السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ظهر مؤخراً السيد كمال الحيدري في برنامج بثتهُ العراقية
وقال لا يوجد مرجع دين أثنى عشري الاّ ويكفر باقي المذاهب الأخرى ظاهراً او باطنا
ما مدى صحة كلام السيد الحيدري؟
وهل يوجد مراجع يكفرون باقي المذاهب الاخرى؟
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
إنّ ما عليه مذهب أهل البيت (عليهم السلام) أنّ أهل القبلة ومن نطق الشهادتين يحكم باسلامهم ظاهراً، وبذلك يمكن ترتيب كثير من الاحكام الشرعية على ذلك الإسلام الظاهري، فالشارع جعل الإقرار بالشهادتين علامة على صحة اجراء أكثر الاحكام الشرعية على المقر كحل مناكحته والحكم بطهارته وحقن دمه وماله وغير ذلك من الاحكام المذكورة في كتب الفقه.
وعلى هذا الاساس نحن نلتزم بأنّ المخالفين ممن يحكم باسلامهم، حيث أنّهم نطقوا الشهادتين.
أمّا ما يذكر؛ فإنّه يريد به الكفر الذي يقابل الإيمان، لأننا نعتقد أنّ من لم يؤمن بولاية أمير المؤمنين(عليه السلام) وإمامته وأحقيته بالخلافة فهو ليس بمؤمن وان كان يصح أن يقال له مسلم.
هذا وإنّ الكفر كما يطلق على كفر الجحود كذلك يطلق على ترك ما أمر الله عز وجل به،
فقد قال تعالى: (( إِنَّا هَدَينَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا )) (الانسان: 3)، وقد فسر الامام تلك الآية بالقول: (أمّا آخذ فهو شاكر وأمّا تارك فهو كافر)، والكفر بهذا المعنى ينافي الإيمان الكامل دون إيمان التصديق.
ولقد بين الإمام الصادق (عليه السلام) بأنّ الكفر في كتاب الله على خمسه وجوه وهي: كفر الجحود، والجحود على وجهين، والكفر بترك ما أمر الله به، وكفر البراءة، وكفر النعم. وقال (عليه السلام): فأمّا كفر الجحود فهو الجحود بالربوبية وهو قول من يقول لا رب ولا جنة ولا نار، وأمّا الوجه الآخر من الجحود على معرفة: وهو ان يجحد الجاحد وهو يعلم أنّه حق قد استقر عنده؛ وقد قال عز وجل: وَجَحَدُوا بِهَا وَاستَيقَنَتهَا أَنفُسُهُم ظُلمًا وَعُلُوًّا. النمل: 14
وقال الله عز وجل: (( وَكَانُوا مِن قَبلُ يَستَفتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُم مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعنَةُ اللَّهِ عَلَى الكَافِرِينَ )). (البقرة: 89). فهذا تفسير وجهي الجحود.
والوجه الثالث من الكفر: كفر النعم، وذلك قوله تعالى يحكي قول سليمان (عليه السلا): (( هَٰذَا مِن فَضلِ رَبِّي لِيَبلُوَنِي أَأَشكُرُ أَم أَكفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشكُرُ لِنَفسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ )) (النمل: 40)، وقال: (( لَئِن شَكَرتُم لَأَزِيدَنَّكُم وَلَئِن كَفَرتُم إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ )) (ابراهيم: 7)، وقال: (( فَاذكُرُونِي أَذكُركُم وَاشكُرُوا لِي وَلَا تَكفُرُونِ )) (البقرة: 152).
والوجه الرابع من الكفر: ترك ما أمر الله عز وجل به، وهو قول الله عز وجل: (( وَإِذ أَخَذنَا مِيثَاقَكُم لَا تَسفِكُونَ دِمَاءَكُم وَلَا تُخرِجُونَ أَنفُسَكُم مِن دِيَارِكُم ثُمَّ أَقرَرتُم وَأَنتُم تَشهَدُونَ * ثُمَّ أَنتُم هَٰؤُلَاءِ تَقتُلُونَ أَنفُسَكُم وَتُخرِجُونَ فَرِيقًا مِنكُم مِن دِيَارِهِم تَظَاهَرُونَ عَلَيهِم بِالإِثمِ وَالعُدوَانِ وَإِن يَأتُوكُم أُسَارَىٰ تُفَادُوهُم وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيكُم إِخرَاجُهُم أَفَتُؤمِنُونَ بِبَعضِ الكِتَابِ وَتَكفُرُونَ بِبَعضٍ فَمَا جَزَاءُ مَن يَفعَلُ ذَٰلِكَ مِنكُم ... المزید )) (البقرة: 84-85)، فكفرهم بترك ما امر الله عز وجل به ونسبهم الى الايمان ولم يقبله منهم ولم ينفعهم عنده.
والوجه الخامس من الكفر: كفر البراءة، وذلك قوله عز وجل يحكي قول ابراهيم (عليه السلام): (( كَفَرنَا بِكُم وَبَدَا بَينَنَا وَبَينَكُمُ العَدَاوَةُ وَالبَغضَاءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤمِنُوا بِاللَّهِ وَحدَهُ )) (الممتحنة: 4)، يعني تبرافنا منكم, وقال يذكر ابليس وتبرئته من اوليائه من الانس يوم القيامة: (( إِنِّي كَفَرتُ بِمَا أَشرَكتُمُونِ مِن قَبلُ )) (ابراهيم: 22) وقال: (( إِنَّمَا اتَّخَذتُم مِن دُونِ اللَّهِ أَوثَانًا مَوَدَّةَ بَينِكُم فِي الحَيَاةِ الدُّنيَا ثُمَّ يَومَ القِيَامَةِ يَكفُرُ بَعضُكُم بِبَعضٍ وَيَلعَنُ بَعضُكُم بَعضًا )) (العنكبوت: 25). يعني يتبرأ بعضكم من بعض.
فالذي نقل عن العلماء بخصوص الكفر أرادوا بها بعض هذه الوجوه من الكفر، وهذه البعض لا تخرج المتصف بها من الإسلام، بل يبقى الشخص على إسلامه ويتعامل معه على أنّه مسلم.