عبد الله - نيوزيلندا
منذ 5 سنوات

 وحدة الوجود (1)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نود ان نرى جوابكم على هذا الملحد الذى يحاول ان ينقض على فلاسفة الشيعة ومتكلميهم فى علم الله سبحانه وتعالى : في ان العلة الاولى هي فاعل طبيعي ان الاتجاه الذي احاول ان اطرحه في ما اسميه بالمدرسة الطبعية الجديدة هو اتجاه ثالث بين الفكر الالحادي التقليدي القائم على نفي الواجب او العلة الاولى وبين الفكر الديني الذي يعتبر الواجب الهاً يتصف بصفات شخصية مثل العلم والحياة والقدرة. في هذا المقال نريد ان نناقش اقوال الفلاسفة فيما يتصل بهذا الشأن ونرى هل حقاً يمكن ان يكون الواجب فاعلاً بالارادة على نحو ماقالوا؟ ام ان الواجب لابد ان يكون فاعلأ بالطبع؟ ما هو الفاعل بالطبع (الطبيعي)؟ الفاعل بالطبع هو الفاعل الذي ليس له علم بصدور الفعل منه بل يأتي الفعل منه بحسب مايلائم طباعه ومثال ذلك تدحرج الكرة من اعلى الى اسفل فانها اذا تركت لحالها فانها تتحرج الى الاسفل. لم ينكر احد من الفلاسفة وجود الفاعل بالطبع ولكن عندما كنت في منتدى التوحيد حاول البعض ممن لاحظ له بالعقل والمعرفة انكار وجود الفاعل الطبعي واعتبروه فاعل بالقسر لانه بحسب زعمهم مقهور على الاتيان بهذه الفعل الذي لايخالفه ! ورأوا ان الاصل في الفاعل هو ان يكون فاعل بالقصد او بالاختيار ! وكلامهم هذا متهافت وفاسد جداً لاننا سنسألهم ماذا يعني انكم قلتم انه مقهور على الاتيان بهذا الفعل؟ ماذا يعني القسر؟ الا يعني هذا انه مقهور على الاتيان بفعل يخالف طباعه؟ وهكذا فانتم تثبتون له طبعاً والا فما معنى القسر هنا؟ وهل يكون هناك قسر الا اذا فرضنا وجود طبع بحيث اذا جري الفعل بخلاف الطبع فنسميه قسر؟ فاذا كان انحدار الكرة من اعلى الى اسفل هو قسر فان هذا يعني ان عدم انحدارها هو طبع ! وبالتالي لايمكن ان يكون هناك قسر بلا فرض وجود طبع لانهما متقابلان ولابد من وجود طرفين لكل متقابلين حتى يتحقق التقابل. نحن نقول ان العلة الاولى لايمكن ان تكون الا فاعل بالطبع وهو مايعبر عنه العلماء في الوقت الحاضر بانه الطبيعة او قوى الطبيعة. نأتي الان لنر ماذا يقول المخالفون في هذه المسالة: نظرية المتكلمين: المتكلمون عندهم الواجب هو فاعل بالقصد وهو الذي عنده ارادة وعلم بفعله ولكن ارادته تكون بداعٍ زائد في الفاعل فاذا تحقق هذا الداعي للفعل وجدت عنده الارادة له وهذا على نحو الافعال الاختيارية للانسان التي تحصل بارادة منه وعلم بصدورها. فالفاعل بالقصد هو في الحقيقة فاعل بالاختيار وهو حر بالاختيار وهو فاعل مريد وعالم, وهذا هو راي المتكلمين في الله او الواجب فيرونه حر الارادة ان شاء فعل وان شاء ترك. الرد على كلام المتكلمين: اذا كان هذا الكلام يصح على الانسان وماسواه من الممكنات فهو لا يصح ولا يصدق على الواجب لان حرية الاختيار معناها ان يكون الفاعل قادراً على الاتيان بالفعل بنفس الدرجة على عدم الاتيان به, اي ان حرية الاختيار تعني تساوي النسبة الى الفعل وعدمه, وتساوي النسبة هي جهة امكان بينما واجب الوجود يجب ان يكون واجب من جميع الجهات فلايمكن ان يكون هناك جهة امكان في الواجب. ومن المهم تفصيل هذه المسألة لان الكثير من الناس يظنون ان الله حر بالارادة ان شاء فعل وان شاء ترك. نحن نسأل عندما خلق الله الخلق هل كان قادراً على عدم الخلق او لم يكن قادراً؟ ان قيل غير قادر فاثبتم له عجزاً ! والعجز لايليق بالواجب ! وان قلتم قادر على ذلك فهل ان قدرته على الخلق مساوية لقدرته على عدم الخلق او انها غير مساوية؟ ان قلتم غير مساوية فعدتم لاثبات العجز له لان فيه ترجيح المرجوح على الراجح بينما لايمكن ان يرجح المرجوح على الراجح ! يعني بكلام اخر اذا كانت قدرته على عدم الفعل اكبر من قدرته على الفعل فلا يمكن ان يصدر الفعل منه لان الفعل صار مرجوح بينما عدم الفعل صار راجحاً ولعله يحسن حتى تفهم القضية بوضوح اكثر ان تتخيل ميزان ذو كفتين وتضع على احدى الكفتين الفعل وعلى الثانية عدم الفعل فيكون عندك كفة راجحة وكفة مرجوحة وهنا لايمكن ان ترجح الكفة المرجوحة على الراجحة ! تسألني لماذا؟! الجواب بكل بساطة لانه حتى يتحقق ذلك لابد ان تصير الكفة المرجوحة راجحة بينما هي مرجوحة وهذا جمع متناقضين ! فهل تستطيع ان تتخيل ميزان تكون فيه احدى الكفتين راجحة ومرجوحة في نفس الوقت؟ الان اذا قلتم ان قدرته على الخلق مساوية لقدرته على عدم الخلق (مثل ميزان وقد تساوت كفتاه) فان الثابت عندنا انه لايجوز الترجيح بلا مرجح فما الذي رجح فعل الخلق على عدم الخلق بحيث تحقق فعل الخلق؟ تخيل ميزان وقد تساوت كفتاه وفجأة تجد احدى كفتيه قد رجحت على الاخرى فللحال نعرف ان هناك مرجح وعلة رجحت هذه الكفة على الاخرى. فما هو المرجح او العلة هنا لفعل الخلق؟ لا يخلو الامر من احتمالين: اما ان تكون العلة المرجحة هي غير الواجب او تكون هو ذاته فان قيل غيره فيبطله انه العلة الاولى التي لاعلة لها فلايمكن ان توجد علة سابقة عليه, وان قيل هو ذاته هذه العلة فان العلة سابقة للمعلول بالسبق الرتبي فيكون هو سابق لذاته اي يتحد السابق واللاحق وهو محال. اذن لايمكن ان يكون الواجب فاعل حر الارادة او فاعل بالقصد. نظرية الاشراقيين: الاشراقيون (والسهروردي خير من يمثلهم) عندهم الواجب هو فاعل بالرضا والفاعل بالرضا هو الذي له علم بفعله ولكن علمه في مقام الذات يكون علم اجمالي وفي مقام الفعل علم تفصيلي, والمقصود بالاجمال هو الغموض والابهام وبالتفصيل اي الوضوح, فعلى سبيل المثال انت مثلاً تعلم ان هناك مئة كتاب في مكتبتك فاذا عددت كتبك فوجدتها تسعة وتسعين فستعلم ان مكتبتك تنقص كتاب واحد ولكنك لاتعرف اي كتاب هو الناقص فهذا هو علم اجمالي فانت هنا تعلم بوجود كتاب مفقود ولكنك لاتعلم اي واحد بالضبط هو الكتاب المفقود اي انك تعلم الشيء ولكنك لاتعلم حدوده واطرافه فاذا قمت الان باحصاء كتب المكتبة فستعرف اخيراً اي كتاب هو المفقود وعندها يصبح هناك وضوح في علمك. وهكذا يقول الاشراقيون في علم الواجب فهو قبل الخلق عالم بما سيخلق على سبيل الاجمال وبعد ان يخلق يصبح علمه علم تفصيلي في مقام الفعل وتشبه هذه المسالة بالرسام فهو يعلم على سبيل المثال انه سيرسم منظر طبيعي ولكنه لايعلم كيف ستكون التفاصيل الدقيقة للوحة وانما يعلم هذه التفاصيل بعد ان يرسمها في مقام فعله. الرد على كلام الاشراقيين: اذا سلمنا للاشراقيين بصدق مايقولون لترتب على كلامهم ان يكون فاقد الشيء معطي ! بينما فاقد الشيء لايمكن ان يكون معطياً له, فهم يسلمون بان علم الله زائد على ذاته اي ان ذاته غير عالمة بالعلم التفصيلي واذا كان الامر هكذا فانه سيترتب عليه ان ذاته باعتبارها مصدر كل كمال وجودي فاقدة للعلم واذا كانت فاقدة للعلم فكيف تمنحه لغيرها؟ والاشكال الاخر هو انه يترتب على هذا القول حاجة الواجب الوجود لذاته في اتصافه بصفات كماله الى غيره, وهو محال. نظرية المشائين: المشاؤون (اتباع ارسطو) عندهم الواجب فاعل بالعناية وهو الذي له علم بفعله كما هو الحال في كل من الفاعل بالقصد وبالرضا المتقدم ذكرهما ولكن الفرق عن الفاعل بالرضا هو ان الفاعل بالعناية له علم تفصيلي بالاشياء في مقام ذاته ولكن هذا العلم التفصيلي ليس عين الذات وانما هو زائد على الذات وعندهم علم الواجب هو علم فعلي وليس علم انفعالي وذلك مثل من يمشي على جدار عال فيتخيل انه سيسقط فللحال يسقط ! فهنا علم فعلي لا علم انفعالي اي ان تفكيره بالسقوط كان السبب في صدور فعل السقوط منه. وهكذا فان الله بحسب المشائين عالم بالاشياء علماً تفصيلياً قبل ايجادها وان ارادته انما تعني علمه بالنظام الاصلح او علمه بكون الفعل خيراً, فاذا كان الواجب عالماً بكون الشيء خيراً فهو مريد له ولذا فان كل ماخلقه الله بناءاً على نظرية المشائين هو خير وهو اصلح ما يمكن ولو لم يكن خيراً او صالحاً لما اراده ولما خلقه. نقد نظرية المشائين: يرد عليهم بنفس الكلام السابق في الرد على الاشراقيين وهو ان يلزم من كلامكم خلو الذات من العلم التفصيلي وحاجة الواجب الى غيره وهو محال نظرية صدر المتألهين الشيرازي: يرى صدر المتألهين ان الواجب هو فاعل بالتجلي اي ان الواجب عالم بفعله في مقام ذاته وان هذا العلم هو علم تفصيلي لا اجمالي –تمييزاً له عن الفاعل بالرضا- وان هذا العلم التفصيلي هو عين الذات لا انه زائد عن الذات. فالواجب عند صدر المتألهين عالم بالاشياء علماً اجمالياً في عين الكشف التفصيلي, والمراد هنا بالاجمال هو البساطة في مقابل التفصيل وليس الابهام كما مر سابقاً. نقد نظرية صدر المتألهين: من الواضح ان صدر المتألهين اراد التخلص من الاشكالات السابقة بقوله بالعلم الاجمالي البسيط لانه يمتنع ان يكون الاله عالماً بالعلم التفصيلي في مقام ذاته لان العلم التفصيلي هو علم متمايز بينما واجب الوجود لابد ان يكون بسيط من كل الجهات ولايمكن ان تكون هناك جهة تمايز في البسيط والا صار مركباً ومحال ان يكون الواجب مركباً. لذا فصدر المتألهين يرى ان علم الواجب هو علم اجمالي بسيط ومثل لهذا بمن يقرأ قصيدة فمن الواضح ان مجرد استحضار القصيدة من دون القاء لايوجد فيه تميز من حيث ابياتها واجزاءها المختلفة بل تبدو كلها بسيطة غير متمايزة. وكلام صدر المتألهين ليس سوى محاولة توفيقية للهرب من الاشكال العويص بحل لايخلو هو الاخر من اشكال فماذا يقول انصار صدر المتالهين في من يحفظ قصيديتين فما فوق؟ وليكن عندنا ان زيد يحفظ معلقة امرؤ القيس والنابغة الذبياني فهل تتميز عنده القصيدة الثانية عن الاولى عند الاستحضار ام انها لاتتميز؟ ان قلتم لاتتميز فاحلتم الاثنين واحداً لانتفاء الميز بينهما فحينما لايكون هناك ميز بين امرين فهما حين الاضافة يعودان واحداً بينما المفروض انهما اثنان وليسا واحداً وقد يخطأ زيد فيظن انه يحفظ قصيدة واحدة بل ان زيد لن يستطيع ان يعرف شعر النابغة عن شعر امرؤ القيس لانه لاميز بين الاثنين ! وليت شعري كيف يكون البسيط (الاجمال) في عين المتمايز (المفصل)؟ وكيف يمكن ان يجتمع المجمل مع المفصل مع انهما متقابلان؟؟؟ كيف يمكن ان يجتمع المتقابلان يا شيعة ؟ يا اتباع صدر المتألهين؟ كيف يكون المتمايز بسيطاً والبسيط في عين المركب؟ وكيف صار المركب بسيطاً بناءاً على مثال ساذج تضربونه وتعتقدون انكم حللتم ما لايمكن ان يحل ابداً ! وكيف يمكن ان يوجد سبيل منطقي وتبرير عقلاني لجمع المتقابلين؟ كل مانريده منكم يافلاسفة هو الانصاف ! انصفونا واعترفوا بالحقيقة وتخلوا عن الوهم الذي تعيشون فيه.


الأخ عبد الله المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إنّ مصب كلام هذا الملحد في نقطة واحدة وإن لم يوضحها وأخذ يدور حولها وقدم لها مقدمات لا تخلو من المناقشة سنشير إليها إن شاء الله, ولكن لنبيّن أولاً نقطة الإشكال حتى يتضح الخلط في المقام: ينقسم الفاعل إلى فاعل عالم بفعله وفاعل لا علم له بفعله,ويختص الفاعل غير العالم بفعله بالفاعل بالطبع والفاعل بالقسر, وأما أقسام الفاعل الأخرى فهي تنضوي تحت الفاعل العالم بفعله. وقد فرغ المتكلمين والفلاسفة بعد إثبات وجود الله إلى إثبات صفاته, ومنها أنه عالم, بأدلة كثيرة لا مجال هنا لبسطها أقلها أن واجب الوجود وهو العلة الأولى يمتلك كل الكمال ولا يوجد فيه حد عدمي,وأن المجرد عالم بنفسه وبغيره لحضور ذاته لذاته وغيرها, وقد غفل هذا الملحد عن هذه الأدلة أو أغمض الطرف عنها وذهب يناقش الفلاسفة في آرائهم بكون العلة الأولى من أي نوع من الفاعل العالم بفعله؟وهو قد قفز بهذا الفعل على المقدمات اللازم بحثها أولاً ثم الانتقال منها ما يترتب عليها, فكان يجب عليه أولا إثبات أن العلة الأولى ليست بعالمة ودحض أدلة المتكلمين والفلاسفة على علمها ثم بعد ذلك تأتي النوبة نحو الكلام عن نوع فاعليتها,لأن نوع الفاعل مقسم أولاً حسب ثبوت العلم أو عدمه.. والبحث لابد أن يكون أولاً في التقسيم الأولي ولا ينتقل إلى التقسيم الثانوي إلا بعد الفراغ من اختيار أحد طرفي التقسيم الأولي, والقفز على هذا التقسيم إلى التقسيم الثانوي ومناقشته خطأ في المنهج والتفكير وترتيب المقدمات العقلية يؤدي إلى المغالطة. فبعد أن قامت الأدلة المتكثرة على علم العلة الأولى لا مجال للدخول بين المتكلمين والفلاسفة في نوع الفاعل من قبل الملحد المنكر لعلم العلة الأولى والمثبت للطبيعة, فإن دخوله للنقض عليهم وإثبات كون العلة الأولى لا علم لها بدليل الخلف فضول من القول لا يتم,خاصة إذا عرفنا أن أنواع الفاعل العالم بفعله غير منحصرة بما ذكره الفلاسفة. ثم ولنذكر بعض الملاحظات على كلامه: وان الأمر يعود للاستقراء ولذا تطورت أقوال الفلاسفة في نوع الفاعل بمرور الزمن حتى وصل الأمر إلى الملا صدرا ومن بعده والأمر مفتوح للبحث والتنظير عندهم, والمجال للمناقشة في آرائهم يكون قسماً بينهم أي بين من يثبت العلم للعلة الأولى ولا دخل للملحد بينهم لأنه خرج أولاً عندما أنكر ثبوت صفة العلم للعلة الأولى الواجبة. ومن هنا سوف لا نناقش هذا المستشكل في تعليقاته على أراء العلماء في نوع الفاعل لأن لها مكانها الخاص ولا دخل لها في إشكاله وان أطال القول فيها. بما لا يغني. فنقول: أنك قد قررت أن العلة الأولى فاعل بالطبع وهو ما يسميه العلماء الملاحدة الآن الطبيعة ولكنك لم تلتفت إلى عدم المناسبة بين كون الطبيعة هي العلة الأولى ومفهوم العلة الأولى التي يقول بها الفلاسفة وهي واجب الوجود فان المادي لا يمكن أن يكون واجب الوجوب أقلاًّ لأنه مركب ومحتاج ومتغير والأدلة على ذلك يجب أن تراجعها في أوليات الفلسفة. ثم بغض النظر عن ذلك ماذا فعلت بأدلة الفلاسفة والمتكلمين المستقلة لإثبات صفة العلم للعلة الأولى إذ كان عليك وأنت تناقش المخالفين لك أن تبدأ معهم من المسألة الفارقة بينكم وهي علم العلة الأولى أو عدم علمها لا أن تدخل في النقاش معهم وقد فرغوا عن إثبات العلم للعلة الأولى, فافهم. فإذا أثبت أن العلة الأولى لا تعلم بفعلها فلك أن تختار أحد القولين أما فاعل بالطبع أو فاعل بالقسر وأما إذا ثبت خلاف قولك وأن العلة الأولى تعلم بفعلها انحصرت الأقسام بما يقوله المتكلمون والفلاسفة لا غير ولا يمكن لك أن تدخل معها الفاعل بالطبع أو القسر, فلاحظ. إلى هنا تبين الخلط وعدم دقة التفكير لدى هذا الملحد الذي يجعل لنا الحق بأن نعتقد بأنه لم يدرس الفلسفة بصورة صحيحة وإنما يحاول التنطع في نقاشه مع الفلاسفة. 1- ظهر مما قدمنا أن قوله بأن ما يطرحه قول ثالث عار عن الصحة وإنما هو نفس قول الفكر الإلحادي القديم المنكر لوجود الله والمتمسك بالمادة أو الطبيعة والصدفة فإن قولهم لا يعدو قول القائل بالفاعل بالطبع. مع حسنة يمكن أن نحسبها للفكر الإلحادي وهو أنه من البداية تنبه للمباينة بين مفهوم الواجب وبين الطبيعة فأنكروا الواجب بينما هذا الملحد الجديد لم يدرك الفرق أو تعامى عنه وحاول الجمع بين الواجب وبين كونه فاعلاً بالطبع أو أن الواجب بالذات هو الطبيعة مع أن أقل طلاب الفلسفة يدرك استحالة ذلك. 2- أن المتكلمين والفلاسفة لا يطلقون على صفات العلة الأولى الواجبة بأنها صفات شخصية وإنما يطلقون على هذه الصفات الخاصة المذكورة ومنها صفة العلم بالصفات الذاتية. 3- أن الكلام على ان الواجب فاعل بالإرادة أو لا فرع إثبات كونه عالماً بفعله إذ لا يأتي الكلام عن وجود الإرادة وعدمها إلا بعد إثبات العلم, وهذا خلط آخر منه فإن كون الفاعل بالطبع لا إرادة له مفروغ عنه وإنما النزاع في ثبوت الإرادة وعدمها قام عند الفلاسفة والمتكلمين بعد إثبات العلم. 4- هناك فرق بين وجود الطبع وبين كون ذي الطبع فاعلاً بطبعه, فلعل من أنكر وجود الفاعل بالطبع وحصره بالفاعل بالقسر لا ينكر وجود ذي الطبع ولكنه غير قادر على إعمال طبعه, فما استدل به هذا الملحد خارج عن مصب النقاش, فهو استدل على وجود الطبع من ان الفاعل بالقسر يفعل خلاف طبعه, وهذا لا ينكره من ينكر وجود الفاعل بالطبع إذ أن الاستدلال لا يثبت وجود الفاعل بالطبع وإنما يثبت وجود الطبع وهو غير إعماله. والتمثل بالكرة في غير محله فإنها عندما تتدحرج تكون من الفاعل بالقسر لمقام الجاذبية وعندما تسكن تكون من الفاعل بالطبع أيضاً لمقام الاحتكاك, فلعل القائل بالقسر يقول إن الأفعال كلها ناتجة من قسر بعد قسر ولا يوجد في الطبيعة (فعلاً) مجال للفاعل بالطبع, وكلامنا لا يعني أننا ننكر وجود الفاعل بالطبع أو عدم إمكانه, فلاحظ. 5- إن كون صدور الفعل من قبل الفاعل بالوجوب,لأن المعلول ما لم يجب لم يوجد, لا يعني كون الخالق (العلة) مجبراً فان الجبر يعني وجود ما هو خارج عن العلة يجبرها على الفعل وهذا غير متحقق ما لو كان الوجوب من ذات العلة, وتفصيل هذا البحث لك أن تراجعه في كتاب نهاية الحكمة للعلامة الطباطبائي. 6- أما ما ذكره من مناقشات على أقوال الفلاسفة فقد ذكرها نفس الفلاسفة أنفسهم ولك أن تراجعها في نهاية الحكمة, ولكن الذي يلفت الانتباه ربطه بين الفلاسفة والشيعة,ولم نع ِ هذا الربط بينهما! فهو يقول: كيف يمكن أن يجتمع المتقابلان يا شيعة؟ يا أتباع صدر المتألهين؟ مع أن في الشيعة فلاسفة وغير فلاسفة وبعض من الفلاسفة أتباع صدر المتألهين كما أن هناك فلاسفة من غير الشيعة. مع أنه لم يقل أحد أن ما يذكره الفلاسفة هو من عقائد الشيعة, نعم أن بعض المباحث تدخل في علم الكلام ولكن هذا لا يعفيها من النقض والإبرام, وليس من عقائد الشيعة المذهبية القول بكيفية علم الله بالأشياء وإن كان إثبات العلم وأنه من الصفات الذاتية من عقائدهم فما فعله هذا الملحد لا يخلو من التهريج!!  ودمتم في رعاية الله