قنبر حيدر - لبنان
منذ 4 سنوات

 وحدة الوجود (1)

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته أود السؤال عن البعض الأمور المتعلقة ببداية الخلق، وأرجوا أن تكون الإجابة موسعة بشكل كاف: هل إن الله عز وجل كان في حال من السكون قبل أن يخلق الكون ؟؟ أي لم يكن قد خلق إي شئ مسبقاً وهل كان معه منذ الأزل المكان و الزمان ؟؟ وبذلك هل يعتبر الزمان و المكان مخلوقين ؟؟؟ ماذا كان قبل الزمان و المكان ؟؟ ** أيضاً إذا كان قد أجاب الأئمة عليهم السلام على بعض من هذه الإشكالات، أرجوا أن تقدموا هذه النصوص


الأخ قنبر المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لا تجري على الله تعالى الحركة ولا السكون لأنه هو الذي اجراهما فهما من خصائص الاجسام التي تنتقل من موضع الى آخر اما الله تعالى فليس جسما من الاجسام فلا تعرض عليه الحركة ولا ضدها. وقبل الخلق كان الله تعالى ولم يكن شيء سواه ولا معه شيء، ولا يطلق على تفرده بالوجود قبل الخلق وعدم غيره بالسكون لأن السكون ضد الحركة كما اسلفنا، نعم إن كنت تعني المعنى المجازي الذي يساوق الوحدة الصرفة والوجود البسيط فانه صواب على ان لا يفهم من ذلك ان للوحدة الصرفة معنى آخر وراء ذاته التي ليست بزائدة عليها. إن الله تعالى في رتبة الازل لا شيء معه قبل الخلق ولابعده ولما شاء الله ان يخلق الخلق ظهرت الموجودات من مشيئته لا من ذاته والفرق بين المشيئة والذات أن المشيئة هي فعله او صفة فعله، فهي تقع في رتبة دون رتبة الذات ومثاله ان نقول (زيد كاتب) فذات زيد كانت ولم تكن كتابة فلما كتب زيد ظهرت الكتابة، توصفنا زيد بلحاظ ما اظهره من فعل الكتابة فقلنا زيد كاتب. وهذا مثال ولله المثل الاعلى، فزيد مثال الذات المقدسة وحركة يده مثال مشيئته والكتابة الظاهرة مثال مخلوقاته، ولا ريب ان رتبة ذات زيد اعلى من رتبة فعله ورتبة فعله اعلى من رتبة أثره الذي هو الكتابة. اما المكان والزمان فهما عرضان او شرطان لظهور الاجسام فلولاهما لا يمكن ان نميز في الجسم أبعاده الثلاثة وموضعه بالنسبة الى الاجسام الاخرى ووقت كونه، وقد عرفوا الزمان بانه مقدار ما يقطعه الجسم في حركته. وهكذا تفهم بان الله تعالى منزه عن الزمان والمكان لانه منزه عن المادة الجسمانية اما الازل الذي كان قبل ايجاد الزمان والمكان فهو ذاته المقدسة وهي رتبة الوجوب بالذات، ونحن بسبب ضيق الخناق في التعبير عن عظمة الله وجلاله نصفه تارة بصفات يتبادر منها انه كسائر الاشياء والحال انه ليس كمثله شيء. وسؤالك ماذا كان قبل الزمان والمكان إن كنت تقصد به القبلية الزمانية فهو سؤال خاطئ لأن المفروض انك تريد ان تعرف امرا لا زمانيا فكيف تستعمل لفظة (قبل) الزمانية؟ وإن كنت تقصد القبلية الذاتية فواضح ان الذي قبل الزمان والمكان موجدهما وفاطرهما وهو الله عز وجل ذاتا وفعلا وصفات. اما بخصوص ما ورد من اخبار عن الائمة (عليهم السلام) في هذا المضمون فهي أكثر من ان تحصى، ولكن لا بأس بالاشارة الى طائفة صغيرة منها: سأل نافع بن الازرق أبا جعفر (عليه السلام) فقال: أخبرني عن الله متى كان؟ فقال (عليه السلام): (متى لم يكن حتى اخبرك متى كان، سبحان من لم يزل ولا يزال فرداً صمدا لم يتخذ صاحبة ولا ولدا) (الكافي:1/88). وعن الباقر (عليه السلام) قال لاصحابه: (كلما ميزتموه بأوهامكم في أدق معانيه مخلوق مصنوع مثلكم مردود اليكم، ولعل النمل الصغار تتوهم ان لله زبانيتين فإن ذلك كمالها ويتوهم ان عدمهما نقصان لمن لا يتصف بهما وهكذا حال العقلاء فيما يصفون الله تعالى به...) الحديث (بحار الانوار:66/293). وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): (من وصفه فقد حدّه، ومن حدّه فقد عدّه، ومن عدّه فقد ابطل ازله، ومن قال كيف؟ فقد استوصفه، ومن قال أين؟ فقد حيزه. وعالم إذ لا معلوم. ورب إذ لا مربوب. وقادر إذ لا مقدور...)(نهج البلاغة). وعن زرارة قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): أكان الله ولا شيء؟ قال: (نعم كان ولا شيء). قلت: فأين كان يكون؟ قال - وكان الامام (عليه السلام) متكئاً فاستوى جالساً - وقال: (احلت يا زرارة وسألت عن المكان إذ لا مكان)(الكافي:1/90). وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): (الحمد لله الأول قبل كل أول، والآخر بعد كل آخر، وبأوليته وجب أن لا أول له، وبآخريته وجب أن لا آخر له)(نهج البلاغة). وعنه (عليه السلام): (لا تصحبه الاوقات ولا ترفده الادوات، سبق الاوقات كونه والعدم وجوده والابتداء ازله...)(نهج البلاغة). وعنه (عليه السلام): (تعالى الذي ليس له وقت معدود، ولا أجل ممدود، ولا نعت محدود، سبحان الذي ليس له اول مبتدأ ولا غاية منتهى، ولا آخر يفنى)(الكافي:1/135). وعنه (عليه السلام): (ليس لاوليته ابتداء ولا لازليته انقضاء هو الاول لم يزل والباقي بلا اجل... لا يقال له متى؟ ولا يضرب له أمد بحتى)(نهج البلاغة). ودمتم برعاية الله