طالب الحق
منذ 4 سنوات

 وحدة الوجود (1)

من خواص واجب الوجود أنه لا يمكن أن يكون جزءاً من غيره لأن قولنا انه جزء من غيره يعني أنه محتاج في وجوده الى ذلك التركيب، فلكي يوجد لابد وان يوجد في تللك المنظومة وذلك التركيب، وهذا خلاف ما عرفنا به واجب الوجود لذاته من أنه موجود من صميم ذاته وليس محتاج الى شيء في وجوده. ولكن قد يقول قائل بأنه يمكن أن يكون جزءا من غيره لا لحاجته في وجوده الى ذلك الغير، بل لحاجة ذلك الغير في وجوده الى واجب الواجود لذاته، مثلا ذرة الأكسجين غير محتاجة في وجودها أو لكي نقول انها موجودة لان تكون جزءا من الماء، ولكنها تكون كذلك لأن الماء محتاج الى ان تكون هي جزء منه لكي يكون موجودا... فما هو ردكم على هذا الاشكال؟


الأخ طالب الحق المحترم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وجوب الوجود يستلزم الوحدة، فلو كان واجب الوجود متحداً بغيره لكان ذلك الغير ممكناً لا واجباً لاستحالة وجود واجبين بالذات، وهذا الغير إذا جاز إتحاده بالواجب استلزم أن يكون المركب منهما ممكناً وواجباً في آن معاً وهو محال, أو استلزم تبدل أحدهما إلى نفس حقيقة الآخر وهذا يستلزم الانقلاب وهو محال أيضاً، ثم أنه بعد التركيب هل يبقى لجزئي التركيب هوية مستقلة أم تحدث عنهما هوية أخرى، فإن بقيت هوية كل منهما فلا إتحاد، وإن حدثت هوية أخرى فهذه الهوية الحادثة ممكنة الوجود لا واجبة، وحينئذٍ تزول حقيقة كلا الجزأين، وما تزول حقيقته ليس بواجب الوجود، بل هو ممكن الوجود، وقد فرضناه واجباً هذا خلف. وعلى أي تقدير كان فإن الواجب بالذات غني عن كل شيء ويستحيل عليه التركيب، لأنه بسيط الحقيقة، وليست ماهيته شيء أخر سوى وجوده، لأنه لو كانت له ماهية لكان ينبغي أن يكون متميزاً عن غيره من الماهيات بفصل فيكون له جنس يعمه وغيره وما له فصل وجنس فإنه محتاج إليهما لأن الماهية مفتقرة إلى جزئيها، إذ هما من علل القوام لها. والله تعالى لا عله له، بل هو مسبب الأسباب وعلة العلل. ودمتم في رعاية الله