عند هجرة أمير ألمؤمنين مع ألفواطم (عليه وعليهن ألسلام)، لماذا كفار قريش لم يتجرأوا على أللحاق بهم وقتلهم مثل ما كانو يفعلون مع كل من يهاجر؟ ماسبب خوفهم من أمير المؤمنين؟ خصوصا كان عليه السلام في مقتبل عمره ولم يكن له مشاركة سابقة في معركة حتى تختبر شجاعته؟
ثبتنا الله وأياكم على ولايته.
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
مرحبًا بك أيها السائل الكريم
إنّ مشركي قريش قد أرسلوا مجموعة من الفرسان ، في طلب أمير المؤمنين (عليه السلام) ، عندما هاجر من مكة إلى المدينة ، وقد انتصر عليهم بقتل بعضهم ، وفرار الباقيين ، فقد جاء في أعيان الشيعة ، السيد محسن الامين ، ج2,ص88-89 :
خرج علي بالفواطم فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه واله) وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم وفاطمة بنت الزبير بن عبد المطلب وزاد بعضهم فاطمة بنت حمزة بن عبد المطلب ، وتبعهم أيمن بن أم أيمن مولى رسول الله (صلى الله عليه واله) وأبو واقد الليثي.
قال الشيخ الطوسي في تتمة الخبر السابق : فجعل أبو واقد يسوق الرواحل سوقا حثيثا فقال علي ارفق بالنسوة يا أبا واقد انهن من الضعائف قال إني أخاف أن يدركنا الطلب قال أربع عليك ، ثم جعل علي يسوق بهن سوقا رفيقا وهو يقول :
ليس إلا الله فارفع ظنكا * يكفك رب الناس ما أهمكا
فلما قارب ضجنان أدركه الطلب وهم ثمانية فرسان ملثمون معهم مولى لحرب بن أمية اسمه جناح وكان قريشا لما فاتهم محمد (صلى الله عليه واله) وبطل كيدهم فيه ولم يقدروا عليه ثم رأوا ان عليا قد خرج من بينهم جهارا بالفواطم الهاشميات لاحقا بابن عمه اعدى أعدائهم وما هو إلا رجل واحد وهم عصبة اخذهم الحنق وهاجت بهم العداوة وقالوا كيف يخرج هذا الشاب الهاشمي المنفرد عن ناصر ابن عم محمد بنسائه ظاهرا غير هياب ولا نناله بسوء ولا نرده صاغرا ، إن هذا لذل وعار علينا إلى الأبد ، فانتخبوا من فرسانهم هؤلاء الثمانية ليلحقوه ويردوه فقال علي لأيمن وأبي واقد أنيخا الإبل واعقلاها وتقدم فأنزل النسوة ودنا القوم فاستقبلهم علي (عليه السلام) منتضيا سيفه والله أعلم كم كان خوف النسوة لما رأوا هذه الحال وكأنهن كن يتناجين هل يستطيع علي وهو رجل واحد راجل ليس بفارس مقاومة ثمانية فرسان فتارة يغلب عليهن الياس ويبتهلن إلى الله تعالى ان ينصر عليا على عدوه وتارة يقلن ان عليا ملامح الشجاعة عليه ظاهرة بينة ولو لم يعلم أنه كفؤ لكل من يعارضه لما خرج بنا ظاهرا معلنا فيغلب عليهن الأمل.
فقال الفرسان : ظننت انك يا غدار ناج بالنسوة ارجع لا أبا لك وهكذا يكون خطاب ثمانية فرسان لرجل واحد لا يظنون أنه يقدر على مقاومتهم قاسيا جافيا قال علي (عليه السلام) مجيبا لهم جواب شخص غير مبال بهم ولا مكترث ، جواب هادئ مطمئن : فإن لم أفعل ؟ فأجابوه بجواب كسابقه في القساوة والجفاء قالوا : لترجعن راغما أو لنرجعن بأكثرك شعرا وأهون بك من هالك ودنوا من المطايا ليثوروها فحال علي (عليه السلام) بينهم وبينها فاهوى له جناح بسيفه فراع عن ضربته رواع عارف بالفنون الحربية ماهر فيها وهو بعد لم يباشر حربا قبلها وسنه لم يتجاوز العشرين أو تجاوزها بقليل وضرب جناحا على عاتقه فقده نصفين حتى وصل السيف إلى كتف فرسه وذلك إن عليا راجل وجناح فارس والفارس لا يمكنه ضرب الراجل بالسيف حتى ينحني ليصل سيفه إلى الراجل فلما انحنى جناح لم يمهله علي حتى يعتدل بل عاجله بأسرع من لمح البصر وهو منحن بضربة على عاتقه قبل ان يعتدل قدته نصفين ، وهذا شئ لم يكن في حسبان جناح وأصحابه وشد علي أصحابه وهو على قدميه شدة ضيغم وهو يقول:
خلوا سبيل الجاهد المجاهد * آليت لا أعبد غير الواحد
فتفرق القوم عنه وقالوا : احبس نفسك عنا يا ابن أبي طالب قال : فاني منطلق إلى أخي وابن عمي رسول الله فمن سره ان أفري لحمه وأريق دمه فليدن مني وهنا هدأ روع النسوة وعلمن انهن بصحبته في منجاة من كل خطر وقد ذكرنا فيما مر المقايسة بين هذه الحال لما لحق عليا ثمانية فوارس وبين حال النبي (صلى الله عليه واله) لما لحقه ومن معه فارس واحد فراجع .
ثم اقبل علي بعد قتله جناحا وفرار أصحابه على أيمن وأبي واقد وقال لهما اطلقا مطاياكما ثم سار ظافرا قاهرا حتى نزل ضجنان فلبث بها يومه وليلته ولحق به نفر من المستضعفين من المؤمنين فيهم أم أيمن مولاة رسول الله (صلى الله عليه واله) وبات ليلته تلك هو والفواطم طورا يصلون وطورا يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم حتى طلع الفجر فصلى بهم صلاة الفجر ثم سار لا يفتر عن ذكر الله هو ومن معه حتى قدموا المدينة ، وقد نزل الوحي بما كان من شأنهم قبل قدومهم بقوله تعالى : {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ} [آل عمران: 191] إلى قوله {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ} [آل عمران: 195] , وتلي (صلى الله عليه واله) : {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ } [البقرة: 207] , وفي سيرة ابن هشام : أقام علي بن أبي طالب (عليه السلام) بمكة ثلاث ليال وأيامها حتى أدى عن رسول الله (صلى الله عليه واله) الودائع ثم لحق به بقبا فأقام بها ليلة أو ليلتين (اه) .
دمتم في رعاية الله