رضا شيرين - ايران
منذ 4 سنوات

 الدليل العقلي على وجود المعاد

السلام عليکم و رحمة الله ما هو جواب هذه الشبهة : كيف يخلد الله الذين لم يعتقدوا بالدين الكامل (وهو التشيع الاثناعشري) في العذاب مع ان اولئك لم يشركوا بالله الا في مدة عمرهم في الدنيا ... وهل جزاء معصية محدودة عذاب غير محدود ؟!


الأخ رضا المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ان تخليد الكافر في العذاب الدائم، ليس بخارج عن الحكمة، ولا القول به مناقض للأدلة، بل هو مما تقتضيه الحكمة والأدلة السمعية المتواترة، فبما ان الحكمة الإلهية اقتضت الخلق والتكليف، وجب ان يرغب العبد فيما أمره به من الإيمان بغاية الترغيب، ويزجره عما نهى عنه في الكفر بغاية التخويف والترهيب، ليكون ذلك أدعى إلى فعل المأمور به، وأزجر له عن ارتكاب المنهي عنه.. وليس غاية الترغيب إلا الوعد بالنعيم الدائم المقيم ، ولا يكون غاية التخويف والترهيب، إلا الوعيد بالعذاب الخالد الأليم، وخلف الخبر كذب، والكذب لا يجوز على الحكيم فبان بذلك أن تخليد الكافر في العذاب الدائم ليس بخارج عن الحكمة، وأيضاً لا يناقض ما ثبت بالأدلة السمعية المتواترة كالقرآن الكريم والسنة الشريفة، وأيضاً يمكن أن يقال ان المماثلة في العقاب مع مدة المعصية لا وجه لها فأنت ترى مثلاً لو أن ولداً شتم ولداً آخر مثله وفي نفس الوقت شتم والده وكان زمان الفعلين واحداً، فغضب الوالد على الولد مدة طويلة وانقطع عن مخاطبته بل أغلظ له في العقاب والمقاطعة له بخلاف الولد الآخر فالعقلاء لا يرون هذا الفعل من الوالد مخالفاً للحكمة أو لتصرف العقلاء بل يرونه عين الحكمة والصواب... وعليه يمكن أن يقال ان العقاب بحسب نوع المعصية وبحسب من عصاه وبما أن معصية الكافر كانت من اكبر المعاصي وهي جحود لحق الخالق عليه وما يجب عليه من لزوم الطاعة للمولى سبحانه كان عقابه شديداً ومديداً بحسب نوع هذه المعصية وبحسب من عصاه. ولذا لا تقاس المعصية بطول زمانها فقط وإنما بنوعها، فأنت ترى مثلاً في عرف العقلاء أنهم يحكمون على القاتل بالإعدام بأحكام تماثل عدد من قتلهم وان قتلهم في لحظة واحدة أو أنهم يحكمون عليه بالسجن لعشرات السنين لأنه قتل عدة اشخاص وهي اكثر من عمره قطعاً. فلا توجد مماثلة بين مدة المعصية ومدة العقوبة وإنما التماثل في النوع. وأمر آخر نود الإشارة إليه وهو أن العقوبة من الله ليست للتشفي وإنما العقوبة هي أثر وضعي لعمل الإنسان، فهناك تلازم بين عمل الإنسان والعقوبة لأن العمل ينشأ ملكة وجودية مناسبة له تظهر في الآخرة وتحشر مع الإنسان ولكل ملكة أثر يناسبها من النعيم أو العذاب، والأثر موجود في هذه الدنيا ولكن لا نراه لوجود الأحجبة أو لأن لنفس عمل الإنسان صورة أخرى في الآخرة غير صورته في الدنيا وهذه الصورة إما جنة وإما نار وبالتالي فإنه في الآخرة يتلقى صورة عمله في الدنيا. وعلى هذا فلا مجال للسؤال عن عدم التناسب بين الجرم والعقوبة. وأيضاً أمر آخر: ان الله يعلم من حال هؤلاء المخلدين في النار انه لو اخلدهم في الدنيا لمارسوا نفس الأعمال والجرائم والمعاصي لما تلبست به أنفسهم بالشقاوة نتيجة إصرارهم على المعصية، وهذا ليس بعزيز الأمثلة عن أشخاص بهذه الحالة في الدنيا والشواهد كثيرة أولها إبليس لعنه الله. ولعل لهذا الجواب شواهد من الروايات ولكن قد تحمل على أحد الأجوبة السابقة . هذه أربعة أجوبة متعددة وللتفصيل والنقاش فيها مجال آخر، والسلام. ودمتم في رعاية الله