بو محمد - الكويت
منذ 4 سنوات

 وحدة الوجود (1)

أولاً: ما هي مراحل تطور الفلسفة الاسلامية؟ لاسيما أن البعض مازال مصراً على أنها نشأت على تلال فكر أهل اليونان.. ثانياً: البعض يقول بأن الفلسفة وردت منذ نشأة الاسلام.. والكلمة الاقرب التي كانت مستخدمة في النصوص الإسلامية الأساسية (القرآن والسنة) لكلمة الفلسفة هي كلمة (الحكمة)..ما رأيكم بهذا الرأي؟


الأخ بو محمد المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أولاً: الفلسفة الإسلامية بالمعنى المشهور لهذا الاصطلاح نشأت في زمن الخلافة العباسية بعد أن ترجمت كتب اليونان إلى العربية، وقد كان الكندي اول فيلسوف إسلامي حيث كتب عدة رسائل في الفلسفة نشرت في كتاب سمي رسائل الكندي الفلسفية، ولكن نضج الفلسفة الإسلامية وتطورها إنما كان على يد الفارابي الذي لقب بالمعلم الثاني (باعتبار أن ارسطو هو المعلم الاول)، وقد كتب الفارابي الكثير من الكتب في الفلسفة أهمها كتاب الحروف وكتاب أراء أهل المدينة الفاضلة وكتاب تحصيل السعادة، ثم ارتقت الفلسفة الاسلامية إلى اوج نضجها على يد ابن سينا الذي لقب بالشيخ الرئيس، واشتهر ابن سينا بكتابه الشفاء وهو من أعظم ما انتجه الفكر الاسلامي المشائي حتى الان، وله كتب اخرى هامة ككتاب النجاة وكتاب الاشارات والتنبيهات. واتسمت الفترة التالية لابن سينا بالنقد للفلاسفة فظهر الغزالي والف كتابه الشهير تهافت الفلاسفة حتى زعموا بأن الفلسفة الإسلامية قد انتهى أمرها على يديه، ولكن ظهور ابن رشد في الاندلس وتصديه لكتاب الغزالي بكتابه الشهير تهافت التهافت قد أعاد الروح مجددا للتفلسف في بلاد الإسلام، ثم ظهرت مدارس أخرة فلسفية حاولت قدر الامكان التقليل من الاعتماد على ما كتبه المشاءون من اليونان والمسلمين، فظهرت مدرسة الإشراق على يد السهروردي حيث زاوج فيها بين الفلسفة اليونانية وفلسفة الفهلويين من حكماء الفرس، ثم اخيرا وبعد مخاض طويل ظهرت الفلسفة المتعالية التي شيد صرحها صدر الدين الشيرازي، وهي نسق فريد من المعارف العقلية اشتملت بالاضافة على فلسفة اليونان والفلسفة الاشراقية ما انتهى إليه النظر في علمي التصوف والكلام، وقد ابدع صدر الدين الشيرازي في ايجاد محاور جديدة للتفلسف لم تكن معهودة من قبل، وما كتابه الاسفار إلا موسوعة ضخمة من الافكار والمباحث العالية في الفلسفة تضمنت مختلف منازع الفكر الانساني حتى عصره وصيغت بعبارة فذة وسلسة على خلاف ما هو معروف من صعوبة العبارة الفلسفية وجفافها... ثانياً: أصل كلمة فلسفة مشتق من كلمة (فيلاسوفيا) وتعني باليونانية : محبة الحكمة، وهذه الفلسفة ليست هي الحكمة المشار إليها في الكتاب والسنة، فالحكمة هي الكلام المحكم والرأي الصائب الذي يوافق الواقع، وهي لا تكون إلا ممن له اتصال بالسماء والوحي، فالحكماء هم الأنبياء والأوصياء أو من اخذ عنهم، لأن اقوالهم مطابقة للحق وكاشفة عن الحقيقة، ليس كل الناس يقدرون على فهم الحكمة، فلا يفهمها حق فهمها إلا القلة من الناس، ولذلك ورد في القرآن الكريم تقسيم الناس إلى ثلاث طوائف ومخاطبة كل منهم بما يفهمه قال تعالى: (وادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي أحسن) اي ان الناس على ثلاثة اصناف: اهل الحكمة وهؤلاء يجب مخاطبتهم بلسان الحكمة ودليل الفؤاد، واهل الموعظة الحسنة، وهؤلاء يمكن دعوتهم بالمواعظ والارشادات وضرب الامثلة، والصنف الثالث: اهل المجادلة، لأنهم يميلون إلى البراهين الجدلية والادلة والاثباتات المنطقية، فدعوتهم يجب ان تكون بالتي هي احسن دون المجادلة بالتي هي اسوء كالمغالطات اللفظية والمعنوية. ودمتم في رعاية الله