معنى قوله تعالى (لم تحرم ما أحل الله لك)
السلام عليكم ورحمة الله... هل إستخدم المولى عز وجل في خطابه مع الانبياء أسلوب الشدة بالتحذير والوعيد؟! وما معنى قول الله عز وجل في خطابه إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في بعض المواضع التالية: 1- (( مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسرَى حَتَّى يُثخِنَ فِي الأَرضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنيَا وَاللّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * لَّولاَ كِتَابٌ مِّنَ اللّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُم فِيمَا أَخَذتُم عَذَابٌ عَظِيمٌ )) (الأنفال:67- 68) 2- (( وإِن كَادُوا لَيَفتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوحَينَا إِلَيكَ لِتَفتَرِيَ عَلَينَا غَيرَهُ وَإِذاً لاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً * وَلَولا أَن ثَبَّتنَاكَ لَقَد كِدتَ تَركَنُ إِلَيهِم شَيئاً قَلِيلاً * إِذاً لأذَقنَاكَ ضِعفَ الحَيَاةِ وَضِعفَ المَمَاتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَينَا نَصِيراً )) (الإسراء:86-87) هنا يا اخي الكريم لا أدعى (( على )) عصمة النبي محمد صلى الله عليه وآله, ولكنه أمر ذي شقين ! الملاحظ في الشق الأول أن الله عز وجل استخدم أسلوب شديد اللهجة مع المصطفى محمد صلى الله عليه وآله وسلم في مسألة الأسرى اولا, ولولا لطف الله وكتاب منه سبق لمسهم فيما أخذوا عذاب أليم؟! وفي الاية المباركة الثانية أستخدم المولى عز وجل أسلوب أشد مع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في مسألة الركون الى الكفار والميل عن وحي الله ولولا تثبيت الله لقلب الرسول قد سبق الركون والميل اليهم لاذاق الله الرسول ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد علينا نصيرا ! أسلوب شديد من المولى عز وجل وتهديد ووعيد واضحين وصريحين في هاتين الايتين للرسول صلى الله عليه وآله وسلم الشق الثاني ننقله بصفة المقارنة مع خطأ سيدنا آدم ومعصيته, والخطأ الذي كاد أن يتحقق لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فالرسول صلى الله عليه وآله لم تتحقق في فعله الشروط الواجبة لاطلاق صفة الخطأ, ولم تتحقق شروط المعصية على أعتبار أن امر الأسرى والفعل بهم لم يكن واردا على أساس تشريعي واضح ولم ينهى الله عنه ولكن أيضا لم يوافق عليه والدليل على عدم اكتمال الشروط يتبلور في كلمتين في الاية الاولى (( لولا كتاب من الله - سبق )) - سبق ماذا؟! سبق حدوث الفعل الخطأ الذي كان سيسخط الله ويغضبه وعليه سمسهم عذاب عظيم - وهنا تدارك المولى عز وجل للرسول في امر يجهله وفي الاية الثانية (( ولولا أن ثبتناك لكدت تركن إليهم شيئا قليلا )) وهنا تدارك أيضا من المولى عز وجل الى الرسول للتنبيه, ولولا هذا التنبيه والتثبيت لذاق الرسول ضعف الحياة وضعف الممات ولم يد له على الله نصيرا !!!! إذا فالخطأين في الايتين لا يمكن وصفهما بالخطأ..... لعدم تحقق الشروط 1- أنه ليس هناك نية من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لاغضاب الله عز وجل على اعتبار أنه لم يكن هناك نواهي على هذا الامر والامر الذي قام به الرسول مبني على حسن النية وليست نية الفعل المعلوم والمنهي عنه كما فعل سيدنا آدم حين علم النواهي في عدم الاقتراب حتى من هذه الشجرة الا انه كسر هذا النهي واكل من الشجرة ولم يكتفي بالاقتراب فحسب وهو المنهي عنه - وهذا امر آخر يطول فيه الشرح سأتجنبه. 2- لم يتحقق فعل العمل ولا نتيجته والدليل كلمة الله (( سبق )) و أسلوب النهي (( ما )) ونزول الاية ومن الواضح منها أنها نزلت في وقت الحدث قبل أن تتم النتيجة (( لولا كتاب من الله سبق لمسكم - فيما أخذتم - )) ولكن عند سيدنا آدم قد تحقق فعل العمل ان بادر إلى أكل التفاحة وتضمنته النتيجة أن طفقا يخصفان على أنفسهم, بدت لهما سوئاتهما, وأهبطهما الله الى الارض بعضهم لبعض عدو, حيث عصى آدم ربه, حيث تاب الله عليه بعد ان تلقى آدم نفسه من الله كلمات ليتوب عليها ! وهنا تتحقق العصمة للرسول صلى الله عليه وآله وسلم في حين انها لم تتحقق لآدم عليه السلام فالله قد عصم الرسول من الزلل بالوعي والسهو, بالمعرفة والجهل معا وهذا ما لم يحدث لأدم عليه السلام وهناك امثلة كثيرة يا اخي حول تدارك المولى سبحانه للرسول صلى الله عليه وآله وسلم وهذه حكمة إلاهية يختص بها رسولنا وقدوتنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم فقد بعث للناس كافة ولا نبي بعده ودين محمد خاتم الاديان وجامعها, فالعصمة للرسول صلى الله عليه وآله امر واجب ومحتم فمليارات البشر وآلالف السنين ستخلف هذا الرسول الكريم وعليه فإن هذا النبي سيكون دستورا شاملا (( يجب )) عليه أن يكون خاليا من الشوائب (( بالمطلق )) خذ مثالا آخر لهذا التدارك الالهي للرسول صلى الله عليه وآله وسلم وهو ما أتى في سورة التحريم ((( رغم )) أن الرسول في حادثة التحريم لم يكن يقصد به العموم بل كان يقصد به الخاص على نفسه بتحريمه على نفسه ما أحله الله والدليل مخاطبة المولى للرسول بصفة الخصوص والمباشرة (( يا أيها النبيُ لم تُحرّمُ ما أحلَّ اللهُ لك تبتغي مرضاة أزواجك )) - وهنا أبتعد المولى في الاسلوب عن الشدة وأستخدم أسلوب الملاطفة التنبيهية ليدرك الرسول في عدة امور 1- إن الرسول كما قلت سابقا هو قدوة ومتبع في كل أمر يحدثه أو يقوله لان (( لاينطق عن الهوى )) وعليه فإن بقية من مع الرسول سيتبعونه, وبما أنه حرم على نفسه ما احل الله, وبما أن زوجته أفشت السر فهذا يعني أنه ربما ينتشر خارجا ويتخذه الاصحاب منهاجا لهم بأن يحرموه على أنفسهم أيضا فنزلت هذه السورة ! 2- تخليص الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من (( يمينه )), والحلف باليمين على البشر العاديين امر واجب فما بالنا لو كان الحالف باليمين هو الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله وسلم وذلك في قول الحق جل في علاه (( قَد فَرَضَ اللَّهُ لَكُم تَحِلَّةَ أَيمَانِكُم وَاللَّهُ مَولَاكُم وَهُوَ العَلِيمُ الحَكِيمُ )) ومن هذه الامثلة نفهم أمر مهم أن الله سبحانه وتعالى كما قلت أثبت العصمة للرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم بتداركه المستمر, ولم يثبتها على سيدنا آدم عليه السلام والصلاة والسلام على أِشرف الخلق والمرسلين سيدنا وحبيبنا محمد المصطفى الأمين وعلى اهل بيته الطهر الميامين وأصحابه المنتجبين وعلى الانبياء اجمعين وسلم تسليما كثيرا
الأخ يونس مطر المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لم يكن كلامك في ما ذكرته دقيقاً فان العتاب لم يكن موجها للنبيّ(ص) في آية أخذ الاسرى. يقول العلامة الطباطبائي في (تفسير الميزان:9/134): (( ومن الدليل من لفظ الآية على أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يشاركهم في العتاب أن العتاب في الآية متعلق بأخذ الاسرى وليس فيها ما يشعر بأنه استشارهم فيه أو رضى بذلك ولم يرد في شئ من الآثار أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) وصاهم بأخذ الاسرى ولا قال قولا يشعر بالرضا بذلك بل كان ذلك مما أقدمت عليه عامة المهاجرين والأنصار على قاعدتهم في الحروب إذا ظفروا بعدوهم أخذوا الاسرى للاسترقاق أو الفداء فقد ورد في الآثار أنهم بالغوا في الأسر وكان الرجل يقى أسيره ان يناله الناس بسوء إلا علي (عليه السلام) فقد أكثر من قتل الرجال ولم يأخذ أسيرا. فمعنى الآيات: (( ما كان لنبي )) ولم يعهد في سنة الله في أنبيائه (( أن يكون له أسرى )) ويحق له ان يأخذهم ويستدر على ذلك شيئا (( حتى يثخن )) ويغلظ (( في الأرض )) ويستقر دينه بين الناس ( تريدون ) أنتم معاشر أهل بدر - وخطاب الجميع بهذا العموم المشتمل على عتاب الجميع لكون أكثرهم متلبسين باقتراح الفداء على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) - (( عرض الدنيا )) ومتاعها السريع الزوال ( والله يريد الآخرة ) بتشريع الدين والامر بقتال الكفار, ثم في هذه السنة التي أخبر بها في كلامه, ( والله عزيز ) لا يغلب ( حكيم ) لا يلغو في أحكامه المتقنة. (( ولولا كتاب من الله سبق )) يقتضى ان لا يعذبكم ولا يهلككم, وإنما أبهم لان الابهام أنسب في مقام المعاتبة ليذهب ذهن السامع كل مذهب ممكن, ولا يتعين له فيهون عنده أمره (( لمسكم فيما أخذتم )) أي في أخذكم الاسرى فإن الفداء والغنيمة لم يؤخذا قبل نزول الآيات وإخبارهم بحليتها وطيبها ( عذاب عظيم ) وهو كما تقدم يدل على عظم المعصية لان العذاب العظيم إنما يستحق بالمعصية العظيمة)). وأما آية الركون, فان التهديد والوعيد متوجه الى النبيّ (ص) على تقدير الركون, ولمّا لم يحصل الركون لتثبيته من قبل الله تعالى فلا يحصل الوعيد, فالوعيد هنا افتراضي. وأما عصمة آدم (ع)، فارجع الى الموقع قسم الاسئلة العقائدية: (العصمة / التوفيق بين ترك الاولى لآدم (ع) وتوبته) و(مسألة خروج آدم (ع) من الجنة). ودمتم في رعاية الله