أمير العرادي - الكويت
منذ 4 سنوات

 القضاء والقدر

هل الإنسان مخير أم مسير؟ وإذا كان مخيراً فما هو إذاً القضاء والقدر ؟


الاخ أمير العرادي المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لايوجد تعارض بين القول بالاختيار للانسان وبين الالتزام بالقضاء والقدر, وذلك إذا عرفنا معنى القضاء والقدر. ومعناهما: هو التقدير أن لوجود كل شيء حداً وقدراً كما لتحقيق وجوده قضاءاً وحكماً مبرماً في جانبه تعالى, فكل شيء يقدر أولاً, ثم يحكم عليه بالوجود. وهذه الشبهة كانت عالقة في بعض الأذهان منذ القدم, وقد أجاب عنها أئمة أهل البيت (عليهم السلام). فقد جاء في كتاب (التوحيد للشيخ الصدوق/الحديث28): (أقبل شيخ الى الامام علي (عليه السلام) عند منصرفه من صفين, فقال: أخبرنا عن مسيرنا إلى أهل الشام أبقضاء الله وقدره؟ فقال: أجل يا شيخ ما علوتم من طلعة, ولاهبطتم من واد إلاّ بقضاء من الله وقدره. فقال الشيخ: عند الله أحتسب عنائي يا أمير المؤمنين (ومعنى هذه الجملة: إني لم أقم بعمل اختياري ولأجل ذلك أحتسب عنائي). فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): يا شيخ فوالله لقد عظّم الله لكم الأجر في مسيركم وأنتم سائرون وفي مقامكم إذ أنتم مقيمون وفي منصرفكم وأنتم منصرفون, لم تكونوا في شيء من حالاتكم مكرهين, ولا إليه مضطرين. فقال الشيخ: فكيف لم نكن في شيء من حالاتنا مكرهين ولا إليه مضطرين وكان بالقضاء والقدر مسيرنا ومنقلبنا ومنصرفنا؟ فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): أتظنّ أنه كان قضاءً حتماً وقدراً لازماً, انّه لو كان كذلك لبطل الثواب والعقاب والأمر والنهي, والزجر من الله تعالى, وسقط معنى الوعد والوعيد, ولم تكن لائمة للمذنب ولا مَحمَدة للمحسن, ولكان المذنب أولى بالاحسان من االمحسن, ولكان المحسن أولى بالعقوبة من المذنب, وتلك مقالة إخوان عبدة الأوثان وخصماء الرحمن, وحزب الشيطان وقدرية هذه الأمة ومجوسها, وانّ الله كلّف تخييراً ونهى تحذيراً, وأعطى على القليل كثيراً ولم يفعص مغلوباً, ولم يطع مكرهاً, ولم يملك مفوضاً, ولم يخلق السموات والارض وما بينهما باطلاً, ولم يبعث النبييّن مبشرين ومنذرين عبثاً, ذلك ظنّ الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار... والحديث الشريف جمع بين القول بالقضاء والقدر وكون الانسان مخيراً لا مسيّراً. ولك منّا خالص التقدير والاحترام ودمتم سالمين

4