الميزا علي - عمان
منذ 4 سنوات

 معاني الحروف المقطعة في أوائل السور(1)

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ذكرتم أن الاعجاز ليس في تقليد القرآن؟ فهل هذا يعني امكانية تقليد اسلوب القرآن من قبل العرب سابقا؟ وقلتم الاعجاز يكمن في عدم القدرة على اتيان بنظير القرآن وشبيهه، نظيره في ماذا وشبيهه في ماذا؟ هلا استخدمتم شعر أحد الشعراء البارزين كالمتنبي وامرئ القيس في توضيح فكرتكم حول النظير والتقليد؟ وشكرا جزيلا


الأخ علي المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أوضحنا لك في الأجابة السابقة أن إعجاز القرآن يقع في جهتين: الجهة الأولى: نظمه المعجز وبلاغته التي لا ينهض بمثلها أي عمل أدبي مهما كان, ومن جملة ذلك روعة أسلوبه وإتقان مضمونه وعلو رتبته في البيان، بحيث يكون ذلك النظم فوق ما تقتضيه صناعة الأدب، بل يتفوق من حيث المضمون على أي كتاب آخر. الجهة الثانية: تحديه لكل العرب فضلاً عن أدبائهم وشعرائهم وبلغائهم أن يأتوا بسورة من مثله، ولما كان فصحاء العرب المعاصرون لنزول القرآن قد سمعوا هذا التحدي ومع ذلك لم يتمكنوا من معارضته رغم أنهم لو فعلوا ذلك ـ على فرض قدرتهم على المعارضة ـ لكانت تلك المعارضة له بإيجاد سورة نظير سوره أو شبيهة بها لكان يكفيهم المؤونة في دحض حجة النبي(ص) وإبطال دعواه، وهذا هو غاية ما كان بعضهم يرمي إليه. ولكنهم عجزوا عن تلك المعارضة فثبت أنه معجز وأنه من عند الله لا من عند النبي محمد(ص)، وهو (ص) لم يؤثر عنه قبل البعثة تفوقاً في شعر أو أدب أو علم أو كتاب. وينبغي أن نلفت انتباهك إلى أن التقليد الذي يمتنع في كل عمل أدبي إبداعي، ليس هو سر إعجاز القرآن وإلاّ لكانت جميع تلك الأعمال إعجازية، وليس كذلك لأن قوام الإعجاز إنما يكون مستنداً إلى علو الرتبة بحيث لا يكون بنفس مستوى الأعمال الأدبية التي تقع كلها تقريباً في مرتبة واحدة ، لأن كل تلك الأعمال الأدبية تشترك في كونها عملاً أدبياً وأن تفاوتت مضموناً واسلوباً، ولكن القرآن ليس مجرد عملاً إبداعياً، بل هو أسمى من ذلك لمكان نظمه العجيب المقرون بالتحدي. وقولنا أن مناط إعجاز القرآن ليس من جهة عدم تقليده لأن كل إبداع أدبي شخصي لا يقلد، لا يعني إمكان تقليد القرآن إذ هو في أعلى رتبة الأبداع لو صح لنا أن نقول ذلك (لأن الإبداع يقاس بالمستوى البشري والقرآن معجز غير بشري) وإنما كان نفينا للقاعدة الكلية التي أراد السائل أن يلزمنا بها وهي: لو كان مناط الإعجاز هو عدم إمكان التقليد فإن كل عمل أدبي يكون معجزاً لعدم إمكان تقليده فهو كبصمة الإبهام من حيث اختصاصها بصاحبها، فكان جوابنا أن دعوانا بإعجاز القرآن خص من المدعي وأن المناط في الأعجاز ليس هو عدم أمكان التقليد وإنما لخصوصيات خاصة (مع إثبات عدم التقليد) هو كونه عادم للنظير والمثيل فإن العرب كانت وما زالت تقارن بين شعر الشعراء الذي فيه الأعلى والأوطأ والمساوي، فإنهم كانوا مثلاً يقارنون بين أبيات للنابغة وأبيات لامرئ القيس ومن الواضح أن لكل أسلوبه وبلاغته ونمطه الخاص من أساليب البلاغة ولكن مع ذلك كانوا يحكمون بالمناظرة والمساواة بين الشعرين ولذلك اختاروا المعلقات ليكون فيها نوع من المكافئة والمناظرة ولكنهم عندما سمعوا القرآن أدركوا مباشرة بأنه لا نظير له ولا مثيل ولا يمكن مجاراته. فلاحظ. ودمتم في رعاية الله

1