بو رضا - السعودية
منذ 4 سنوات

 وحدة الوجود (2)

أفهم من هذا القول: كون النهي إرشاديا استفاده من ظاهر الروايات التي ذكرت علّة النهي وهي (الهلاك)، إذ أن الذي يفكر في ذات الله لا يرتكب معصية ولكن يخشى عليه من الضلال والهلاك، كالمقتحم في البحر وهو ليس بسبّاح ماهر، فإنه لا إشكال من اقتحامه البحر، ولكن يخشى عليه من الغرق. إن الله تعالى يمكن الغور في ذاته، أنّ عقيدتنا لا تفكك في ذاته وصفاته عين ذاته، فمن أين فككتم بين وجوده وبين ذاته؟ أفهل يوجد "سباح ماهر" أو الله بحر محدود يمكن اقتحامه؟ أليس الصحيح لو أردنا الحمل الإرشادي أن نقف عند ما علمنا أهل البيت عليهم السلام من تنزيه الله سبحانه وتعالى، وليس التفكر ثم الخوض في كيفية وجوده ولا كيف له وهو الغيب المطلق؟! وفوق هذا نجد أنهم ذهبوا للصوفية وأرسطوا وغيرهم، وكأن لا إمام لنا ولا قرآن عندنا ولم يعلمنا النبي وأهل بيته أول شيء وهو التوحيد! ثم إن مقتضى التقابل في الرواية بين التفكر في الله والتفكر في المخلوقات يفيد أن ننظر ما المراد بالتفكر في المخلوق بالتالي هو التفكر الممنوع في الخالق، وإلا أصبحت بلا فائدة، ونحن قد جاوزنا الحد في الله وفككنا بين الذات والوجود!! بل هل بقي شيء ممنوع؟ إلا اللهم ما منعه الفقهاء من إلغاء الاثنينية، ثم قل ما تشاء! بل حتى الذي ألغوا الإثنينية قلتم : ((وكفر القائل بوحدة الوجود والموجود في عين الوحدة محل اتفاق بين جمع من علماء مذهب أهل البيت عليهم السلام)) كلمة ((جمع من علماء)) أي ليس الكل؟!


الأخ بو رضا المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يرى العلاّمة أن النهي عن التفكّر في الله ارشادي، ولا يترتب على التزامه هذا إمكان التفكر في ذاته جلّ وعلا تفكراً تترتب عليه الفائدة والثمرة، فان هذا التفكير وإن أمكن لوجود آلة الفكر عند المفكر إلا أنّه غير مثمر ولا مفيد، لأنّ كنه الذات لا يعلمها أحد، بل قد تترتب عليه خطورة الهلاك، ومن الحكمة أن لا يعرّض الإنسان نفسه الى الهلاك. هذا إذا حملنا التفكّر على التفكّر في الذات، وإمّا إن قلنا أنّه يريد التفكّر في وجوده جلّ وعلا لا ذاته فهو واضح. وأمّا الرجوع الى اهل البيت (عليهم السلام) والعمل بمضمون الأخبار التي تحث على عدم التفكر بالله أو في ذات الله، فهو حسن ومطلوب، وهو الأولى أو الأحوط دفعاً لاحتمال ورود الهلاك مع مخالفة مضمون الخبر. ويرى أصحاب مدرسة ملاّ صدرا أنّ الناس من جهة القدرة العقلية على التفكر والتأمّل ليسوا سواء، وهنالك من الناس من له القدرة على الخوض والتعمق والتدقيق والتحقيق، ويستشهد هؤلاء بأنّ بعض المتكلّمين والفلاسفة قد خاضوا في هذا النوع من التفكر ومع ذلك لم يترتب على تفكرهم حصول الهلاك بالمعنى الظاهري، فالتزموا بجواز هذا التفكّر في الجملة لأصحاب القدرة العقلية كالفلاسفة مثلاً، وتحصّل لديهم أنّ النهي إرشادي . ودمتم في رعاية الله