علي اللواتي - عمان
منذ 4 سنوات

 أول من أقام الكعبة

يثير الملحدين شبهة بأنه لماذا سكت الله عن حماية الكعبة المشرفة عندما رماها الحجاج الثقفي بالمنجنيق أثناء قتاله عبدالله بن الزبير، ولماذا لم يمنع القرامطة الذين سرقوا الحجر الأسود منه وقتلوا الحجاج ومنعوا طريق الحج لعدة أعوام، بينما نجده يرسل طيرا أبابيل لمنع ابرهة الحبشي المسيحي؟


الأخ على اللواتي المحترم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. الله عز وجل محيط بالمصالح الكلية والمفاسد العامة، ودفاعه عن بيته الحرام في وقت دون آخر يندرج فيما تقدره حكمته لأنه عليم حيكم، فلا يفعل أفعاله طبقاً لاقتراحات الناس، وهو حين يفعل أمر لا يستشير أحداً ولا يفتقر إلى نصح من أحد، (( لاِ يُسأَلُ عَمَّا يَفعَلُ وَهُم يُسأَلُونَ )) (الأنبياء: 23). ربما كان دفاع الله عز وجلّ عن الكعبة في زمان أبرهة يترتب عليه تهيئة الأرضية وإعداد المجتمع المكي لاستقبال الديانة الجديدة التي ستنطلق من هذه البقعة المقدسة، فلو فرضنا بأن الله تعالى لم يدافع عن بيته، وتمكن أبرهة من إزالة الكعبة ونشر النصرانية في ربوع المجتمع المكي، فكيف يتسنى لنا أن نتصور ما ستكون عليه مهمة الرسول (صلى الله عليه وآله) ؟ هل يمكن لنا أن نتصور وجود إسلام بلا كعبة ؟ إن الكعبة ورمزيتها في الإسلام وموقعيتها من دين واعتقاد المسلمين وارتباطها بصلاة المؤمنين التي وصفها النبي (ص) بأنها عمود الدين، يجعلنا نفهم سر دفاع الله تعالى عن بيته في ذلك الزمان، فالحكمة تقتضي ذلك، والدين الجديد القادم يفتقر إلى كعبة يقدسها العرب وتكون منطلقاً لتوحيد سائر الناس لأنها قبلة يشترك فيها جميع المتدينين بهذا الدين. أما عدم دفاعه عن الكعبة في زمان الحجاج وغيره, فهو أيضاً يندرج تحت الحكمة والمصلحة، فلو قدّرنا أن الله تعالى أعاد الكرّة وأهلك الحجاج وعسكره كما أهلك ابرهة من قبل مع إبلاغه النبي (صلى الله عليه وآله) بافتراق أمته إلى ثلاث وسبعين فرقة، وحصول الفتن المظلمة والمشككة والبلايا التي يمتاز بها المؤمن الحق من غيره حتى يحصل الفرز التام قبيل ظهور المهدي (عليه السلام) ... المزید فما قيمة ذلك الإبلاغ بل ما هو موضوعه، فلو أن كل خارج على الدين قد قصمه الله تعالى فهل تبقى هنالك من ضرورة للابتلاء والامتحان والفتن، بل هل سيبقى لها موضوع أصلاً؟! فهذا جانب مما لم يُحط به هؤلاء الملحدون حين أشكلوا إشكالهم... وإلاّ فالأمر أعظم وأعظم. ودمتم في رعاية الله

2