بو محمد - الكويت
منذ 4 سنوات

 وحدة الوجود (1)

س1: عرفنا بأن الفلسفة الإسلامية نشأت في العصر العباسي، فهل يعتبر هذا العلم دخيل على الإسلام كون أن النبي (ص) والأئمة (ع) لم يتطرقوا اليه.. روي عن الإمام الحسن العسكري (ع) انه قال لأبي هشام الجعفري: يا أبا هشام! سيأتي زمان على الناس وجوههم ضاحكة مُستبشرة، وقلوبهم مظلمةٌ منكدرة، السنَّة فيهم بدعة، والبدعة فيهم سنة.. علماؤهم شِرار خلق الله على وجه الأرض، لأنهم يميلون إلى الفلسفة والتصوّف...) سفينة البحار، عباس القمي، ج5 ص198-199 باب (الروايات في ذم الصوفية)- حديقة الشيعة، المقدس الأردبيلي، ص562؟ س2: ما الحاجة (الغرض) الى (من) الفلسفة طالما أن المعارف الإلهية نأخذها مباشرة من مدرسة أهل البيت (ع) دون الرجوع الى أقوال الفلاسفة؟ س3: ألا يتعارض مبحث الوجود (الذي هو صلب الفلسفة اليوم (الإلهيات) والذي يدرس في الحوزات وكليات الإلهيات) مع الأحاديث التي تنهى عن التفكر في ذات الله: عن رسول الله (ص): (تفكّروا في كلّ شيء، ولا تفكّروا في ذات الله). (ميزان الحكمة، الريشهري ج3 ص1892) وعنه (ص): (تفكّروا في خلق الله، ولا تفكّروا في الله فتهلكوا). (ميزان الحكمة، الريشهري ج3 ص1892) وعنه (ص): (تفكّروا في الخلق، ولا تفكّروا في الخالق، فإنّكم لا تقدرون قدره). (ميزان الحكمة، الريشهري ج3 ص1892) خرج رسول الله (ص) ذات يوم على قوم يتفكّرون، فقال: ما لكم تتكلّمون؟ فقالوا: نتفكّر في خلق الله عزّ وجلّ، فقال: وكذلك فافعلوا، تفكّروا في خلقه، ولا تتفكّروا فيه). (ميزان الحكمة، الريشهري ج3 ص1892) عن الإمام عليّ (ع): (من تفكّر في ذات الله ألحد). (ميزان الحكمة، الريشهري ج3 ص1892) وعنه (ع): (من تفكّر في ذات الله تزندق). (ميزان الحكمة، الريشهري ج3 ص1892) وعن الإمام الصادق (ع): (إياكم والتفكّر في الله، فإنّ التفكّر في الله لا يزيد إلاّ تيهاً، إنّ الله عزّ وجلّ لا تدركه الأبصار ولا يوصف بمقدار). (ميزان الحكمة، الريشهري ج3 ص1892) وعنه (ع): (من نظر في الله كيف هو؟ هلك). (ميزان الحكمة، الريشهري ج3 ص1892) وعنه (ع): (يا سليمان! إنّ الله يقول: (( وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ المُنتَهَى ))  (النجم:42) فإذا انتهى الكلام إلى الله فأمسكوا). (ميزان الحكمة، الريشهري ج3 ص1892)


الأخ بو محمد المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أولاً: الفلسفة التي هي (معرفة حقائق الاشياء بحسب الطاقة البشرية) كانت معروفة في بلاد الاسلام حتى قبل ترجمة كتب اليونان الفلسفية في العصر العباسي، فكل نظر في الأسباب القصوى للوجود هو معرفة من هذا القبيل وإن لم يطلق عليه فلسفة اصطلاحا، نعم الفلسفة في محاورها ومسائلها وأنماط أقيستها واستدلالتها كما وردت في كتب فلاسفة اليونان لم تكن معروفة لدى العرب والمسلمين، او بالأحرى كان نطاق معرفتها ضيقا جدا. ولا شك بأن الحديث المشار إليه المروي عن الامام العسكري عليه السلام يؤكد على أن الفلسفة والتصوف -وهما التياران المعرفيان السائدن في ذلك العصر- فيهما خطر على عقائد عامة الناس وبعض الخاصة الذين افتتنوا بهما، ذلك لمعارضتهما جزئيا أو كليا لما ورد عن أهل البيت صلوات الله عليهم من المعارف الإلهية الحقة، أما الفلسفة ففي موضوعها لأنها تبحث في الوجود من حيث هو وجود وتتطرق في أثنائه إلى البحث عن العلة الأولى وحقيقتها وكيفية صدور سائر العلل والمعلولات عنها، وهو بحث لا يخلو في بعض مفاصله من مصادمة للعقيدة الحقة والشرع الاسلامي الحنيف، وأما التصوف ففي منهجه، حيث أن المتصوفة قد سلكوا سبيلا ابتعدوا فيه عن سبيل أهل البيت عليهم السلام فبنوا معرفتهم بالله عز وجل على اساس الكشف والمشاهدة عبر مسلك خاص يتدرج به السالك في المقامات إلى أن يبلغ درجة الفناء والاتحاد وغيرها من المقامات التي يترتب عليها القول بوحدة الوجود والموجود معا وهو مذهب باطل، بينما منهج اهل البيت عليهم السلام في معرفة الباري جل شأنه هو العمل بالشريعة واداء الواجبات واجتناب المحرمات وطلب التقرب إليه تعالى بالعمل الصالح والدعاء ومودة وموالاة اهل البيت عليهم السلام الذين لا يعرف الله إلا بسبيل معرفتهم. ثانياً: لا توجد حاجة إلى الفلسفة من جهة الإيصال إلى المعرفة الحقة، ولكن الاطلاع عليها قد يكون في بعض الاحيان مفيدا لدرء خطر أعداء الاسلام الذين يحاولون التشكيك في عقائد المسلمين بالاعتماد على بعض النظريات الفلسفية والبراهين المغلوطة منطقيا، فاقتضت الحاجة أن يتعلمها البعض ولو من باب الواجب الكفائي لردع هؤلاء وكشف مواقع المغالطة في شبهاتهم. ثالثاً: قد أشرنا في النقطة الأولى اعلاه إلى وجود مثل هذا الخطر، ولكن نلفت الانتباه إلى أن الفلسفة الإسلامية قد خطت خطوات جبارة في تنزيه الخالق تبارك وتعالى والتطرق إلى بعض المعارف الالهية على ضوء ما ورد في الشرع الاسلامي المقدس وتضمينها في البحث الفلسفي، ولا تبطل الفلسفة كلها جملة ببطلان بعض مذاهبها واتجاهاتها، بل إن كثيرا من مباحث الفلسفة غير الاسلامية لا ضرر منها على العقيدة كأغلب مسائل علم الطبيعة وعلم المنطق. ودمتم في رعاية الله

1