احمد - ايسلندا
منذ 4 سنوات

 شروطها

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وتقبل الله تعالى صالح اعمالكم سؤالنا متوقف على بيان عدة نقاط: 1- ان واحدة من اهم معاجز النبي الخاتم(صلى الله عليه وآله وسلم) انه جاء بمعارف فخمة ترتبط بالمبدأ والمعاد وحقائق الدين ومفاهيمه مع انه نشأ اميّا وفي بيئة متخلفة ساذجة. 2- ان المعجزة غير قابلة للتعليم او التعلم وانها خارجة عن نطاق قدرة البشر وامكانياتهم. 3- ان الانسان العادي يستطيع وعن طريق المجاهدات النفسية والرياضات الروحية ان يصل الى مقام بحيث تفاض عليه حقائق ومعارف ترتبط بالمبدأ والمعاد وقد يعيشها كشفا وشهودا كما حصل للعرفاء الشامخين والصالحين من غير الانبياء والمرسلين. ومن هنا يتفرع سؤالنا: اولا: كيف يمكننا الرد على من يقول ان ماتسمونه معجزة جاء بها النبي الاعظم(صلى الله عليه وآله وسلم) هو ليس اعجازا في حقيقة الامر لانه ربما يكون ونتيجة لصفاء فطرته وطهارة قلبه قد فاضت عليه هذه المعارف كأي ولي صالح او انسان مجاهد وانتم قائلون بامكان ذلك بل بتحققه لغير واحد من الناس؟؟؟ وبكلمة اخرى: ان ظهور هذه المعارف على يديه (صلى الله عليه وآله وسلم) كما يمكن ان يكون عن طريق النبوة فكذلك يمكن ان يكون لغيرها من عوامل الصلاح والقرب فكيف رجحتم وصف النبوة على غيره؟؟؟ ثانيا: اذا كانت المعجزة غير قابلة للتعليم والتعلم وخارجة عن نطاق قدرة البشر وانها لايمكن ان تتكرر من شخص اخر فماذا تسمون ظهور معارف على يدي اناس ليسوا بانبياء ولامرسلين غاية الامر انهم صفوا بواطنهم وطابت سرائرهم ففاضت عليهم هذه المعارف؟؟؟


الأخ احمد المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إن هذا الإشكال مجمله جمع بين أحد الأقوال في مبدأ المعجز وهو نفس النبيّ وبين ما طرحه أتباع الفلاسفة المشاء من تفسير الوحي بأنه اتصال من نفس النبيّ بالعقل الفعال. وللرد على الجانب الأوّل أي ما يخص المعجز، نقول : الإتيان بالشيء الخارق للعادة الذي هو المعجزة إن كان مقروناً بدعوى النبوة دلّ على صحة النبوة، أما إذا كان الشيء الخارق للعادة غير مقرون بدعوى النبوة، بل الذي تجري عليه تلك الأمور لا يدعي لنفسه النبوة، فإن مثل هذه تسمى كرامة، وقد تجري مثل هذه الأمور للأولياء والأوصياء وهم لا يدعون بتلك الأمور الخارقة للعادة النبوة، بل على العكس هم يؤكدون نبوة غيرهم . والنبيّ محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي جرت على يده المعاجز الكثيرة وكان يدعي النبوة، فلا بد من تصديقه على مدعاه، لأننا نعتقد أن الله سبحانه وتعالى لا يجري المعاجز على أيدي الكذابين. إضافة إلى أن المعجزة دائماً مقرونة بالتحدي وعدم إمكان المقابلة، فضلاً عن الفرق الهائل في كم المعارف المفاضة على نفس النبيّ وإستحالة خطئها وبين ما يفاض على نفس الولي واحتمال خطئه في بعض الأحيان إذ لا مقارنة في البين. والرد على الجانب الثاني أي ما قاله المشاء في تفسير الوحي، نقول: إن هذا التفسير أحد الآراء في المسألة يمكن للمتكلم أن يرده بعدم وجود الدليل عليه من خارج، بل نحن نسلم بوجود الوحي من دعوى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد إعتقاده بالمعجزة وذكر القرآن له، ولكن لا نسلم ما ذكره الفلاسفة من تفسير له. بل نقول: أن الوحي مجهول الكنه لنا، وإلا فإن الإشكال الوارد في السؤال سيرد عليه بوجة ما، وإن كان يمكن حله بالفرق بين حجم وكمية وكيفية المعارف الملقاة على النبي وبين المعارف الملقاة على الولي. فإن ما يفاض على القوة العاقلة بعد إتصالها بالعقل الفعال وما يتمثل به هذا الإتصال في عالم الخيال من كونه (ملك) وفي عالم الحس من كونه كلاماً بليغاً كما يقول الفلاسفة حقائق واقعية في هذه العوالم لا خيالات كما ربما يفهم من كلام بعضهم، وإذا كانت حقائق واقعية فلا يمكن للولي الذي انكشف له بعض المعارف أن يتخيل نفسه نبياً أو يدعي شيئاً لا وجود له بل هو يعرف بحقيقة ما وصل إليه وبحقيقة مرتبته ولا يمكن الوصول إلى هذه المراتب في أناس مدعين لم يخلصوا في نياتهم لله تعالى حتى يمكن أن يوهموا الناس بدعوى النبوة . وأخيراً فإن هذه المعارف المفاضة لا تكون بالتعليم والتعلم نعم يمكن الوصل إلى بعضها بالمجاهدات وهو طريق الأنبياء بلا ريب. ودمتم في رعاية الله