logo-img
السیاسات و الشروط
سيد عدنان - البحرين
منذ 5 سنوات

 النبي محمد (صلى الله عليه وآله) أفضل الخلق أجمعين

عندما يقال بأنّ نبيّنا محمّد(صلّى الله عليه وآله وسلّم) هو الصادر الأوّل، فالسؤال المنطقي يقول: لماذا كان هو دون غيره؟ فيقال: بأنّ قابليته هي التي أهلته لذلك المقام، فالسؤال هو: أليس هو لم يكن شيئاً قبل ذلك؟ فالعبارة هذه يفهم منها أنّه كان موجوداً قبل الخلقة، فنرجو منكم توضيح هذا المطلب. ولكم خالص الشكر


الأخ سيد عدنان المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. يجاب على سؤالكم بنحوين, كلّ منهما يصلح أن يكون جواباً مستقلاً في المقام: الأوّل: إنّ الله عزّ وجلّ ومن منطلق علمه الذاتي والأزلي كان يعلم بأنّ الرسول(صلّى الله عليه وآله وسلّم) سيصل بجدّه وجهده في عالم الدنيا إلى المرتبة القصوى بين الممكنات بعد إعطائه الخيار والاختيار من جانب الباري تبارك وتعالى, فعلم الله عزّ وجلّ وإن كان مقدّماً ولكن التطبيق كان متأخّراً. وبعبارة واضحة: إنّ الله عزّ وجلّ كان يعلم بوفاء نبيّنا(صلّى الله عليه وآله وسلّم) في عالم الوجود بكافة المتطلبات التي تؤهله لهذا المنصب الإلهي, وعليه فأعطاه تلك المرتبة السامية بسبب علمه المسبق على الإعطاء, فالنتيجة أنّ كافّة المواهب المعطاة هي ناتجة ومكافئة على سلوك وسيرة النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) في الدنيا وإن أعطيت من قبل. ولا يخفى أنّ هذه النظرية قابلة للتأييد بنصوص روائية, وعلى سبيل المثال: ورد في فقرات من دعاء الندبة هكذا: ( ... المزید اللّهمّ لك الحمد على ما جرى به قضاؤك في أوليائك، الذين استخلصتهم لنفسك ودينك، إذ اخترت لهم جزيل ما عندك من النعيم المقيم، الذي لا زوال له ولا اضمحلال, بعد أن شرطت عليهم الزهد في درجات هذه الدنيا الدنية وزخرفها وزبرجها، فشرطوا لك ذلك، وعلمت منهم الوفاء به فقبلتهم وقرّبتهم...)( ). وملخص الكلام: إنّ الفضائل والميّزات التكوينية والتشريعية للنبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) ــ على ضوء هذا القول ــ بأجمعها هي حصيلة الجهود والمتاعب التي تحمّلها الرسول(صلّى الله عليه وآله وسلّم) في سبيل نشر الدين والعقيدة وتبليغ الوحي وزعامة الأمة وغيرها. الثاني: عند بدء الخلق وفي أوانه, عندما تعلّقت الإرادة التكوينية لله عزّ وجلّ بإنشأ الممكنات, جاء النور الأوّل ــ أو بعبارة أخرى: الصادر الأوّل ــ كأوّل مخلوق له سمة الخلافة عن الخالق في عالم الخلق, وهذا هو الفيض الأوّل الصادر إلى عالم الوجود ــ وهنا لا بأس بالإشارة إلى أنّ العلاقة بين الممكن والواجب أمر ضروري عقلاً ونقلاً, فيجب أن تكون رابطة الفيض مستمرة بين الخالق والمخلوق بنحو تام ــ. ثمّ على ضوء ما ذكرنا, فإنّ المخلوق الأوّل يجب أن تتوفر فيه الميزات العالية التكوينية والتشريعية لنيل هذه الرتبة السامية ــ أي الاستخلاف والنيابة عن الله عزّ وجلّ في دائرة الوجود ــ لأنّ الحكمة الإلهية كانت تقتضي ولا تزال بأن يصدّر الأفضل حتى تكون متابعة الآخرين له ينسجم مع القواعد العقلية في طريق الكمال والرقي, وهذا النور الأوّل والمخلوق الممتاز قد سمّي وتعيّن بأنّه محمّد(صلّى الله عليه وآله وسلّم), لا أنّ نبيّنا قد حصل على هذه المكانة في أوّل الخلق, بل أنّ الصادر الأوّل المميّز قد لقّب وتعنون بأنّه هو الرسول الأعظم أشرف الكائنات محمّد(صلّى الله عليه وآله وسلّم). وممّا ذكرنا يظهر جواب التوهم المذكور, إذ لم يكن يوجد أي ممكن عند نقطة بدء الخلق حتى يتوهم الانحياز والتمييز لمخلوق دون آخر, بل أنّ الوجود الأوّل قد تعنون وسمّي بأنّه محمّد(صلّى الله عليه وآله وسلّم), ومن الملاحظ أنّه عند خلقه لم يكن هناك مخلوق آخر يوازيه حتى يفرض أنّه(صلّى الله عليه وآله وسلّم) قد أعطي ما كان بالامكان أن يعطي غيره. وبعبارة دقيقة وواضحة: إنّ المرتبة العليا والوحيدة لعالم الممكنات خلق وسمّي محمّداً(صلّى الله عليه وآله وسلّم), لا أنّ التسمية والتعنون سبق إعطاء هذه المكانة السامية, وفي الواقع أنّ النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) هو رمز المثل والقيم الإلهية بشكل مجسّم في عالم الخلق، والنموذج الحيّ الوحيد لكافة الايجابيات في عالم الكون. وهذا الرأي أيضاً قابل للتأييد بنصوص روائية كثيرة موجودة في مجاميعنا الحديثية. ثمّ لا يخفى أنّ النظريتين لا تتعارضان فيما بينهما, بل نتمكن من الجمع بينهما كما هو واضح بأدنى تأمل! ودمتم في رعاية الله

1