السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نود ان نرى جوابكم على هذا الشخص الذى يحاول ان يثبت ان الخلق محال ان ياتى من العدم. ************************* لماذا لانؤمن بالخلق من العدم؟ مرحباً
قضية الخلق من العدم هي احدى اشهر واكثر المواضيع التي يطرحها المتكلمون وبقية ادعياء الفلسفة, فهم يرون ان الاله او مهما كان اسمه خلق العالم من لاشيء !
نريد في هذا الموضوع ان نوضح بعض الحجج التي تبين السبب الذي يجعلنا لانؤمن بقضية الخلق وقضية حدوث العالم بعد ان لم يكن شيئاً.
كل حادث زماني مسبوق بقوة ومادة فكرة المتكلمين عن الخلق هي ان العالم لم يكن ثم كان ! وان الله خلق هذا العالم واخرجه الى الوجود باعتبار انه على كل شيء قدير...الخ. فالعالم بناءاً على كلامهم حادث زماني بمعنى ان فكرة الخلق تتضمن ان يكون العالم حادث بالحدوث
الزماني, فالعالم لم يكن موجوداً في زمان ما ثم وجد بعدها.
الان دعونا نتصور ان كلام المتكلمين كان صحيحاً, دعونا نتصور ان العالم لم يكن.... ولم يكن هناك اي شيء مهما كان... لا انسان ولا سماء ولا ارض ولا اي شيء سوى الاله المزعوم وجوده. ومن ثم هذا الالهة قرر ان يخلق العالم في لحظة زمنية معينة بطريقة كن فيكون العالم بعدها في غمضة عين او في ستة ايام او في ملايين السنين ! لايهمنا الفترة المهم ان مادة العالم لم تكن موجودة ثم وجدت.
الان اطلب من القارئ التركيز جيداً لما لم يكن هناك مادة او اي شيء قبل الخلق فان نسبة فعل الخلق الى كل اللحاظ الزمانية تكون متساوية, معنى هذا الكلام هو انه لايوجد ميـّز يميز هذه اللحظة الزمانية حيث الخلق عن التي تليها عن التي سبقتها فمادام لايوجد مادة تتميز بها لحاظ الزمان قبل الخلق فان كل اللحاظ الزمانية تكون متشابهة وسيكون نسبة الفعل الى كل منها متساوياً, ولما لم يكن هناك مخصص لصدور فعل الخلق في زمن خاص فانه من المستحيل ان يتحقق !
يمكننا التعبير عن هذا البرهان الفلسفي باسلوب ابسط فنقول لماذا خلق الله العالم في هذه اللحظة ولم يخلقه في اللحظة السابقة او اللاحقة؟ لماذا اختار هذه اللحظة بالذات؟
هل هناك مايميز هذه اللحظة عن غيرها؟ لابد ان تكون هذه اللحظة مميزة بحيث ان جهة التميز تصبح مثاراً لصدور فعل الخلق عندها... ولكن لما كان المفروض هو ان العالم معدوم ولايوجد اي شيء سوى الله فانه لايوجد مميز لهذه اللحظة عن غيرها.
يعني كان من الممكن ان يكون فعل الخلق قد حدث في هذه اللحظة او التي قبلها او التي بعدها وهكذا ولما كان الامر على هذا الحال من تساوي نسبة الفعل الى كل لحاظ الزمان فان الثابت عندنا انه لايجوز الترجح بلا مرجح ففعل الخلق الحادث في هذه اللحظة الغير مخصصة بما يميزها عن غيرها هو ترجح بلا مرجح والترجح بلا مرجح محال عقلي.
اذن كل حادث زماني لابد ان يكون مسبوق بصورة معينة من المادة بحيث تكون لهذه
المادة القوة (القابلية) على التلبس بالصورة الثانية وهكذا تكون المادة والقوة على التحول الى الشكل الجديد هي المرجح لصدور الحدث في هذه اللحظة الزمنية, على سبيل المثال بيضة الدجاجة فيها القوة على التحول الى دجاجة فالدجاجة شيء حادث وهذا الشيء الحادث مسبوق بمادة هي البيضة التي لها القابلية على التحول الى دجاجة.
من عجائب الامور ان البعض يجيب على هذا الاشكال بطريقة مضحكة فعندما تقول له لماذا خلق الله العالم في هذه اللحظة دون غيرها؟ فانه يجيبك لانه لو خلقها في غيرها لكنت سالت نفس السؤال وهكذا !
يعني هو يعترف انه لايوجد مايميز لحاظ الزمان عن بعضه ومع هذا يصر على صدق صدور
الفعل بهذه الطريقة ضارباً بالمفاهيم العقلية عرض الحائط !
نحن في هذا الموضوع لانريد ان نناقش اراء شبابية او اراء مسفسطين بل نريد ان نناقش اعتراضات فلسفية فقط.
جواب القديس اوغسطين احد اهم الاعتراضات وجاهة هو ماجاء به القديس اوغسطين عن الاشكال المتقدم فهو رآى ان لب الاشكال قائم على افتراض ازلية الزمان او ان هناك زمان قبل خلق العالم فحتى يتخلص من الاشكال قال ان الزمان نفسه حادث له بداية وان بداية الزمان هي نفسها بداية العالم.
ومما يستحق الاشارة اليه هو ان البعض سمع بنظرية الانفجار العظيم وكيف انها تقول بان للزمان بداية فرآى في هذا الجواب فتحاً مبيناً ونصراً عظيماً وتأييداً علمياً لكلام اوغسطين !
رد جواب القديس اوغسطين:
هذا رد سهل جداً على كلام اوغسطين علماً انه بالامكان الرد عليه بطرق مختلفة.
نقول ان كلام اوغسطين يلزم منه التنافي, لان تحت فرض صحة كلامه (ارجو الانتباه والتركيز جيداً) فان الزمان نفسه سيكون حادث زماني لانه لم يكن هناك زمان قبل خلق العالم ثم كان هناك زمان بعد خلق العالم فالزمان سيكون حادث زماني.
طيب قلنا ان الحادث الزماني هو ما كان مسبوقاً بعدم في زمان سابق على وجوده...
فحتى يكون الزمان حادث لابد ان يكون هناك زمان لم يكن فيه الزمان موجوداً !!!!!
اي انه لابد ان يكون عندنا زمان لا زمان فيه ! وهذا تنافي اذ انه فرض وجود وعدم وجود الزمان ! فكلام القديس اوغسطين محال !
بقي ان نرد على المهرجين من انصاف المتعلمين من قراء نظرية الانفجار العظيم.
يجب ان يعلم القارئ انه من الناحية الفلسفية هناك فرق بين الزمان وبين الزمان المطلق, الزمان قابل للتقسيم الى وحدات مثل الدقيقة والساعة واليوم والشهر والسنة وكل من هذه التقسيمات لها بداية ولها نهاية فاليوم مثلاً له بداية زمنية هي الساعة صفر وله نهاية زمنية هي الساعة 24 وحينما نقول ان اليوم له بداية فهل هذا يعني انه لم يكن هناك زمن قبل هذا اليوم؟ او انه لن يكن هناك زمن غداً؟
هذه البداية النهاية هي بداية ونهاية منسوبة للتقسيم المجازي الذي قسمنا الزمان اليه ولكن اذا نظرنا الى الزمان بلا تقسيمات فاننا سنراه كماً متصلاً يرتبط فيه الماضي بالحاضر بالمستقبل بلا توقف وانقطاع فكل لحظة زمنية تكون مرتبطة بما قبلها ومرتبطة بما بعدها مثل السلسلة الفولاذية بلا انقطاع ولا توقف وهذه السلسلة التي لابداية لها ولانهاية هي مانسميه بالزمان المطلق.
نعود الان الى نظرية الانفجار العظيم فنقول ان البداية الزمانية التي تتكلم عنها النظرية ليست من نمط الزمان المطلق بل هي بداية للزمان فقط مثلما ان اليوم له بداية والشهر والسنة... ان لحظة الانفجار العظيم لاتعدو ان تكون اقدم لحظة معروفة لنا في سلسلة تطور الكون المستمر ومجمل البحث الحالي هو حول وضع النظريات لما حصل قبل الانفجار العظيم والنظريات الحالية تشير كلها الى ازل الزمان وازل العالم معها وان سبب تأخر هذه النظريات هو عدم وجود نظرية تثاقل كمي مكتملة ولكن نحن لسنا في الظلام تماماً فهناك الكثير من النظريات التي تخبرك بما كان موجود قبل الانفجار العظيم... ولكن هذا موضوع اخر. ماهو الفاعل بالطبع (الطبيعي)؟
الفاعل بالطبع هو الفاعل الذي ليس له علم بصدور الفعل منه بل يأتي الفعل منه بحسب ما يلائم طباعه ومثال ذلك تدحرج الكرة من اعلى الى اسفل فانها اذا تركت لحالها فانها تتحرج الى الاسفل.
م ينكر احد من الفلاسفة وجود الفاعل بالطبع ولكن عندما كنت في منتدى التوحيد حاول البعض ممن لاحظ له بالعقل والمعرفة انكار وجود الفاعل الطبعي واعتبروه فاعل بالقسر لانه بحسب زعمهم مقهور على الاتيان بهذه الفعل الذي لايخالفه !
ورأوا ان الاصل في الفاعل هو ان يكون فاعل بالقصد او بالاختيار !
وكلامهم هذا متهافت وفاسد جداً لاننا سنسألهم ماذا يعني انكم قلتم انه مقهور على الاتيان بهذا الفعل؟ ماذا يعني القسر؟
الا يعني هذا انه مقهور على الاتيان بفعل يخالف طباعه؟ وهكذا فانتم تثبتون له طبعاً والا فما معنى القسر هنا؟ وهل يكون هناك قسر الا اذا فرضنا وجود طبع بحيث اذا جري الفعل بخلاف الطبع فنسميه قسر؟
فاذا كان انحدار الكرة من اعلى الى اسفل هو قسر فان هذا يعني ان عدم انحدارها هو طبع ! وبالتالي لايمكن ان يكون هناك قسر بلا فرض وجود طبع لانهما متقابلان ولابد من وجود طرفين لكل متقابلين حتى يتحقق التقابل.
نحن نقول ان العلة الاولى لايمكن ان تكون الا فاعل بالطبع وهو مايعبر عنه العلماء في الوقت الحاضر بانه الطبيعة او قوى الطبيعة.
نأتي الان لنر ماذا يقول المخالفون في هذه المسالة: نظرية المتكلمين:
المتكلمون عندهم الواجب هو فاعل بالقصد وهو الذي عنده ارادة وعلم بفعله ولكن ارادته تكون بداعٍ زائد في الفاعل فاذا تحقق هذا الداعي للفعل وجدت عنده الارادة له وهذا على نحو الافعال الاختيارية للانسان التي تحصل بارادة منه وعلم بصدورها.
فالفاعل بالقصد هو في الحقيقة فاعل بالاختيار وهو حر بالاختيار وهو فاعل مريد وعالم, وهذا هو راي المتكلمين في الله او الواجب فيرونه حر الارادة ان شاء فعل وان شاء ترك. الرد على كلام المتكلمين:
اذا كان هذا الكلام يصح على الانسان وماسواه من الممكنات فهو لايصح ولايصدق على الواجب لان حرية الاختيار معناها ان يكون الفاعل قادراً على الاتيان بالفعل بنفس الدرجة على عدم الاتيان به, اي ان حرية الاختيار تعني تساوي النسبة الى الفعل وعدمه, وتساوي النسبة هي جهة امكان بينما واجب الوجود يجب ان يكون واجب من جميع الجهات فلايمكن ان يكون هناك جهة امكان في الواجب.
ومن المهم تفصيل هذه المسألة لان الكثير من الناس يظنون ان الله حر بالارادة ان شاء فعل وان شاء ترك.
نحن نسأل عندما خلق الله الخلق هل كان قادراً على عدم الخلق او لم يكن قادراً؟
ان قيل غير قادر فاثبتم له عجزاً ! والعجز لايليق بالواجب !
وان قلتم قادر على ذلك فهل ان قدرته على الخلق مساوية لقدرته على عدم الخلق او انها غير مساوية؟ ان قلتم غير مساوية فعدتم لاثبات العجز له لان فيه ترجيح المرجوح على الراجح بينما لايمكن ان يرجح المرجوح على الراجح !
يعني بكلام اخر اذا كانت قدرته على عدم الفعل اكبر من قدرته على الفعل فلايمكن ان يصدر الفعل منه لان الفعل صار مرجوح بينما عدم الفعل صار راجحاً ولعله يحسن حتى تفهم القضية بوضوح اكثر ان تتخيل ميزان ذو كفتين وتضع على احدى الكفتين الفعل وعلى الثانية عدم الفعل فيكون عندك كفة راجحة وكفة مرجوحة وهنا لايمكن ان ترجح الكفة المرجوحة على الراجحة !
تسألني لماذا؟!
الجواب بكل بساطة لانه حتى يتحقق ذلك لابد ان تصير الكفة المرجوحة راجحة بينما هي مرجوحة وهذا جمع متناقضين ! فهل تستطيع ان تتخيل ميزان تكون فيه احدى الكفتين راجحة ومرجوحة في نفس الوقت؟
الان اذا قلتم ان قدرته على الخلق مساوية لقدرته على عدم الخلق (مثل ميزان وقد تساوت كفتاه) فان الثابت عندنا انه لايجوز الترجيح بلا مرجح فما الذي رجح فعل الخلق على عدم الخلق بحيث تحقق فعل الخلق؟
تخيل ميزان وقد تساوت كفتاه وفجأة تجد احدى كفتيه قد رجحت على الاخرى فللحال نعرف ان هناك مرجح وعلة رجحت هذه الكفة على الاخرى. فما هو المرجح او العلة هنا لفعل الخلق؟ لايخلو الامر من احتمالين:
اما ان تكون العلة المرجحة هي غير الواجب او تكون هو ذاته فان قيل غيره فيبطله انه العلة الاولى التي لاعلة لها فلايمكن ان توجد علة سابقة عليه, وان قيل هو ذاته هذه العلة فان العلة سابقة للمعلول بالسبق الرتبي فيكون هو سابق لذاته اي يتحد السابق واللاحق وهو محال.
اذن لايمكن ان يكون الواجب فاعل حر الارادة او فاعل بالقصد. نظرية الاشراقيين:
الاشراقيون (والسهروردي خير من يمثلهم) عندهم الواجب هو فاعل بالرضا والفاعل بالرضا هو الذي له علم بفعله ولكن علمه في مقام الذات يكون علم اجمالي وفي مقام الفعل علم تفصيلي, والمقصود بالاجمال هو الغموض والابهام وبالتفصيل اي الوضوح, فعلى سبيل المثال انت مثلاً تعلم ان هناك مئة كتاب في مكتبتك فاذا عددت كتبك فوجدتها تسعة وتسعين فستعلم ان مكتبتك تنقص كتاب واحد ولكنك لاتعرف اي كتاب هو الناقص فهذا هو علم اجمالي فانت هنا تعلم بوجود كتاب مفقود ولكنك لاتعلم اي واحد بالضبط هو الكتاب المفقود اي انك تعلم الشيء ولكنك لاتعلم حدوده واطرافه فاذا قمت الان باحصاء كتب المكتبة فستعرف اخيراً اي كتاب هو المفقود وعندها يصبح هناك وضوح في علمك. وهكذا يقول الاشراقيون في علم الواجب فهو قبل الخلق
عالم بما سيخلق على سبيل الاجمال وبعد ان يخلق يصبح علمه علم تفصيلي في مقام الفعل وتشبه هذه المسالة بالرسام فهو يعلم على سبيل المثال انه سيرسم منظر طبيعي ولكنه لايعلم كيف ستكون التفاصيل الدقيقة للوحة وانما يعلم هذه التفاصيل بعد ان يرسمها في مقام فعله. الرد على كلام الاشراقيين:
اذا سلمنا للاشراقيين بصدق مايقولون لترتب على كلامهم ان يكون فاقد الشيء معطي ! بينما فاقد الشيء لايمكن ان يكون معطياً له, فهم يسلمون بان علم الله زائد على ذاته اي ان ذاته غير عالمة بالعلم التفصيلي واذا كان الامر هكذا فانه سيترتب عليه ان ذاته باعتبارها مصدر كل كمال وجودي فاقدة للعلم واذا كانت فاقدة للعلم فكيف تمنحه لغيرها؟
والاشكال الاخر هو انه يترتب على هذا القول حاجة الواجب الوجود لذاته في اتصافه بصفات كماله الى غيره, وهو محال. نظرية المشائين:
المشاؤون (اتباع ارسطو) عندهم الواجب فاعل بالعناية وهو الذي له علم بفعله كما هو الحال في كل من الفاعل بالقصد وبالرضا المتقدم ذكرهما ولكن الفرق عن الفاعل بالرضا هو ان الفاعل بالعناية له علم تفصيلي بالاشياء في مقام ذاته ولكن هذا العلم التفصيلي ليس عين الذات وانما هو زائد على الذات وعندهم علم الواجب هو علم فعلي وليس علم انفعالي وذلك مثل من يمشي على جدار عال فيتخيل انه سيسقط فللحال يسقط ! فهنا علم فعلي لا علم انفعالي اي ان تفكيره بالسقوط كان السبب في صدور فعل السقوط منه.
وهكذا فان الله بحسب المشائين عالم بالاشياء علماً تفصيلياً قبل ايجادها وان ارادته انما تعني علمه بالنظام الاصلح او علمه بكون الفعل خيراً, فاذا كان الواجب عالماً بكون الشيء خيراً فهو مريد له ولذا فان كل ماخلقه الله بناءاً على نظرية المشائين هو خير وهو اصلح ما يمكن ولو لم يكن خيراً او صالحاً لما اراده ولما خلقه. نقد نظرية المشائين:
يرد عليهم بنفس الكلام السابق في الرد على الاشراقيين وهو ان يلزم من كلامكم خلو الذات من العلم التفصيلي وحاجة الواجب الى غيره وهو محال. نظرية صدر المتألهين الشيرازي:
يرى صدر المتألهين ان الواجب هو فاعل بالتجلي اي ان الواجب عالم بفعله في مقام ذاته وان هذا العلم هو علم تفصيلي لا اجمالي –تمييزاً له عن الفاعل بالرضا- وان هذا العلم التفصيلي هو عين الذات لا انه زائد عن الذات. فالواجب عند صدر المتألهين عالم بالاشياء علماً اجمالياً في عين الكشف التفصيلي, والمراد هنا بالاجمال هو البساطة في مقابل التفصيل وليس الابهام كما مر سابقاً. نقد نظرية صدر المتألهين:
من الواضح ان صدر المتألهين اراد التخلص من الاشكالات السابقة بقوله بالعلم الاجمالي البسيط لانه يمتنع ان يكون الاله عالماً بالعلم التفصيلي في مقام ذاته لان العلم التفصيلي هو علم متمايز بينما واجب الوجود لابد ان يكون بسيط من كل الجهات ولايمكن ان تكون هناك جهة تمايز في البسيط والا صار مركباً ومحال ان يكون الواجب مركباً.
لذا فصدر المتألهين يرى ان علم الواجب هو علم اجمالي بسيط ومثل لهذا بمن يقرأ قصيدة فمن الواضح ان مجرد استحضار القصيدة من دون القاء لايوجد فيه تميز من حيث ابياتها واجزاءها المختلفة بل تبدو كلها بسيطة غير متمايزة.
وكلام صدر المتألهين ليس سوى محاولة توفيقية للهرب من الاشكال العويص بحل لايخلو هو الاخر من اشكال فماذا يقول انصار صدر المتالهين في من يحفظ قصيديتين فما فوق؟ وليكن عندنا ان زيد يحفظ معلقة امرؤ القيس والنابغة الذبياني فهل تتميز عنده القصيدة الثانية عن الاولى عند الاستحضار ام انها لاتتميز؟
ان قلتم لاتتميز فاحلتم الاثنين واحداً لانتفاء الميز بينهما فحينما لايكون هناك ميز بين امرين فهما حين الاضافة يعودان واحداً بينما المفروض انهما اثنان وليسا واحداً وقد يخطأ زيد فيظن انه يحفظ قصيدة واحدة بل ان زيد لن يستطيع ان يعرف شعر النابغة عن شعر امرؤ القيس لانه لاميز بين الاثنين !
وليت شعري كيف يكون البسيط (الاجمال) في عين المتمايز (المفصل)؟ وكيف يمكن ان
يجتمع المجمل مع المفصل مع انهما متقابلان؟؟؟
كيف يمكن ان يجتمع المتقابلان يا شيعة ؟ يا اتباع صدر المتألهين؟
كيف يكون المتمايز بسيطاً والبسيط في عين المركب؟
وكيف صار المركب بسيطاً بناءاً على مثال ساذج تضربونه وتعتقدون انكم حللتم ما لايمكن ان يحل ابداً ! وكيف يمكن ان يوجد سبيل منطقي وتبرير عقلاني لجمع المتقابلين؟
كل مانريده منكم يافلاسفة هو الانصاف ! انصفونا واعترفوا بالحقيقة وتخلوا عن الوهم الذي تعيشون فيه. *************************
الأخ عبد الله المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
1- لا يقول أحد لا من المتكلمين ولا من الفلاسفة بالخلق من العدم, فالمتكلمون يقولون بأن الخلق كان يسبقه عدم زماني والفلاسفة يقولون بأنه مسبوق بالعدم الذاتي, ولكن هذا المستشكل متطفل على المتكلمين والفلاسفة.
2- لقد ثبت في محلّه من الفلسفة لابدية وجود علاقة ومسانخة بين العلة والمعلول و((أن المبدأ الذي يصدر عنه وجود المعلول هو وجود العلة الذي هو نفس ذات العلة فالعلة هي نفس الوجود والذي يصدر عنه وجود المعلول وان قطع النظر عن كل شيء)) (نهاية الحكمة / المرحلة الثامنة / الفصل الرابع).
وليس هناك طرفان كما يتصور في بادي الأمر, أحدهما العلة والآخر المعلول وان العلة تعطي الوجود للمعلول, بل هو طرف واحد هو العلة التي تفيض وتوجد المعلول بإيجاده فالإيجاد هو الوجود, وهو معنى الربط والفقر الذاتي لما عدا الله سبحانه وتعالى.
3- لقد ثبت في محله أن الزمان مقدار الحركة وهي الانتقال من القوة إلى الفعل ولا توجد القوة والفعل إلا في المادة فلا زمان قبل المادة وكلما فرض وجود زمان استدعى ذلك وجود مادة سابقة.
فلا مجال لفرض وجود لحظة زمنية تحقق فيها وجود العالم المادي, ولا يتعقل وجود لحظات زمانية مختلفة حتى نسأل ما هو المائز بينها,أذ لا تمايز في العدم, ولا يصح افتراض لحظة زمنية قبل أخرى أو بعدها إذ لا زمان, والظاهر أن هذا المستشكل لم يستطع فهم هذا المعنى من كلام الفلاسفة فلذا فرض مثل هذه الفروض.
4- إن هذا الملحد حاول انتحال قول الفلاسفة في الرد على المتكلمين القائلين بالعدم الزماني مقابل القول بالعدم الذاتي, ولكنه لم يستطع إدراك مغزى كلامهم وفهم مرامهم فافترض أن القول بحدوث الزمان يعني وجود زمان سابق عليه وأنه حادث زماني, ولكنه لم يدرك أن افتراض زمان سابق يعني وجود مادة سابقة وهذا خلف الفرض ونقض للقول بحدوث الزمان, فمراد الفلاسفة من قولهم بحدوث الزمان بأنه لم يكن زمان قبله بل لا يصح القول بذلك أصلاً, فالزمان حادث ذاتي وليس زماني.
وأخيراً نود أن نشير بأنه وأن عنون كلامه بالرد على المتكلمين والفلاسفة ولكنه رد على كلام المتكلمين بكلام الفلاسفة ولم يتعرض للرد على رأي الفلاسفة إلا ما لم يفهمه من كلام أوغسطين, وللمزيد إرجع إلى نهاية الحكمة للعلامة الطباطبائي: (المرحلة العاشرة / الفصل الخامس/ والفصل السادس).
ودمتم في رعاية الله