مجتبى ( 16 سنة ) - العراق
منذ 7 أشهر

إمكانية التوافق بين الإسلام ونظرية التطور

السلام عليكم أؤمن بنظرية التطور بجميع جوانبها، فهي نظرية مثبتة علميًا وتعد الأكثر منطقية لتفسير التنوع البيولوجي، هناك العديد من الأدلة العلمية التي تدعمها، مثل الأحافير والمشاهدات البيولوجية، كما أن بعض المسائل التي تشير إلى استحالة تنوع الأعراق من فردين فقط تعتبر بدورها مثبتة علميًا ولا يختلف حولها العلماء. ومع ذلك، أنا أيضًا أؤمن بوجود الله وبأن الإسلام دين حق، وهناك أدلة كثيرة تدعم هذا الإيمان. لذا، سؤالي هنا هل يمكن أن يكون هناك توافق بين الإسلام ونظرية التطور؟


وعليكم السلام ورحمة اللّٰه وبركاته أهلاً بكم في تطبيقكم المجيب ولدي العزيز، نرجو منك قراءة الجواب بصورة دقيقة. نقد النظرية: 1-لقد ثبت علمياً بطلان هذه النظرية، ولعل أبسط ما يفند به تلك النظرية أن تحول خلية بسيطة إلى أخرى أكثر تعقيداً منها - وبحساب الاحتمالات - يحتاج إلى ملايين السنين، هذا هو حال خلية واحدة فكيف حال تحول حيوان إلى آخر؟!! فإنه يحتاج إلى مليارات السنين، وهو ما ثبت بطلانه. هذا أحد الوجوه التي ترد بها هذه النظرية وهناك وجوه أخرى كلها لا تجعل نظرية التطور تصمد أمام النقد العلمي. على إننا في عقيدتنا الإسلامية (التي هي عقيدة السماء وما أوحى الخالق إلى نبيه) لدينا رأي واضح عن كيفية بدأ خلق الإنسان، وهذا هو القرآن الكريم يصرح بذلك، يقول تعالى: ﴿الَّذي أَحسَنَ كلَّ شَيء خَلَقَه وَبَدَأَ خَلقَ الأنسَان من طين﴾ (السجدة: ٧) فبداية خلق الإنسان كانت هي الطين وليس كما يقول أصحاب نظرية التطور من أن الإنسان عن حيوان آخر، ويقول تعالى: ﴿خَلَقَ الأنسَانَ من صَلصَال كَالَفخَّار﴾ (الرحمن: ١٤) ويقول سبحانه أيضاً: ﴿وَلَقَد خَلَقنَاكم ثمَّ صَوَّرنَاكم ثمَّ قلنَا للمَلائكَة اسجدوا لآدَمَ فسَجَدوا إلَّا إبليسَ لَم يَكن منَ السَّاجدينَ﴾ (لأعراف: ١١) ويقول تعالى: ﴿إنَّا خَلَقنَاهم من طين لازب﴾ (الصافات: ١1) ويقول تعالى: ﴿إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن طِينٍ (٧١) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (٧٢)﴾ (سورة: ص). وهناك من الأخبار عن الأنبياء والأوصياء (عليهم السلام) توضح كيفية خلق آدم الذي هو أبو البشر. فما جاءت به نظرية التطور لا ينسجم مع شريعة الله سبحانه وتعالى. هذا أولاً. ٢- الأدلة من العلم على بطلان نظرية دارون علمياً وعقلياً: ألف عشرات العلماء مئات الكتب والتقارير والنشرات حول بطلان نظرية دارون علمياً وعقلياً، وقد توصلوا بجهودهم العلمية إلى نسف النظرية من أساسها، وتقويض أركانها ودعائمها مستندين في ذلك على العلم الحديث كعلم الوراثة والجيولوجيا وغيرهما، مستخلصين عشرات الأدلة على بطلانها، وقد اخترنا بعضها على سبيل التدليل: – أشار بعض العلماء إلى أن دارون نفسه في كتابه "أصل الأنواع" أقر بوجود ثغرات كثيرة ومشكلات كبيرة ومعقدة في نظريته، منها على سبيل المثال: أنه عثر على هياكل حيوانات تعود إلى ما قبل العصر الجليدي تُشبه هياكل حيوانات مماثلة لا تزال موجودة في عصرنا. – أثبت العلم الحديث أن لكل نوع من الأحياء خارطة وراثية ثابتة لا تتغير مهما تطاول الزمن، وبذلك يحافظ كل صنف على استقلاليته وخصائصه، فلا ينشأ من تكاثره مع صنفه أو صنف مغاير له في خارطة المورثات صنف جديد فلا تلد القرود إنساناً ولا يلد الإنسان قرداً أبداً. فعلم الوراثة الحديث قد هدم كل أساس لهذه النظرية، فقد أصبح من الثابت أن الأصول تورث الفروع المتفرعة عنها كل ما تحمله من خصائص بواسطة الكروموسومات. ولا نجد بين أجناس الكروموسومات وعددها توافقاً، فمثلاً في الإنسان (٤٦) وفي القرود (٤٨) وفي الغنم (٥٤) وفي الحصان (٦٦) وفي الكلب (٧٨)، ولهذا فقد أعلن القرار العلمي بطلان النظرية الداروينية. والإشكالية الكبيرة التي تواجه هذه النظرية هو الإلحاد الذي عمل على افراغها عن محتواها العلمي من أجل توظيفها لخدمة مشروعه الغير علمي والغير عقلائي، ومع أنه لا وجود لأي صلة بين الإلحاد وبين نظرية التطور سوى ما كان في نسختها الداروينية أو سوى ما كان في نسختها الحديثة التي تم تطويرها؛ وذلك لأن نظرية التطور تقوم أساساً على أن التغير لا يحدث بدون علة أو سبب. ومن الأخطاء الواضحة التي تعمد الإلحاد ارتكابها هو تحميل نظرية داروين القول بأن التطور قد يحدث بين الأنواع، أي أن النوع يمكن أن يتطور فينقلب إلى نوع أخر، وهذا أمر مستبعد بحسب البحوث الحديثة لهذه النظرية، فالعصفور لا يمكن أن يتطور فيصبح قطاً، والسمكة تصبح فرساً، والقرد يصبح إنساناً، ولا وجود لشاهد واحد يثبت حدوث تطور في النوع، فالعصفور يتغير منقاره إلا أنه يظل عصفور، والاسماك تتشكل بأشكال أخرى إلا إنها تظل اسماك، والإنسان يمكن أن يتغير لونه أو حجمه إلا أنه لا يخرج عن كونه إنساناً، ومن هنا فإن خرافة إن الإنسان والقرد يرجعان إلى جد واحد هو مجرد هراء فكري لا يمتلك شاهد علمي واحد على صحته. وعليه يمكننا القول إن الإلحاد يشكل خطر كبير على النظريات العلمية بوصفه توجه مؤدلج يعمل على افراغ النظريات العلمية من محتواها وتوظيفها من أجل خدمة أيدولوجياته الخاصة، أما الإيمان بالله فإنه يفسح المجال لكل الاكتشافات العلمية ويحرض العقل على التفكير في مخلوقات الله تعالى. ودمتم في رعاية اللّٰه وحفظه.

2