هل أن الملا صدرا (قدس) يرى عدمية وجود الممكنات، وأنها مظاهر ومرائي للوجود الحقيقي؟
وإذا كان لا يرى ذلك، فكيف تفسرون قوله في الأسفار: ((أنّ الماهيات الإمكانية أمور عدمية لا بمعنى أن مفهوم السلب المفاد من كلمة لا وأمثالها داخل فيها، و لا بمعنى أنها من الاعتبارات الذهنية و المعقولات الثانية، بل بمعنى أنها غير موجودة لا في حد أنفسها بحسب ذواتها ولا بحسب الواقع، لأن ما لا يكون وجوداً و لا موجوداً في حد نفسه لا يمكن أن يصير موجوداً بتأثير الغير وإفاضته، بل الموجود هو الوجود وأطواره وشئونه وأنحاؤه)).
الأخ أبا مصطفى المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الممكنات أصلها عدمي، أي أن وجودها مستفاد من الواجب بذاته، وهي بعد الوجود تصبح واجبة بغيرها، ويكون لها حظ من الوجود لا يمكن إنكاره ... المزید وهذا الوجود وإن كان صادرا عن مدد مستمر من العلة الواجبة بحيث لا يستقل المعلول عن علته أبداً ويكون دائم التعلق بها، إلا أن وجود المعلول ليس هو عينه وجود الواجب، وذلك لاختلاف الرتبة، ومثاله نور الشمس ونور القمر، فمع أن نور القمر مستمد من نور الشمس إلا أنه يختلف عنه رتبة، ولذلك لم يجز أن يقال لنور القمر أنه هو نور الشمس... فهذا هو مراد ملا صدرا من قوله بعدمية الممكنات، وهو يختلف عن قول الصوفية الذين نفوا أن يكون ثمة حقيقة أخرى في الخارج سوى حقيقة الواجب تعالى، منكرين بذلك الواقعية الخارجية، وحسبوا أن الأشياء اعتبارات لا عينية لها ولا تذوت، فهي كالموج بالنسبة إلى البحر والثلج بالنسبة إلى الماء، فالوجود الخارجي والحقيقي هو للبحر والماء، وأما الموج والثلج فهما أمران اعتباريان وحالتان من أحوال البحر والماء... فالصوفية لا يعترفون إذاً بوجود أخر في قبال وجود العلة ينسب إلى المعلول. ولذلك قال ملا صدرا بعد سطر من النص الذي اقتبسته ما يلي:
((والماهيات موجوديتها إنما هي بالعرض بواسطة تعلقها في العقل بمراتب الوجود وتطوره بأطورها...))، أي: أن الوجود ليس نابعاً من ذاوت تلك الماهيات فذواتها من حيث هي: ممكنة الوجود والعدم، فإذا ترجح وجودها على عدمها صارت موجودة، وإذا ترجح عدمها على وجودها صارت معدومة، ويالتالي لا تذوت لها في الوجود إلا بالواجب بذاته سبحانه وتعالى.
ودمتم في رعاية الله