السلام عليكم اكو اية بالقرآن الكريم (أَ أَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ) الواقعة
زين ليش هنا ام نحن الخالقون هو بس الله يخلق منو ويا وليش صيغة الاية بالجمع
وعليكم السلام ورحمة اللّه وبركاته
ابنتي الكريمة، إنّ القرآن الكريم نزل بلغة العرب، ومن ثم كانت أساليبه في التعبير على نمط أساليبهم في الكلام لأنه نزل كما قال تعالى: ﴿بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾ (الشعراء: ١٩٥).
وإذا تقرر هذا فإنّه من المعلوم عند من له دراية بلغة العرب أنّ المتكلم إذا أراد أن يعظّم نفسه، ينزلها منزلة الجمع، فبدلًا من أن يقول: أنا فعلت كذا، يقول: نحن فعلنا كذا.
قال صاحب المعجم الوسيط:
نحن: ضمير يعبر به الاثنان، أو الجمع المُخْبِرون عن أنفسهم، وقد يعبِر به الواحد عند إرادة التعظيم.
ومما لا ريب فيه أنّ اللّه تعالى متصف بصفة العظمة، فإذا ما أخبر سبحانه عن نفسه بهذه الصفة، فهي صفة وافقت موصوفها.
فإذا قال تبارك وتعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ (الحجر: ٩)، إلى غيرها من الآيات الدالة على هذا المعنى، فلا يظن السائل أنّ في هذا تعارضاً مع وحدانية اللّه سبحانه، كلا، وإنما هو من باب التعظيم، الذي درج العرب على استعماله في خطابهم.
نلاحظ أنّ الله سبحانه عبر في بعض الآيات عن نفسه بصيغة المفرد، كما في قوله تعالى:
﴿إِنَّنِي أَنَا اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاَةَ لِذِكْرِي﴾ (طه: ١٤).
﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ﴾ (طه: ٨٢).
﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَ لِيَعْبُدُونِ﴾ (الذاريات: ٥٦).
وغيرها الكثير من الايات.
وبعض الآيات ورد بصيغة الجمع، منها:
﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ (الحجر: ٩).
﴿أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاء صَبّاً﴾ (عبس: ٢٥).
﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ سُلاَلَةٍ مِنْ طِينٍ﴾(المؤمنون: ١٢).
﴿فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاء أَمْرُنَا﴾ (المؤمنون: ٢٧).
وغيرها الكثير من الايات.
والمتأمل في القرآن الكريم يجد أنه تعالى حين ذكر العبادة، أو تحدث عن إثبات مقام الألوهية ونفي التأثير لغيره سبحانه، وعن الوحدانية، ونفي الشرك والشريك، والصاحبة، والولد، ففي مثل هذه الموارد قد جاء بصيغة المفرد، لأن المقام مقام تحديد، فهو يقول: ﴿ ... المزیدلاَ تُشْرِكْ بِي شَيْئاً...﴾ (الحج: ٢٦).
ولكنه حين يريد أن يثبت مقام القدرة والاختيار، والعطاء، والفيض الإلهي وفي موارد الرحمة، والنعمة، والرزق والتدبير، وجميع الموارد التي يريد اللّه تعالى أن يخاطب الإنسان فيها من موقع الكبرياء، والعظمة والعزة والقدرة والربوبية وشؤونها، التي تتجلى في العناية والرعاية، والتدبير، فإنه تعالى يتكلم عن نفسه بصيغة الجمع تعظيماً لنفسه.
دمتم في رعاية اللّٰه وحفظه.