حسن - الكويت
منذ 4 سنوات

 الأحرف النورانية

السلام عليكم ورحمة الله تعالى قلتم في البداية ان الجهة الاولى من اعجاز القران هي نظمه المعجز وبلاغته وثانيا تحديه لكل العرب, ولكن كل الايات التي فيها تحدي على الاتيان بمثل هذا القران لايوجد معها قرينة تدل على ان التحدي مرتبط بالنظم والبيان, من اين جاءت فكرة ان تحقيق المثلية للقران هي في النظم والبيان؟؟ بل بالعكس! لان القران دائما يصف نفسه بانه كتاب هدى وليس كتاب فصاحة وبلاغة وغيره.


الأخ حسن المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته القرآن معجز ولا شك من أنه نزل على أمة الفصاحة والبلاغة والنظم في اللغة والنشر والبيان, أفلا يكفي هذا لمن شك في إعجازه, ولمّا كان العرب هم الذين يتذوقون هذا الفن والإبداع اللغوي الذي يحاكي لغتهم كان هناك معنى ومغزى لهذا الإعجاز الذي شمل كل جوانب اللغة من بلاغة ونظم وبيان ومعاني هذا إضافة إلى كل جوانب الحياة (( مَا فَرَّطنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيءٍ )) (الانعام:38). ثم إن القرآن كله أعجاز في نظمه في بيانه في حكمته في سياسته في إجتماعياته في غيبياته وأخباره وقصصه يقول الشيخ الطوسي في كتابه (الاعتقاد): (( وأقوى الأقوال عندي قول من قال إنما كان معجزا خارقا للعادة لاختصاصه بالفصاحة المفرطة في هذا النظم المخصوص دون الفصاحة بانفرادها ودون النظم بانفراده ودون الصرفة، والذي يدل على ما قلناه واخترناه أن التحدي معروف بين العرب بعضهم بعضا ويعتبرون في التحدي معارضة الكلام بمثله في نظمه ووصفه لأنهم لا يعارضون الخطب بالشعر ولا الشعر بالخطب والشعر لا يعارضه أيضا إلا بما كان يوافقه في الوزن والروي والقافية فلا يعارضون الطويل بالرجز ولا الرجز بالكامل ولا السريع بالمتقارب، وإنما يعارضون جميع أوصافه. فإذا كان كذلك فقد ثبت أن القرآن جمع الفصاحة المفرطة والنظم الذي ليس في كلام العرب مثله، فإذا عجزوا عن معارضته فيجب أن يكون الاعتبار بهما. فأما الذي يدل على اختصاصها بالفصاحة المفرطة فهو أن كل عاقل عرف شيئا من الفصاحة يعلم ذلك وإنما في القرآن من الفصاحة ما يزيد على كل فصيح وكيف لا يكون كذلك وقد وجدنا الطبقة الأولى قد شهدوا بذلك وطربوا له كالوليد ابن المغيرة والأعشى الكبير وكعب بن زهير ولبيد بن ربيعه والنابغة الجعدي )) (الاعتقاد - ص 183) وقال في صفحة (174) (( وأما اختصاصه بالنظم معلوم ضرورة لأنه مدرك مسموع وليس في شئ من كلام العرب ما يشبه نظمه من خطب ولا شعر على اختلاف أنواعه وصفاته، فاجتماع الأمرين منه لا يمكن دفعهما. ملاحظة نود ذكرها ان من عارض القرآن لم يعارضه بأمر من خارج النظم والبيان وهذا مسيلمة لما جاء وعارض القرآن كتب: والنازعات غرقا والعاجنات عجنا والخابزات خبزا واللاقمات لقما أهالةً وسمناً )). وقال العلامة السيد الطباطبائي: (( التحدي بالبلاغة وقد تحدى القرآن بالبلاغة كقوله تعالى: (( أَم يَقُولُونَ افتَرَاهُ قُل فَأتُوا بِعَشرِ سُوَرٍ مِثلِهِ مُفتَرَيَاتٍ وَادعُوا مَنِ استَطَعتُم مِن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُم صَادِقِينَ * فَإِلَّم يَستَجِيبُوا لَكُم فَاعلَمُوا أَنَّمَا أُنزِلَ بِعِلمِ اللَّهِ وَأَن لَا إله إِلَّا هُوَ فَهَل أَنتُم مُسلِمُونَ )) (هود:13-14). والآية مكية، وقوله تعالى: (( أَم يَقُولُونَ افتَرَاهُ قُل فَأتُوا بِسُورَةٍ مِثلِهِ وَادعُوا مَنِ استَطَعتُم مِن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُم صَادِقِينَ * بَل كَذَّبُوا بِمَا لَم يُحِيطُوا بِعِلمِهِ وَلَمَّا يَأتِهِم تَأوِيلُهُ )) (يونس:38-39). والآية أيضا مكية وفيها التحدي بالنظم والبلاغة فإن ذلك هو الشأن الظاهر من شؤون العرب المخاطبين بالآيات يومئذ، فالتاريخ لا يرتاب أن العرب العرباء بلغت من البلاغة في الكلام مبلغا لم يذكره التاريخ لواحدة من الأمم المتقدمة عليهم والمتأخرة عنهم ووطئوا موطئا لم تطأه أقدام غيرهم في كمال البيان وجزالة النظم ووفاء اللفظ ورعاية المقام وسهولة المنطق. وقد تحدى عليهم القرآن بكل تحد ممكن مما يثير الحمية ويوقد نار الانفة والعصبية. وحالهم في الغرور ببضاعتهم والاستكبار عن الخضوع للغير في صناعتهم مما لا يرتاب فيه، وقد طالت مدة التحدي وتمادى زمان الاستنهاض فلم يجيبوه إلا بالتجافي ولم يزدهم إلا العجز ولم يكن منهم إلا الاستخفاء والفرار، كما قال تعالى: (( أَلَا إِنَّهُم يَثنُونَ صُدُورَهُم لِيَستَخفُوا مِنهُ أَلَا حِينَ يَستَغشُونَ ثِيَابَهُم يَعلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعلِنُونَ )) (هود:5). وقد مضى من القرون والاحقاب ما يبلغ أربعة عشر قرنا ولم يأت بما يناظره آت ولم يعارضه أحد بشئ إلا أخزى نفسه وافتضح في أمره. وقد ضبط النقل بعض هذه المعارضات والمناقشات، فهذا مسيلمة عارض سورة الفيل بقوله: (الفيل ما الفيل وما أدريك ما الفيل له ذنب وبيل وخرطوم طويل) )) (الميزان1 :68). ودمتم برعاية الله