حيدر مهدي - ايسلندا
منذ 4 سنوات

 وجود التفاضل بين الأنبياء

قوله تعالى: (( وَوَرِثَ سُلَيمَانُ دَاوُودَ )) , وقوله: (( فَهَب لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِن آلِ يَعقُوبَ وَاجعَلهُ رَبِّ رَضِيّاً )) , وقوله تعالى: (( رَبِّ لَا تَذَرنِي فَرداً وَأَنتَ خَيرُ الوَارِثِينَ )) , اريد تفاسير من اهل السنة والجماعة وكذلك اقوال علمائهم تؤكد وراثة الانبياء عليهم السلام للمال ؟


الأخ حيدر المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته في تفسير الرازي ج 21ص 184قال: واختلفوا في المراد بالميراث على وجوه . أحدها : أن المراد بالميراث في الموضعين هو وراثة المال وهذا قول ابن عباس والحسن والضحاك . وثانيها : أن المراد به في الموضعين وراثة النبوة وهو قول أبي صالح . وثالثها : يرثني المال ويرث من آل يعقوب النبوة وهو قول السدي ومجاهد والشعبي وروي أيضا عن ابن عباس والحسن والضحاك . ورابعها : يرثني العلم ويرث من آل يعقوب النبوة وهو مروي عن مجاهد واعلم أن هذه الروايات ترجع إلى أحد أمور خمسة وهي المال ومنصب الحبورة والعلم والنبوة والسيرة الحسنة ولفظ الإرث مستعمل في كلها أما في المال فلقوله تعالى : (( وَأَورَثَكُم أَرضَهُم وَدِيَارَهُم وَأَموَالَهُم وَأَرضًا لَم تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرًا )) (الاحزاب:27) وأما في العلم فلقوله تعالى : (( وَلَقَد آتَينَا مُوسَى الهُدَى وَأَورَثنَا بَنِي إِسرَائِيلَ الكِتَابَ )) (غافر:53) وقال عليه السلام : " العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وإنما ورثوا العلم " وقال تعالى : (( وَلَقَد آتَينَا دَاوُودَ وَسُلَيمَانَ عِلمًا وَقَالَا الحَمدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِن عِبَادِهِ المُؤمِنِينَ * وَوَرِثَ سُلَيمَانُ دَاوُودَ...)) (النمل:15-16) وهذا يحتمل وراثة الملك ووراثة النبوة وقد يقال أورثني هذا غما وحزنا، وقد ثبت أن اللفظ محتمل لتلك الوجوه . واحتج من حمل اللفظ على وراثة المال بالخبر والمعقول أما الخبر فقوله (عليه السلام) : " رحم الله زكريا ما كان له من يرثه " وظاهره يدل على أن المراد إرث المال وأما المعقول فمن وجهين . الأول : أن العلم والسيرة والنبوة لا تورث بل لا تحصل إلا بالاكتساب فوجب حمله على المال . الثاني : أنه قال (( وَاجعَلهُ رَبِّ رَضِيًّا )) (مريم:6) ولو كان المراد من الإرث إرث النبوة لكان قد سأل جعل النبي صلى الله عليه وسلم رضيا وهو غير جائز لأن النبي لا يكون إلا رضيا معصوما، وأما قوله عليه السلام : " إنا معشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة " فهذا لا يمنع أن يكون خاصا به واحتج من حمله على العلم أو المنصب والنبوة بما علم من حال الأنبياء أن اهتمامهم لا يشتد بأمر المال كما يشتد بأمر، وقيل لعله أوتي من الدنيا ما كان عظيم النفع في الدين فلهذا كان مهتما به ودمتم في رعاية الله