محمد - الكويت
منذ 4 سنوات

 علمها بان الانسان يسفك الدماء

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته عندي مسألة : - قد علمنا أن هناك محدثون من غير الأنبياء عليهم السلام .. - وقد علمنا أن هناك من يوحى إليه من غير الأنبياء عليهم السلام . فهل يستطيع الإنسان العادي بالمجاهدة والإخلاص أن يصل إلى ذلك بل وإلى مرتبة أن تنفتح عينه البرزخية ويرى الملائكة والعالم المثالي مثلا ؟ أم أن ذلك خاص بتلك الأحداث والأشخاص والمخلوقات فقط ؟ ولكم كل الشكر والعرفان .. وفقكم الله تعالى ..


الأخ محمد المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هناك بعض الروايات تشير إلى أن من الممكن لبعض شيعة أهل البيت (عليهم السلام) أن يكونوا ممن تتنزل عليهم الملائكة وتستقبلهم بالبشرى . فعن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديثه عن قوله تعالى: (( ان الذين قالوا ربّنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة أن لا تخافوا ولا تحزنوا )) (فصلت:30) قال: (هم الأئمة ويجري فيمن استقام من شيعتنا وسلم لأمرنا وكتم حديثنا عند عدونا فتستقبلهم الملائكة بالبشرى من الله بالجنة). وفي رواية عن يونس بن ظبيان بعد دخوله على أبي عبد الله (عليه السلام) ورؤيته لمجموعة من الأشخاص غير أبي عبد الله (عليه السلام ) فقال له يونس: رأيت شيئاً عجيباً رأيت رجلاً على صورتك , قال: يا يونس انا لا نوصف, ذاك صاحب السماء الثالثة يسأل أن أستأذن الله له أن يصير مع أخ له في السماء الرابعة قال: فقلت: فهؤلاء الذين في الدار؟ قال: هؤلاء أصحاب القائم من الملائكة. قال: قلت فهذان. قال: جبرائيل وميكائيل نزلا إلى الأرض فلن يصعدا حتى يكون هذا الأمر إن شاء الله... وللفلاسفة والعرفاء كلام في المكاشفات والمشاهدات على عوالم غير عالم الملك, فبعضهم يثبت بالأدلة والبرهين ذلك ويسمون بعض تلك المكاشفات بالمكاشفات الصورية والتي قد تكون مع اطلاع على المعاني الغيببة فتتضمن المكاشفات المعنوية فتكون أعلى مرتبة واكثر يقيناً لجمعها بين الصورة والمعنى, ومنبع هذه المكاشفات هو القلب الإنساني أي نفسه الناطقة المنورة بالعقل العملي المستعمل لحواسه الروحانية, فإن للنفس في ذاتها عيناً وسمعاً وغيرذلك كما أشار إليه قوله: (( فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور )) (الحج:46), وفي الأحاديث المشهورة ما يؤيد ذلك, وتلك الحواس الروحانية هي أصل هذه الحواس الجسمانية فإذا ارتفع الحجاب بينها وبين هذه الخارجية يتحد الأصل مع الفرع فيشاهد بهذه الحواس ما يشاهد بها, والروح تشاهد جميع ذلك بذاته لأن هذه الحقائق تتحد في مرتبته عند كونه في مقام العقل (أنظر مفاتيح الغيب لصدر المتألهين ص 226). ولابدّ من فهم ان هذا الاتصال بعالم علوي ومشاهدة الملائكة يفارق اتصال الأنبياء بالملائكة وذلك لأن الوحي أو رؤية الملك تكون على ثلاثة أقسام: الأول: أن يكون تبليغ رسالة الله تعالى إلى عباده وهذا يختص بالأنبياء (عليهم السلام). الثاني: أن يكون لاظهار حبه تعالى له ومناجاته معه وتسديده ونحو ذلك, وهذا حصل في أم موسى ومريم وذي القرنين وما روي من نزول الملك إلى فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) وتنزل الملائكة والروح في ليلة القدر على الإمام المعصوم ونحو ذلك. الثالث: أن لا يكون شيء من الأمرين موجوداً بل المصالح الإلهية اقتضت رؤية بعض الناس من الأفراد العادية أو الكفار للملك أو سماعهم صوته وذلك نظير ما يحكى عن رؤية السامري لجبرئيل ورؤية قوم لوط للملائكة بتصريح القرآن ونحو ذلك. فالإجماع والضرورة تحققا على أن الوحي ونزول الملك بالمعنى الملازم للنبوة يختص بالأنبياء وانهما انقطعا بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله) بالكلية وان من ادعى ذلك لغير الأنبياء فقد اخطأ وكفر كما ذكره الشيخ المفيد. وأما بالمعنى الثاني والثالث فلم يقم إجماع على بطلانه بل ربما يؤدي انكاره إلى انكار صريح القرآن في آيات كثيرة وانكار روايات متواترة وقضايا تاريخية واعتقادية ثابتة (أنظر تعليق إبراهيم الزنجاني على كتاب أوائل المقالات ص 288). وإنما تحصل تلك الحالات من المكاشفة ومشاهدة الملائكة للآوحدي من الناس الذي قطع في درجات الكمال الشوط الكبير. وهناك بعض الروايات تشير إلى حصول مثل هذه الحالة لبعض أصحاب الأئمة (عليهم السلام) فعن إسحاق بن عمار انه شاهد ثلاثة آلاف أو أربعة آلاف رجل عند قبر الحسين (عليه السلام) ليلة عرفة جميلة وجوههم طيبة ريحهم شديد بياض ثيابهم يصلون الليل أجمع وانه افتقدهم عند طلوع الفجر, فوضح له الإمام الصادق عليه السلام ان عند قبر الحسين عليه السلام أربعة آلاف من الملائكة شعثاً غبراً إلى يوم تقوم الساعة (راجع كامل الزيارات ص 115). ويوضح الملا هادي السبزواري في كلامه عن وجود الملك والشيطان والألهام والوسواس: ان عالم الصورة غير منحصر في هذا العالم الطبيعي بل الصور قسمان صور قائمة بالمواد العنصرية الداثرة الزايلة وصور غير قائمة بها, وهذه اصول تلك, وهذه دائمة موجودة قبل تلك وبعدها لا دثور ولا زوال فيها إذ لا محل لها أو محلها بسيط غير داثر, وهذه الصور الأصول مما اتفق عليه الاشراقيون والمشاؤن إلاّ انها قائمة بذواتها عند الاشراقيين وهي عالم المثال القائل به العرفاء أيضاً وصدق به الشرع الأنور وبه يتم عالم البرزخ وعالم النور وقائمه بالنفس المنطبعة الفلكية عند المشائين. ثم يقول في أصل آخر: ان النفس الإنسانية ذات وجهين, وجه إلى الجنبة العالية والناحية المقدسة وهو بابه الداخلي إلى عالم الملكوت ووجه إلى الجنبة السافلة وهو بابه الخارجي إلى عالم الملك وكل من الملكوت والملك مما يؤثر في النفس إثاره المختصة والنفس تتأثر منها بنحو الخطرة والحال والملكه حتى تبلغ إلى مقام الاستقامة والتمكن, فتنخرط إما في سلك الملائكة بل تصير أعلى منها أو تلتحق بحزب الشياطين بل تصير أدنى منها, ولما كان الأصل والسلطان كذلك كان الفرع والرعايا بطوره وطرزه إذ الأثر يشابه صفة مؤثره كان الحس المشترك أيضاً ذا وجهين فهو كمرآة ذات وجهين وجه إلى الخارج ووجه إلى الداخل فكما ينطبع من وجهه الخارجي كلما ينتقش في المشاعر الظاهره كذلك ينطبع في وجهه الداخلي... من الباطن رقايق الحقايق وحكايات المعاني وكلما يركبه المتخيلة من الصور الخيالية يشاهده بوجهه, ثم نحفظ ذلك المركب الخيال الذي هو خزانته كما كان حافظاً وإذا كان مدركات الحس المشترك من الداخل قوياً كان شهوداً لأنه إذا وصل المدرك إليه كان مشاهدة... ثم يشرع بعد ذلك في تعميم المكاشفات ويقول: أنها كلها تجليات أسمائية فإذا تجلى الله تعالى على السالك المرتاض باسمه البصير يرى ما لا يرى غيره وإذا تجلى بأسمه السميع يسمع ما لا يسمعون وهذه المسموعات وهذه المبصرات كلها حقة عيانية ويصير المشاعر الظاهرة تابعة منطوية تحت تلك المشاعر النورية فإنها صارت بالفعل وبارزة بعد ما كانت بالقوة وكامنة . (أنظر شرح الأسماء الحسنى ج 2 للملا هادي السبزواري ص 53). ودمتم في رعاية الله