السلام عليكم ورحمة اللّٰه وبركاته
الحديث وارد عند الشيعة والسنة وليس مهماً أن يكون سنده صحيح بعد أن كان مضمونه صحيحاً قد جاء به القرآن الكريم، حيث قال تعالى في سورة الانفال: ﴿يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار (١٥) ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير (١٦﴾.
والفرار من الحرب يعد في الإسلام من كبائر الذنوب،
ولكن استثنت الآية صورتين من مسألة الفرار، ظاهرهما أنهما من صورة الفرار، غير أنهما في الحقيقة والواقع صورتان للقتال والجهاد.
الصورة الأولى: وهي التي تهمنا هنا : عبر عنها ب " متحرفا لقتال و " متحرف " من مادة (التحرف) أي الابتعاد جانبا من الوسط نحو الأطراف والجوانب، والمقصود بهذه الجملة هو أن المقاتلين يقومون بتكتيك قتالي إزاء الأعداء، فيفرون من أمامهم نحو الأطراف ليلحقهم الأعداء: ثم يغافلوهم في توجيه ضربة قوية إليهم واستخدام فن الهجوم والإنسحاب المتتابع .(١)
فهل يعقل أن نظهر للعدو خططنا العسكرية وكيفية مواجهته ونكشف الأسرار الحربية؟ أليس العقل والعقلاء يحكم بعدم ذلك ولابدية إيهام العدو ومباغتته؟
وهذا كما ترى نوع من الخدعة وهذا طبعاً لا يعني أن الخدعة جائزة في كل الموارد كما هو الحال في الكذب فإنه وان كان محرماً لكنه يجوز في حالة حفظ النفس المحترمة من الضرر أو القتل أو اصلاح ذات البين إذا توقف على ذلك.
ودمتم في أمان الله.
________________________________
(١) الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، للشيخ ناصر مكارم الشيرازي، ج٥، ص٣٨٢ -بتصرف -