علي
منذ 4 سنوات

 وحدة الوجود (1)

هناك إشكالات يطرحها الملحدون واللا أدريّون ويواجهون بها عادةً من يسعى للاستدلال على وجود الباري وتوحيده وتقديم البراهين العقليّة القطعيّة على ذلك. مثلًا: 1- استدلالاتنا العقليّة مبتنية على قواعد منطقيّة نسلّم بصحّتها نحن، ولكن ألا يمكن أن يوجد في كون "مفترض" اخر قوم اخرون يسلّمون بقواعد عقليّة مختلفة، لا توصل إلى نفس النّتائج الّتي توصلنا إليها استدلالاتنا؟ 2- أليس ممكنًا أن يكون من خلقنا قد جعل عقولنا والأسس الّتي تعمل على أساسها والكيفيّة الّتي تستدلّ بها على النّحو الّتي هي عليه؟ 3- هل الله مقيّد بقيود العقل؟ ما الطّريقة الأمثل للإجابة على مثل هذه الإشكالات؟


الأخ علي المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أولاً: ان كنت تعني بالقواعد المنطقية طرق الاستدلال المنطقي من البرهان والاستقراء فلا استحالة من وجود طرق اخرى غيرها لتحصيل المعرفة يستعملها اشخاص آخرون تبعا لرقي مداركهم وعلومهم ومن تلك الطرق المعاينة والمشاهدة والكشف والنفاذ إلى جواهر الاشياء بنوع من العلم الحضوري . واما ان كنت تعني بالقواعد المنطقية البديهيات والاسس العقلية كمبدأ عدم التناقض ومبدأ الهوية ومبدأ الثالث المرفوع فلا نسلم امكان المعرفة من دونها مطلقا وان هناك اشخاصا في مكان اخر مفترض من الكون لا يستندون اليها في تحصيل المعرفة وذلك لان الكون على سعة ارجائه ودقة تصميمه لا يشذ ولا يتخلف عن هذه المبادئ والاسس العقلية فالنظام كله قائم عليها وليس مجرد العقل . فالنقيضان لا يجتمعان مطلقا في أي مكان من الكون ومعنى اجتماعهما ان يتحقق شيء موجود ومعدوم في نفس الوقت ومن جهة واحدة وهذا محال عقلي ومحال تجريبي ولا يوجد عليه أي شاهد ... فهناك قواعد عقلية صادقة صدقا ابديا منها ان النقيضين لا يجتمعان ولا يرتفعان وان الشيء من حيث هو لا يمكن ان يكون غيره (مبدأ الهوية) فمثل هذه القضايا قد تم البرهنة عليها بالتجربة ولم تتخلف مع ان اخطارها المجرد في الذهن كاف ( من دون حاجة إلى التجربة ) إلى اثبات صوابها المطلق . ثانياً: طبقا لما تقدم في النقطة السابقة فانه من غير الممكن ان نتصور وجود اشخاص في مكان ما من الكون يستغنون عن مبادئ العقل الضرورية التي ذكرنا بعضها اعلاه نعم يمكن ان تكون لهم طرق من الاستدلال مختلفة كالمكاشفة والمعرفة الحضورية المباشرة . ثالثاً: ان الله تعالى هو الذي جعل هذا النظام متفقا مع الاسس العقلية ولولا ذلك لامتنع الاستدلال على توحيده بالادلة والبراهين ولا يعني ذلك ان العقل يقيده فقدرته تعالى لا حدود لها الا انها لا تتعلق بالمحال . ودمتم في رعاية الله

1