لديكم صعوبة في التعبير عن مشاعركم شفهيًا، حاولوا الكتابة عن ما تشعرون به، فإن الكتابة أحيانًا تكون منفذًا للتعبير عن الألم الداخلي.
3. محاولة تغيير النظرة تجاه الحياة:
قد تجدون الصعوبة في العثور على الهدف أو المعنى في الحياة في الوقت الحالي، ولكن من المفيد أن تحاولوا أن تكتشفوا أو تعيدوا اكتشاف الأنشطة الصغيرة التي تمنحكم بعض السعادة أو التخفيف من حدة الألم، مثل:
المشي في الطبيعة: أحيانًا يمكن أن يكون التنقل في الخارج والنظر إلى السماء أو الأشجار وسيلة جيدة لتغيير المزاج.
وكذا الأنشطة الإبداعية: الرسم، الخياطة، التطريز، صنع لعب للأطفال، ابتكار فكرة معينة ولو مستوحاة من الغير، ولكنكم تصنعونها خارجاً، أو أي نوع من التعبير الإبداعي قد يساعد في تخفيف التوتر، وزيادة الاعتزاز بالنفس، ومحبة الذات والوثوق بها، وعدم هدرها جزافاً.
4. التعامل مع الأفكار الانتحارية:
إذا شعرتم بتزايد الأفكار الانتحارية، فإن هناك بعض الخطوات التي يمكنك اتخاذها فورًا:
أولاً: أوقفوا التفكير: حاولوا أن تقاطعوا الأفكار الانتحارية بمجرد أن تبدؤا في التفكير بها، ويمكنكم فعل ذلك عبر التغيير السريع للنشاط أو حتى ببساطة القيام بشيء فيزيائي، مثل غسل وجهك أو تغيير مكانك.
ثانياً: الاتصل بشخصٍ: حتى لو كان الأمر صعبًا، حاولوا أن تتصلوا بشخصٍ قريبٍ منكم، فقد تكون تلك اللحظات هي الفارق بين البقاء أو اتخاذ خطوة مدمرة.
ثالثاً: الخطوة الساخنة: في حال شعرتم بأنكم في خطر حقيقي، حاولوا تبديل المكان والحال، ولو بتمزيق ورقة وكسر عودٍ، أو رفع الصوت بالصياح للأم أو الأب واحتضانهم.
5. تعزيز الإيمان بالله تعالى، والثقة به:
الإيمان بالله يعالج جميع المشاكل، كالمشاكل النفسية والخارجية وكل شيء، فقد تجدون القوة في التذكير بأن الله معكم في كل لحظة، وأنه لا يوجد موقف في الحياة لا يمكن أن يُحسن بالإيمان والصبر. وفي هذه اللحظات، يمكن أن تساعد الدعاء والتسليم لله في تهدئة القلب وتخفيف الألم.
ولذا يجب الاستغفار وطلب العون من الله، ويمكن أن يساعدكم في مواجهة مشاعرك السلبية. “إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا” (الشرح: 6)، هذه الآية تذكرنا بأن بعد كل ألم، هناك فرج. أضف أن الدعاء يعطيكم حالةً من الروحية والبهجة واللذة التي لا تقاس بها لذة.
6. العمل على بناء شبكة دعم تدريجيًا:
حتى لو كنتم تجدون صعوبة في التحدث مع أفراد عائلتكم، يمكنكم العمل تدريجيًا على بناء شبكة دعم خارجية. فقد يكون التواصل مع مجموعات دعم مثل مجموعات حفظ القرآن الكريم، ومجموعات الدورات التدريبية التي تطور المهارات، أو ما شابه ذلك مما ترونه مناسباً لعمركم، أو الانضمام إلى منتديات تركز على الصحة النفسية مكانًا جيدًا لمشاركة تجربتك والحصول على النصائح والدعم من أشخاص مروا بتجارب مشابهة.
٧- عليكم بقراءة القصص للأولياء:
قراءة قصص الأنبياء والصالحين والأئمة عليهم السلام، يعطي قوة كبيرة للنفس، وطاقة إيجابية لها، ويشعر النفس بمحبة الاقتداء بهم في صبرهم وشجاعتهم وتسليمهم. وكذا قراءة روايات أهل البيت عليهم السلام لها دور كبير في تنشيط النفس وشفائها من جميع الأمراض.
٨- الغذاء العاطفي:
حاولوا بكل جهدكم على الأخذ بالقسط الكبير من الغذاء العاطفي من الأبوين، أو من الأخوة، أو من أحدى قريباتكم، أو ممن ترجعون إليها في استشاراتكم ومصدر ثقتكم، ففي الغذاء العاطفي وخصوصاً من الأبوين دعم كبير للنفس وراحة لها.
٩- الدعاء والمناجاة وزيارة المعصومين عليهم السلام مع البكاء:
هذا علاج عجيب وفعال، وهو التوجه لله والتضرع إليه، والبكاء بين يديه، وكذا زيارة المعصومين وخصوصاً سيد الشهداء عليهم السلام بزيارة عاشوراء والبكاء، لها أسرار عجيبة وتكون قاضية لجميع الحاجات، جرّبوها وستجدون مفعولاً عجيباً لأثر الدعاء والزيارة حتى من البعد.
وأخيراً:
أنتم أقوياء لأنكم على قيد الحياة الآن، وأنتم تتراجعون عن الأفكار الانتحارية على الرغم من وجودها في ذهنكم. هذه خطوة مهمة جدًا نحو الشفاء. فلا تيأسوا، التغيير لا يحدث بين عشية وضحاها، لكنه ممكن، ومع الدعم المناسب والصبر، يمكنك التغلب على هذه الفترة الصعبة.
فإذا كنتم تشعرون بأي وقت بأن الوضع أصبح خارج عن سيطرتكم، تذكروا دائمًا أن هناك أملًا وأن الناس مستعدون لمساعدتكم، حتى لو لم يكن الأمر واضحًا الآن.
أنتم مهمين ومبنيين لشيء عظيم في الحياة، حتى قيل: إن لم يكن لك أمل في الحياة، فأنتم أمل في حياة إنسان آخر.
والحمد لله اللطيف بعباده.