مصطفى - الولايات المتحدة
منذ 4 سنوات

 الأحرف النورانية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أنا طالب أدرس حالياً في الولايات المتحدة. وفي هذا الوقت أدرس مادة تعني بالأديان والمذاهب السماوية والغير سماوية. وإلى الآن أصبحت عندي بعض الإستفسارات تركتني في حيرة من أمري بخصوص ديننا الإسلامي بشكل عام. أوّلاً: القرآن يقول بأنّ النبيّ محمد(صلّى الله عليه وآله) أرسل رحمة للعالمين، وبأنّ القرآن معجزة مخلدة. سؤالي هنا: كيف يكون النبيّ محمد(صلّى الله عليه وآله) رحمة للعالمين جميعاً، في حين أنه بعث للعرب وبمعجزة القرآن التي تعتبر معجزة لغوية خصوصاً، وبعض المعاجز التي تختص ببعض العلوم والمستقبل عموماً. أعني أنّه كيف يكون القرآن مصدر هداية للغرب في حين أنّ القرآن يخسر جزء كبير جدّاً من إعجازه اللغوي عند ترجمته للغات أُخرى، فيصبح القرآن كأي كتاب آخر؟ ثانياً: لماذا القرآن يذكر ويركز على قصص أو أحداث حدثت للنبيّ محمد -ص- كالمنافقين وبعض المعارك في العهد الإسلامي؟ لماذا يذكر القرآن هذه الأحداث ويتطرق للقليل من الأحداث التي حدثت خلال الأديان الأُخرى. أليس من الأولى أن يشمل القرآن الكثير عن المسيحية واليهودية, لكي يهديهم إلى الإسلام؟ ثالثاً: من خلال دراستي المبسطة لبعض الأديان الغير سماوية: لماذا لا يذكر القرآن أي منهم؟ رابعاً: كيف تكون معجزة القرآن في الإعجاز اللغوي، الذي جاء بما كان العرب يتفاخرون به في زمنهم وهي اللغة العربية، في حين أن أكثر من في الكون لا يتكلّمون العربية.. كيف تكون لغة الجنّة اللغة العربية كذلك، في حين أنّ العرب هم من فقط يستعملون هذه اللغة؟ خامساً: نرى أنّ القرآن يستخدم الكثير من التشبيهات التي كانت منتشرة عن العرب، كمثال، في قصّة نبيّ الله سليمان والملكة بلقيس، يقول الله عزّ وجلّ: (وَكَشَفَت عَن سَاقَيهَا)(النمل: 44)، في حين أن المقصود هو شدّة الموقف وهول الموقف، وليس الكشف الفعلي للساق، كيف تكون هذه معجزة لغير العرب حين قرائة القرآن؟ فالقرآن في هذه الحالة يصبح غير واضح المعنى.. أتمنى الإجابة بالقدر المستطاع عن هذه الشبهات وأعتذر عن الإطالة. والسلام خير ختام.


الأخ مصطفى المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. 1- كان نزول القرآن باللغة العربية لمميزات موجودة في هذه اللغة وعن مصالح التي لا نعرف إلاّ بعضها، منها أنّ العرب في زمان النزول كانوا أرباباً للفصاحة والبلاغة، وكانوا قادرين على تشخيص كلام الله من غيره، وهم كانوا أشدّ انحرافاً من غيرهم، وإنّ معاني القرآن ومفاهيمه لو نزل في غير لغتهم لم يؤمنوا بها كما جاء في القرآن، وإنّ في لغة العرب خصائص ومميزات ليس في غيرها من التعابير المتنوعة، والاستعارات، والمجازات العديدة، وأساليب الكلام والمحسنات الموجودة فيها، ولا تقاس إلى لغات الدنيا في وسع دائرة شمول هذه اللغة، فهذه الأمور وغيرها من المصالح والفوائد التي لا نعرف إلاّ بعضها سببت بنزول القرآن بها، وعلينا أن نبذل الجهد في سبيل تعلّم هذه اللغة القرآنية والحديثية، ولغة أهل الجنّة بمقدار لازم حتّى لا نحرم عن معاني القرآن والحديث وغيرهما من العلوم الإسلامية. وإن كنت تريد مزيداً من البيان في هذا المجال، فعليك عنوان (القرآن وعلومه) ضمن الاسئلة العقائدية. 2- وأمّا نبيّنا(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فلا بدّ أن يبعث في مكان ما، وقد بعث في قلب جزيرة العرب، ولكن لا تختص نبوّته في هذه المنطقة، بل هو نبيّ لكلّ الأمكنة والأزمنة إلى يوم القيامة، وهو عليه الصلوات والسلام جُعل نذيراً للعالمين، وليس للعرب فقط، وقد أكّد على هذا الأمر القرآن والحديث. 3- وأمّا إعجاز القرآن اللغوي وفقدان هذا الإعجاز عند ترجمته إلى اللغات الأُخرى، فلا يؤثر في معجزيته، فإنّ القرآن معجزة في اللغة التي أنزل فيها، وفي أسلوبها وتراكيبها ومحاسنها، هذا من جهة اللغة فقط. وأمّا مطالبه ومفاهيمه، فلا توجد هكذا أمور إلاّ في القرآن الكريم، والقرآن معجزة إلى يوم القيامة، ولم يقدر أحد من الفصحاء والبلغاء في اللغة العربية حتّى الآن، بل إلى يوم القيامة أن يعارضوه ويأتوا بمثله، بل بمثل بعضه. 4- إنّ القرآن ليس كتاب قصص وأحداث، بل كتاب هداية، وما ذكر من الأحداث والقصص فالمقصود منها العبرة، ولذا القصص المذكورة في القرآن ليست بطولها وتفصيلها، بل يركز على بعضها. وأمّا ما جاء من ذكر المعارك والأحداث التي وقعت في زمان النبيّ(صلّى الله عليه وآله) فهو لبيان الأحكام ونزول بعض جوانب الشريعة المتعلقة بتلك الأحداث، وليس هذا من التاريخ في شيء، بل سبب وشأن نزول بعض الآيات فقط. 5- وأمّا باقي الأمور التي ذكرت في السؤال فيرجع بعضها إلى النكات التي ذكرنا، وبعضها موجودة في عنوان (القرآن وعلومه) ضمن الأسئلة العقائدية، فراجع.  ودمتم في رعاية الله

2