آسيا - المغرب
منذ 4 سنوات

 وحدة الوجود (1)

ما اوجه المقارنة بين الفلسفة التجريبية والعقلية


الأخت اسيا المحترمة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الفلسفة التجريبية (المذهب التجريبي) تعتبر التجربة هي المصدر الأول للمعارف البشرية وتقول إن الإنسان عندما يكون مجرداً عن التجارب لا يعرف أية حقيقة من الحقائق مهما كانت واضحة ولذا يولد الإنسان حَالياً من كل معرفة فطرية ويبدأ إدراكه بابتداء حياته العلمية ويتسع علمه كلما ازدادت تجربته. اذن التجريبيون لا يعترفون بمعارف عقلية ضرورية سابقة على التجربة فهم يحددون طاقة الفكر البشري بحدود الميدان التجريبي وان الفكر يسير من الخاص إلى العام أي من حدود التجربة الضيقة إلى القوانين والقواعد العقلية وتنتهي نتائج هذا المذهب إلى انكار الصانع وإنكار قانون العلية والمعلولية. أما الفلسفة العقلية (المذهب العقلي) فتعتبر ان المقياس الأول للتفكير البشري بصورة عامة هو المعارف العقلية الضرورية ويجب أن تقاس صحة كل فكرة وخطأها على ضوئها وان السير الفكري عند العقليين يندرج من القضايا العامة إلى قضايا اخص منها علماً أن المذهب العقلي لا يتجاهل دور التجربة المهم في العلوم الإنسانية ولكن يعتقد ان التجربة بمفردها لم تستطع أن تقوم بهذا الدور الجبار لأنها تحتاج في استنساخ أية حقيقة علمية منها إلى تطبيق القوانين العقلية الضرورية (راجع فلسفتنا 65ـ 67). ومن الجدير بالذكر أنّ الاسلوب التعقلي لا يستخدم في جميع العلوم بسبب ما يتميز به عن الأسلوب التجريبي كما ان للأسلوب التجريبي أيضاً نطاقاً خاصاً ولهذا فإنه لا يستخدم في مجال الفلسفة والرياضيات. ومن الواضح ان هذه الحدود بين الأساليب ليس أمراً اعتبارياً يتفق عليه وإنما هو مقتضى طبيعة مسائل العلوم. فلون مسائل العلوم الطبيعية يقتضي أن يستفاد في حلها من الأسلوب التجريبي ومن المقدمات الحاصلة عن طريق التجربة الحسية وذلك لأن المفاهيم المستعملة في هذه العلوم والتي تشكل موضوع ومحمل تلك القضايا هي مفاهيم مأخوذة من المحسوسات وطبيعي ان يحتاج إثباتها إلى تجارب حسية. مثلاً لا يستطيع أي فيلسوف - مهما ضغط على عقله - أن يكتشف بالتحليلات العقلية والفلسفية أن الاجسام مركبة من جزئيات وذرات أو أن تركيب العناصر الكذائية يؤدي إلى ظهور المواد الكيميائية الفلانية وما هي الخواص المترتبة عليها؟ أو أن الموجودات الحية من أي مواد قد ركبت وما هي الشروط المادية التي تتوقف عليها حياتها وما هي الأمور التي تؤدي إلى اصابة الإنسان والحيوان بالمرض. ومن ناحية أخرى هناك مسائل تتعلق بالمجردات والأمور غير المادية وهذه لا يمكن حلّها إطلاقاً بالتجارب الحسية وحتى نفيها أيضاً لا يمكن أن تقوم به العلوم التجريبية مثلاً بأية تجربة حسية وفي أيّ مختبر وبواسطة أية وسيلة علمية يمكن اكتشاف الروح والمجردات أو حتى إثبات عدمها؟ (راجع المنهج الجديد في تعليم الفلسفة ص 109 - 110). ودمتم برعاية الله