وعليكم السلام ورحمة الله و بر كاته
1- قال الله تعالى: ( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً ) [ الإسراء: 15 ]، وقد فسّرت الآية بأنّ الله تعالى ليس من شأنه أن يعذّب أحداً قبل إتمام الحجّة، وبيان الأحكام والشرائع بواسطة الأنبياء والرسل وأوصيائه، فالذي لم يسمع بالإسلام حقيقة ولا حصل لديه احتمال وجود دين إلهي فيكفي في نجاته وخلاصه اتّباع الفطرة والعقل السليم، والفطرة تدعوا إلى الإيمان بالله تعالى ووحدانيّته وعبادته وطاعته.
2-وردت روايات تشير إلى عدم دخول المؤمن النار منها:
أوّلاً: في الكافي للشيخ الكليني 2 / 385 قال: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجاج عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): يدخل النار مؤمن؟ قال: لا والله، قلت: فما يدخلها إلّا كافر؟ قال: لا إلّا من شاء الله، فلما رددت عليه مراراً قال لي: أي زرارة إني أقول: لا وأقول: إلّا من شاء الله وأنت تقول: لا ولا تقول: إلّا من شاء الله.
ثانياً: في معاني الأخبار للشيخ الصدوق ص 241 قال: حدثنا أبي - رحمه الله - قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن علي الكوفي، عن علي بن النعمان، عن عبد الله بن طلحة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لن يدخل الجنة عبد في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر، ولا يدخل النار عبد في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان. قلت: جعلت فداك إن الرجل ليلبس الثوب أو يركب الدابة فيكاد يعرف منه الكبر. قال: ليس بذاك إنما الكبر إنكار الحق، والايمان الاقرار بالحق.
ثالثاً: في روضة الواعظين للفتال النيسابوري ص 100 قال: معاشر الناس: ان عليا قسيم النار لا يدخل النار ولي له، ولا ينجوا منها عدو له. إنه قسيم الجنة لا يدخلها عدو له، ولا يزحزح عنها ولى له.
رابعاً: في الكافي للشيخ الكليني 1 / 437 قال: الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور قال: حدثنا يونس عن حماد بن عثمان، عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الله عز و جل نصب عليا عليه السلام علما بينه وبين خلقه، فمن عرفه كان مؤمنا ومن أنكره كان كافرا ومن جهله كان ضالا ومن نصب معه شيئا كان مشركا، ومن جاء بولايته دخل الجنة.
خامساً: في الأمالي للشيخ الطوسي ص 295 قال: وبالاسناد، قال: دخل سماعة بن مهران على الصادق (عليه السلام)، فقال له: يا سماعة، من شر الناس؟ قال: نحن يا بن رسول الله. قال: فغضب حتى احمرت وجنتاه، ثم استوى جالسا، وكان متكئا، فقال: يا سماعة، من شر الناس؟ فقلت: والله ما كذبتك يا بن رسول الله، نحن شر الناس عند الناس، لأنهم سمونا كفارا ورفضة، فنظر إلي ثم قال: كيف بكم إذا سيق بكم إلى الجنة، وسيق بهم إلى النار، فينظرون إليكم فيقولون. " ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار) يا سماعة ابن مهران، إنه والله من أساء منكم إساءة مشينا إلى الله يوم القيامة بأقدامنا فنشفع فيه فنشفع، والله لا يدخل النار منكم عشرة رجال، والله لا يدخل النار منكم خمسة رجال، والله لا يدخل النار منكم ثلاثة رجال، والله لا يدخل النار منكم رجل واحد، فتنافسوا في الدرجات واكمدوا عدوكم بالورع.
سادساً: في الأمالي للشيخ الطوسي ص 295 قال: وبالاسناد، عن جابر، قال: سمعت ابن مسعود يقول: قال النبي (صلى الله عليه وآله): حرمت النار على من امن بي وأحب عليا وتولاه، ولعن الله من ماري عليا وناواه، علي مني كجلدة ما بين العين والحاجب.
سابعاً: في الأمالي للشيخ الطوسي ص 410 قال: إبراهيم الأحمري، قال: حدثني محمد بن الحسين، عن الأصم، عن زرعة بن محمد الحضرمي، عن المفضل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إن الله (تعالى) جعل عليا (عليه السلام) علما بينه وبين خلقه، ليس بينهم علم غيره، فمن أقر بولايته كان مؤمنا، ومن جحده كان كافرا، ومن جهله كان ضالا، ومن نصب معه كان مشركا، ومن جاء بولايته دخل الجنة، ومن أنكرها دخل النار.
ثامناً: في الأمالي للشيخ الطوسي ص 487 قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد بن جعفر الرزاز القرشي (رحمه الله)، قال: حدثنا الحسن بن موسى الخشاب، قال: حدثني محمد ابن المثنى الحضرمي، عن زرعة، يعني ابن محمد الحضرمي، عن المفضل بن عمر الجعفي، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد، عن آبائه (عليهم السلام) رفعه، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله (عز وجل) نصب علنا علما بينه وبين خلقه، فمن عرفه كان مؤمنا، ومن أنكره كان كافرا، ومن جهله كان ضالا، ومن عدل بينه وبين غيره كان مشركا، ومن جاء بولايته دخل الجنة، ومن جاء بعداوته دخل النار.
في قبال تلك الروايات هناك روايات تشير الى دخول المؤمن النار منها:
الرواية الاولى: في كتاب سليم بن قيس لسليم بن قيس الهلالي الكوفي ص 172 قال: فقلت: أصلحك الله، أيدخل النار المؤمن العارف الداعي؟ قال عليه السلام: لا. قلت: أفيدخل الجنة من لا يعرف إمامه؟ قال عليه السلام: لا، إلا أن يشاء الله. قلت: أيدخل الجنة كافر أو مشرك؟ قال: لا يدخل النار إلا كافر، إلا أن يشاء الله. قلت: أصلحك الله، فمن لقي الله مؤمنا عارفا بإمامه مطيعا له، أمن أهل الجنة هو؟ قال: نعم إذا لقي الله وهو مؤمن من الذين قال الله عز وجل: (( الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ )) (البقرة:25)، (( الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ )) (البقرة:62)، (( الَّذِينَ آمَنُوا وَلَم يَلبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلمٍ )) (الأنعام:82). قلت: فمن لقي الله منهم على الكبائر؟ قال: هو في مشيته، إن عذبه فبذنبه وإن تجاوز عنه فبرحمته. قلت: فيدخله النار وهو مؤمن؟ قال: نعم بذنبه، لأنه ليس من المؤمنين الذين عنى الله (أنه ولي المؤمنين)، لأن الذين عنى الله (أنه لهم ولي) و (أنه لا خوف عليهم ولا هم يحزنون)، هم المؤمنون (الذين يتقون الله والذين عملوا الصالحات والذين لم يلبسوا إيمانهم بظلم).
الرواية الثانية: في الكافي للشيخ الكليني 2 / 285 قال:
علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يرتكب الكبيرة من الكبائر فيموت، هل يخرج ذلك من الاسلام وإن عذب كان عذابه كعذاب المشركين أم له مدة وانقطاع؟ فقال: من ارتكب كبيرة من الكبائر فزعم أنها حلال أخرجه ذلك من الاسلام و عذب أشد العذاب وإن كان معترفا أنه أذنب ومات عليه أخرجه من الايمان ولم يخرجه من الاسلام وكان عذابه أهون من عذاب الأول.
وللجمع بين تلك الروايات تذكر وجوه منها:
الوجه الاول: ان يقال ان المراد بالايمان الايمان الكامل الذي يدخل في ضمنه الاعمال ففي شرح اصول الكافي 8/100 قال: وما روى من أن المؤمن لا يدخل النار يراد به المؤمن الكامل ثم المفهوم من هذا القول أن الفرائض معتبرة في الإيمان الكامل، وأما أنها من اجزائه أو شرايطه أو هي أيضاً إيمان فلا دلالة فيه على شيء من ذلك ولكن المشهور الأول وعليه روايات منها الروايات الأولى من هذا الباب والثاني محتمل والثالث مدلول بعض الأخبار كما سيجيء في الباب الآتي من تسمية الصلاة ايماناً.
وفي الكافي للشيخ الكليني 2 / 284 قال: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن حكيم قال: قلت: لأبي الحسن (عليه السلام): الكبائر تخرج من الايمان؟ فقال: نعم وما دون الكبائر قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا يزني الزاني وهو مؤمن ولا يسرق السارق وهو مؤمن.
الوجه الثاني: ان كل مؤمن يدخل الجنة والذي لا يستحق الدخول يمحص بالدنيا والبرزخ حتى يأتي طاهرا من الذنوب ففي المحاسن -لأحمد بن محمد بن خالد البرقي 1 / 172 قال: عنه، عن أبيه، عمن حدثه، عن أبي سلام النخاس، عن محمد بن مسلم قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: والله لا يصف عبد هذا الامر فتطمه النار، قلت: ان فيهم من يفعل ويفعل، فقال: انه إذا كان ذلك ابتلى الله تبارك وتعالى أحدهم في جسده فإن كان ذلك كفارة لذنوبه وإلا ضيق الله عليه في رزقه، فإن كان كقارة لذنوبه وإلا شدد الله عليه موته حتى يأتي الله ولا ذنب له ثم يدخله الجنة.
وفي المحاسن ايضا 1 / 172 قال: عنه، عن ابن محبوب، عن محمد بن القاسم، عن داود بن فرقد، عن يعقوب بن شعيب، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: رجل يعمل بكذا وكذا فلم ادع شيئا إلا قلته وهو يعرف هذا الامر، فقال: هذا يرجى له والناصب لا يرجى له، وإن كان كما تقول لم يخرج من الدنيا حتى يسلط الله عليه شيئا يكفر الله عنه به، إما فقرا وإما مرضا
الوجه الثالث: ان الذي يدخل الجنة المؤمن الذي يختم له بالايمان في اخر حياته واما الذي يسلب الايمان فلا يدخل الجنة فالذي يرتكب الذنوب ويصر عليها ربما اخرجته تلك الذنوب من الايمان يقول تعالى: ثم كان عاقبة الذين اساءوا السوأى ان كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزؤون.
ودمتم في رعاية الله