بدر الدين - تونس
منذ 4 سنوات

 الأحرف النورانية

ما موقف الشيعة من مسألة خلق القرآن؟ نجد في التاريخ أن علماء قد امتحنوا في هذه القضية على رأسهم أحمد بن حنبل ونعيم المروزي، لكن لا نجد أثراً يذكر لأئمة أهل البيت للتصدي لهذه المقولة! فهل القول عندهم كان هو أن القرآن مخلوق (كما يقول الخوارج والمعتزلة) أم كان لهم موقف لم يصلنا خبره، أفيدونا جزاكم الله خيراً.


الأخ بدر الدين المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إن مسألة خلق القرآن إذا كنا قد عرفنا دوافع إفتعالها اتضح لنا موقف أهل البيت (عليهم السلام)! فمسألة خلق القرآن لا تحمل طابعها العلمي والديني بقدر ما تحمل طابعاً ودوافع سياسية صرفة، أهمها تصفية حسابات الخليفة العباسي المأمون مع أهل السنة لأسباب عديدة لا يمكن ذكرها في المقام ، على أن أهل السنة قد استفادوا من الإصرار على القول بعدم خلق القرآن اعتبارات سياسية أخرى ، إذ كان المتوكل العباسي الذي رفض سياسة المأمون قال بعدم خلق القرآن وقرّب الذين رفضوا بالخضوع لقول المأمون السياسي وأسبغ عليهم طابع الإصرار على عدم التساوم في دين الله ... إلى آخرها من الأمور التي استفاد بها بعضهم سياسياً كمعارضين ومؤيدين لسياسات هو جاء غير صحيحة . لذا فقد أريقت دماء لقضية ليس لها أثرها العلمي والديني بحال ، فخلق القرآن وعدم خلقه لا يعني إلاّ لعبة سياسية مقيتة ليس لها آثارها على المجتمع الإسلامي ، وبذلك فان أهل البيت (عليهم السلام) يعرفون دوافع هذه القضية فأمروا شيعتهم بتجنب هذه المزالق السياسية صوناً لحياتهم الشريفة، وبالمقابل فان أهل البيت (عليهم السلام) رفضوا الدخول في هذه اللعبة السياسية التي ترجع عوائدها إلى النظام لا غير . لذا فإن الإمام الرضا (عليه السلام) تدارك هذه القضية حينما سئل عن القرآن أهو مخلوق أم لا فقال : لا أقول فيه إلاّ أنه كتاب الله ــ هذا مضمون حديثه (عليه السلام) ــ وبذلك تجد أن الإمام (عليه السلام) قد اجتنب الدخول في هذه اللعبة السياسية التي أريقت بسببها دماء دونها طائل . نعم، ان الأئمة (عليه السلام) أكدوا على قضايا حيوية مثل البداء والأمر بين الأمرين وغيرهما من القضايا الإسلامية الحيوية ، في حين تجنّب الأئمة (عليهم السلام) إقحام أنفسهم وشيعتهم بقضايا لم تجد لها أي تأثير على المستويين العلمي والعقائدي كما قلنا . ودمتم سالمين