مرتضى - بلجيكا
منذ 4 سنوات

 الأحرف النورانية

بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد و آل محمد الأطيبين الأطهرين واللعنة الدآئمة الوبيلة على أعدآئهم وظالميهم أجمعين. كيف يكون القرآن الكريم معجزة لغير الناطق بالعربية, وكيف نفهم الإعجاز والتحدي بإتيان سورة مثلها لمن لا يقدر أن يفهم العربية, وماذا يفعل هؤلاء ببلاغة القرآن الكريم , هذه شبهة عرضت علي ولم أستطع أن أجيب عليها بجواب مقنع, أرجوا أن توسعوا في الجواب لأن الطرف المقابل ليس مسلم وليس ملتزم بدين ولا يقتنع إلا بجواب مكتمل وشافي. ذكرت له عن المعجزات العلمية ولكن أتى علي بشبهة أخرى كيف كان أمر الأوروبيين الذين كانوا قبل مئات السنين من الذين لم يصل لهم العلم, كي يذعنوا بهذه الحقائق العلمية, حتى يكون لهم القرآن الكريم معجزة, فلم أعرف كيف أجيبه. وشكرا


الأخ مرتضى المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يمكن الرد على شبهتك أخي الكريم بعدة إجابات نرجو الإلتفات لها: 1- يمكن إعتبار القرآن الكريم معجزة بالنسبة لغير العربي في حال فهمه بأن العرب - وهم أصحاب الإختصاص - قد عجزوا عن الإتيان بمثله فيكون عجزه عن ذلك من باب أولى. 2- يمكن لغير العربي تعلم العربية ومعرفة أصول وقواعد هذه اللغة وإشراقاتها البلاغية والمعرفية ووجوه التفرد بها عن باقي اللغات كما في بديعها وبيانها ومعانيها وفصاحتها ووو...... الخ, لتكون له باباً لمعرفة إعجاز القرآن الكريم, وهذا أمر ممكن بحد ذاته. 3- يمكنه الرجوع إلى دائرة التأثر البشري بالقرآن الكريم من أصحاب الديانات الأخرى كالمسيحية واليهودية من غير الناطقين بلغة الضاد واعترافاتهم بأسرار هذه اللغة المحتضنة لسر هذه لغة القرآن وإعجازه الخالد فهم - كما لا يخفي - حجة على غير الناطقين بالعربية في قبولهم إعجاز القرآن الكريم المجيد رغم أن لغتهم غير العربية. و لا أعتقد يبعد عنك معرفة كون أخوة مسلمين موجودين في بقاع الأرض المختلفة ومن غير الناطقين باللغة العربية والناطقين بلغات مختلفة كثيرة,ولكن العربية ليست منها، كانوا قد تعقلوا الإسلام وفهموا معجزته وأدركوا دقائق علمه وأبدعوا بعد ذلك في التعبير عنه بل وفي اللغة التي نزل بها وإيصال علومه إلى سواهم وهم الأعاجم في بلاد الهند والترك والفرس وغيرهم. 4- لا يمكن حصر معجزة القرآن في العصر الحديث من جهة البلاغة فقط حتى يقال إنها ليست من اختصاص غير العرب بل أوجه الإعجاز القرآني الآن واسعة المرامي كثيرة الإبعاد فلدينا ما ينطبق من علوم القرآن على فضاءات رحبة من العلوم المعاصرة، والكثيرة والتي منها معالجاته المطابقة لعلوم النفس المعاصرة وحديثة عن العلوم الفلكية والمغيبات والرياضيات وعلم الاجتماع وفن الإدارة والقضاء والحرب وأصول الأخلاق وغيرها الكثير والكثير.. وهذا جميعاً غير موقوف على معرفة اللغة بما هي لغة بل يمكن متابعتها عن طريق المصاحف المترجمة والتفاسير المترجمة والكتب العلمية التي تناقش هذه العلوم الكثيرة والمترجمة أيضاً, فقد أصبح كل شيء تقريباً الآن - وببركة تطور وسائل البحث والمخاطبة والتواصل - في متناول الأيدي فلماذا لا يعتمد غير العربي هذه الوسائل والسبل إذا كان جاداً في طلب الحقيقة. 5- كما يمكن الإيمان بمعجزة النبي محمد (صلى الله عليه وآله) من خلال دراسة نفس شخصية النبي محمد (صلى الله عليه وآله) من الجهات الأخلاقية والتاريخية والاجتماعية بل والنفسية وكذا دراسة آثاره وقدرته على تغيير مَن حوله والظروف التي نشأ فيها ولياقته العالية في تغييره للسائد من الأفكار والعبادات والمعاملات المستحكمة في عصره وتأثيره الرفيع على قناعة أصحاب العلم والثقافة والديانات السابقة, ثم عدم القدرة على طمس هذه الآثار رغم شناعة الأحداث وقساوة المعادين وتعسف الطرق المتبعة ضده وضد دينه وأتباعه، مما يعني أن هذا الدين محفوظ بقوة خفية عظمى تجعل القرآن عصياً أمام عوامل التعرية التي يفرضها جهل الإنسان وحقد المتلاعنين ويصمد أمام التحريف وأمواج محاولاته العاتية طول التاريخ مما يجعلنا نطمئن أن فيه من عوامل القوة ما يجعله باقياً خالداً. 6- نحن لا ندعي أن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) ومعجزته الخالدة مختصة بالعرب حتى نسأل كيف أعرف المعجزة وأنا غير عربي وإنما نقول أن النبي الأقدس (صلى الله عليه وآله) ومعجزته أي القرآن الكريم للناس كافة, وبَعث النبي (صلى الله عليه وآله) بلسان قومه ولغتهم لا يعني اختصاصه بهم وعدم قدرة الآخرين على الدخول في دينه وإلا لبطلت دعوته لغير قومه وإدعاءه انها للعالمين طراً حيث لا يجب اتحاد لغته (صلى الله عليه وآله) مع كل من بعث إليهم ولا يشترط ذلك فهذا إبراهيم (عليه السلام) دعا عرب الحجاز إلى الحج وهو ليس منهم وهذا موسى بن عمران الكليم (عليه السلام) دعا فرعون للإيمان وهو عبري والمرسل إليه قبطي. ودمتم في رعاية الله