logo-img
السیاسات و الشروط
ابو حسين الموالي ( 28 سنة ) - العراق
منذ 8 أشهر

تأثير قضايا التاريخ الإسلامي على الوحدة

السلام عليكم يثير بعض من لديهم استخفاف بالدين وهم بعض مدعي الثقافة انه لماذا في كل سنه ودائما تثيرون قضيه الزهراء ومصيبتها وكسر ضلعها وماذا يستفاد المجتمع من هذه القضايا وماذا نستفيد منه فلا فائده منه الا التناحر والتباغض بين المسلمين وشق وحدة الصف فاذا كان الذي حصل حقيقيا فلماذا نتدخل تلك امه قد خلت لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت السيده الزهراء عليها السلام وظالمها سوف يحاسبهم الله وياخذ بحقها اذا كان القصه حقيقيه لماذا نحن نتمسك بامور لا فائده منها ولا نفع فيها نرجو الرد على هذه الشبهه


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته الأخ أبو حسين المحترم، تحية طيبة وبعد… اسمح لنا بذكر مقدمة قبل الجواب على سؤالك: إنّ الوقائع التاريخية لها أهمية كبيرة في حياة الفرد المؤمن، حيث إنّ هذه الوقائع تشكل لنا آلةً لفهم الحاضر والإطلاع على الماضي والاستشراف للمستقبل، وسنطرحُ في خدمتكم عدةَ فوائد لاستذكار الوقائع التاريخية والوقوف عليها: 1. التعلم من الأخطاء السابقة: دراسةُ التاريخ تساعدنا في تجنب تكرار الأخطاء، حيث يمكننا النظرُ إلى الفترات السابقة وملاحظة القرارات التي أدت إلى الفشل أو النجاح. مثلاً لو قرأنا التاريخ بتمعن فسنجد أنّ من أهم الأساليب التي اتبعها عدو الأمة الإسلامية في حربه ضد المسلمين نشر التفرقة والجهل في صفوف المسلمين، فلما تنتشر التفرقة باساليبها المختلفة ـ من عصبية قبلية وعرقية ومذهبية وغير ذلك ـ تكون النتيجة تخلخل الأمة الإسلامية وضعفها وسهولة اختراقها. فنستطيع توظيف هذه القراءة التاريخية في سد الفجوات ما بين المسلمين من خلال العمل على نبذ التفرقة بجميع اساليبها وأنواعها، والعمل على نشر ثقافة تقبل الآخر. وهذه ثمرة عظيماً واقعاً. 2. فهم النظريات والأطروحات ذات المستند التاريخي: كثير من النظريات والأفكار التي تسود في زماننا الحاضر هي ذات منطلق وأرضية تاريخيّة، بمعنى أنها إما نتيجة قراءة تاريخيّة معينة مأطرة بإطارٍ معين، أو أنها على الأقل متأثرة بقراءة تاريخيّة، فمثلاً لاحظ أنّ كُلاً من كارل ماركس ونظريته (الصراع الطبقي)، و(جون لوك) و (جان جاك روسو) و (توماس هوبز) في نظريتهم (العقد الإجتماعي)، هؤلاء جميعهم من أبرز الفلاسفة الغربيين الذين تأثر بهم الفكر الغربي وعلى وفق آراءهم ونظرياتهم أسّسوا اقتصادهم وقوانينهم، لو دققت في أرضية هؤلاء ستجد أنّ أرضيتهم أرضيّة تاريخيّة وقد تأثروا كثيراً في نظرياتهم بالقراءة التاريخية. 3.مطالعة التاريخ يعزز شعور الفرد بالانتماء ويقوي في نفسه الهوية: لا يخفى أنّ كل إنسان يحمل هويته التي يفتخر بها ويعتز بانتمائه اليها، وهذه الهوية إنما هي عبارة عن مجموعة من المعتقدات القائمة على فهمٍ لقيمٍ ومبادئ وأفكار غالبها ذو طابعٍ تاريخي. فالمسلم مثلاً يفتخر بهويته الإسلامية، وهذه الهوية قائمة على جوانب عدة أهمها جوانب اعتقادية وجوانب تاريخيّة، فنجد أنّ التاريخ الإسلامي جزء مهم من هوية الفرد المسلم، وباستذكار الأحداث التاريخية تتعزز هذه الهوية. وهذا أمرٌ ليس بخاصٍ بالمسلمين، بل كلُّ انسانٍ على وجهِ هذه المعمورة لا تخلوا هويته من جانبٍ تاريخي، حتى الملحد الذي ينكر الأديان تجده يفتخر بتاريخ أمته التي ينحدر منها ويدعو إلى العناية بالآثار التي تحكي تلك الأمم السابقة. من خلال ما تقدم يتضح أنّ العناية بالأحداث والوقائع التاريخية أمرٌ مهمٌ لدى العقلاء بغض النظر عن الدين، فليس هناك إنسانٌ عاقلٌ ينكر أهمية الفوائد المتقدمة. بعد اتضاح المقدمة التي طرحناها في خدمتكم والتي كانت نتيجتها إثبات أهمية العناية بالوقائع التاريخية عقلاً، نقول: إنّ الإهتمام بالوقائع التاريخية الإسلامية وإحياء الشعائر الدينية أمرٌ راجحٌ شرعاً لأسبابٍ عديدة منها: أولاً: إنّ واقعة الهجوم على الدار وكسر ضلع الزهراء (عليها السلام) تمثل حدثاً تاريخياً مهماً في تاريخ الأمة الإسلامية يعتبر هو الأبرز بعد وفاة النبي(ص)، وعليه فلا بد من إستذكار هذه الواقعة في كل عام لبيان الحق فيها وللحفاظ على هذه الحقيقة من أن تمحى كما حصل مع كثيرٍ من الأحداث التاريخية. ثانياً: إنّه بحسب اعتقادنا كشيعة إمامية إثني عشرية أنّ الشيعي يجب أن يفرح لفرح آل البيت (عليهم السلام) ويحزن لحزنهم، وهذا الوجوبُ وجوبٌ شرعي، دلّ على ذلك أمرُ الله عز وجل لنا بمودتهم إذ قال تعالى {قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ۗ}(سورة الشورى الآية رقم٢٣) ومعنى المودة إظهار الفعل المترجم للمحبة القلبية. والحزنُ لحزنهم بلا ريب هو من مصاديق إظهار المحبة لهم. وفي الرواية المروية عن الإمام الصادق(عليه السلام): (رحم الله شيعتنا خلقوا من فاضل طينتنا وعجنوا بماء ولايتنا يحزنون لحزننا ويفرحون لفرحنا.) شجرة طوبى، الشيخ محمد مهدي الحائري ، الجزء ١ - الصفحة ٣. نكتفي بهذا المقدار وبه يتحقق الجواب عن مضمون سؤالكم الأول والذي هو ( ما هي الفائدة من استذكار شهادة الزهراء (ع) في كل عام). وأما بالنسبة لمضمون سؤالكم الثاني من أنّ هذا الإحياء لهذه الذكرى هو نوعٌ من إثارة الفتنة والتناحر والتباغض بين المسلمين وشق وحدة الصف، فنقول في مقام الجواب عليه: لا نفهم كيف أنّ إحيائنا لشعيرةٍ من شعائرِ ديننا، وذكرنا لمسألة وقراءةٍ تاريخية مذكورة في كتب جميع المسلمين يكون من باب إثارة الفتنة والتناحر بين المسلمين؟ إذا كان الميزان في ذلك أنّه لا ينبغي احياءُ مناسبةٍ لا يؤمن بها جميع المسلمين فإننا نرى الكثير من المسلمين يمارسون شعائرهم بحرية كاملة مع أننا في بعض هذه المناسبات والشعائر لا نوافقهم فيها ومنها مثلاً صلاة التراويح والاحتفال بعاشوراء، وكذلك القولُ بكُفرِ عَبدِ المُطلب جد النبي، بل وحتى الحكم بكفر أبو وأم النبي (صلّ الله عليه وآله وسلم) مع أننا نعتقد بإيمانهم. بل إننا نجد إخواننا من أهل السنة يختلفون في موارد عديدة دون أن يكفر بعضهم بعضا أو يتهم بعضهم الآخر بإثارة الفتنة مع أنّ كلاً منهم يرتقي منبره ويتكلم بمعتقده بحرية. فمثلاً نجدُ الخلاف في الوضوء بين المالكية والحنابلة، والخلاف في قضية القراءة خلف الإمام كما هو بين الحنفية من جهة والمالكية والحنابلة من جهة ثانية و الشافعية من جهة ثالثاً، وكقضية زيارة القبور التي وقع فيها الخلاف ما بين الشافعية والمالكية من جهة والحنابلة من جهة أخرى، وكذلك في قضية إحياء محفل النبي(صلّ الله عليه وآله)، وغير ذلك من موارد الاختلاف بين المذاهب الأربعة. إذا كان الأمر كذلك فهل يمكن أن نتهم مَن قال بوجوب إطلاق اللحى بأنه يُفَرِقُ المسلمينَ ويَعمل على نشر الفتنة لأنّ باقي المسلمين يقولون أنها سنة؟ وهل يمكن أن نقول لمَن يجيز الجمع بين الصلاتين بدون ضرورة أنه يمزق الوحدة الإسلامية ويعمل على إثارة التناحر لأنّ باقي المسلمين يحكمون بوجوب الفصل وعدم جواز الجمع؟ هذا أمرٌ لا سبيل له، ولا يوجد مسلمٌ عاقل يقول به. إذن إحياءُ الشعائر الدينية عامةً، وشعيرة الحزن على الزهراء (عليها السلام) وذكر ما جرى عليها خاصةً ليس من مصاديق إثارة الفتنة، بل هو عرضٌ واستذكارٌ لحدثٍ تاريخي ذكرته كتبٌ كثيرةٌ من كتب المسلمين. وفي النهاية لابد لنا كمسلمين من أن نصلَ إلى درجة من الوعي بحيث نعطي المجالَ للمقابل لبيان فكره ونقاشه بالحسنى تجسيداً لأسلوب النبي الاعظم(صلّ الله عليه وآله) واتباعاً لما أمر به الله عز وجل ، حيث قال في كتابه العزيز الحكيم: {ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125)}(سورة النحل). دمتم في رعاية الله