عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ابنتي الكريمة، إنّ النفس الإنسانية قد تحصل لها حالات إقبال على الله تعالى، وحالات إدبار، فإذا أقبلت فاستثمروها بالطاعات والمستحبّات، وإذا أدبرت فاقتصروا بها على الواجبات، واتركوا المستحبّات، ولاتكرهوها على المستحبّات، فإنّ الإكراه على العبادة المستحبّة له مردودات سلبية.
فعن الإمام علي (عليه السلام): إنَّ للقلوب شهوة وإقبالا وإدبارا، فأتوها من قبل شهوتها وإقبالها، فإن القلب إذا اكره عمي.
وعنه (عليه السلام): إنَّ للقلوب إقبالا وإدبارا، فإذا أقبلت فاحملوها على النوافل، وإذا أدبرت فاقتصروا بها على الفرائض.
وعن الإمام الصادق (عليه السلام): إنَّ القلب يحيا ويموت، فإذا حيي فأدبه بالتطوع، وإذا مات فاقصره على الفرائض.
وعن الإمام الرضا (عليه السلام): إنَّ للقلوب إقبالا وإدبارا، ونشاطا وفتورا، فإذا أقبلت بصرت وفهمت، وإذا أدبرت كلت وملت، فخذوها عند إقبالها ونشاطها، واتركوها عند إدبارها وفتورها.
وعن الإمام علي (عليه السلام): إنَّ هذه القلوب تمل كما تمل الأبدان، فابتغوا لها طرائف الحكم.
ومن الحديث الأخير نفهم أنّ بالإمكان التقليل من حالة الإدبار، وذلك بأن نبتغي لها طرائف الحكم، أي نقرأ، أو نستمع، إلى شيء فيه حكمه بأسلوب لطيف ومؤثّر، فمن يقرأ قصةً أو رواية لكاتب مرموق، يجد فيها ترويحاً عن نفسه، ويخرج منها بحكمة نافعة، طبعاً ذلك بشرط أن لا يكون فيها ترويج للفساد.
كذلك ممّا ينفع لتقليل حالة الإدبار مجالسة الصلحاء والاستماع إلى حديثهم. فبإمكانكِ أن تتّخذي صديقةً مؤمنة ملتزمة.
كذلك الإبتعاد عن كل ما يؤدي إلى قسوة القلوب، من ارتكاب الذنوب، وقضاء الوقت الكثير في اللهو والإستماع إلى حديث الحمقى، كما يحصل في وسائل التواصل الإجتماعي، وكثير من قنوات التلفاز، فإنّ في ذلك تأثيرات على القلوب بشكل مباشر أو غير مباشر.
وهذا الذي ذكرناه في قسوة القلوب، ينفع أيضاً للابتعاد عن المحرمات، والتفكير بها.
ودمتم في رعاية الله وحفظه.