محمد حبيب - ايسلندا
منذ 4 سنوات

 وحدة الوجود (2)

ولما كانت الحقيقة المحمدية هي الاولى في رتبة الموجودات في السلسلة الطولية فهذا يوجب ان الله خلق العقل قبل خلق جسم ادم ويوجب ان الله تعالى قد اختار خلق الانسان قبل خلق ادم على عكس الاية التي قال بها الله تعالى للملائكة اني جاعل في الارض خليفة


الأخ محمد المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إن الله تعالى قد جعل آدم عليه السلام خليفة له في أرضه وأصلا لنشوء السلالة البشرية في الأرض، وهو نبي معصوم لا يقارف معصية ولا يصدر عنه ذنب، وما جرى له من الاكل من الشجرة والخروج من الجنة لا يندرج في باب المعصية بل يندرج في باب (ترك الأوْلى)، ففي مقام الانبياء ينبغي أن يختار النبي أحسن الأمرين وأفضلهما وأحوطهما، فإذا اختار الأقل حسنا والابعد عن مورد الاحتياط عوتب أو عوقب، ويكون ذلك المختار من الفعل في حقه وفي رتبته كأنه معصية، فإن حسنات الأبرار هي سيئات عند المقربين كما قيل في العرفان، أي أن الانسان كلما ارتقت رتبته لا يعد مناسبا له أن يأتي بفعل من هو دونه رتبة، وبالتالي فمن غير المعقول أن يمرر الله تعالى جميع عباده بنفس تجربة آدم إلا أن يخلقهم كلهم أنبياء أو في رتبة واحدة، وعدم خلقهم كذلك ليس منافيا للعدل لأن مالك الملك يحق له أن يتصرف في ملكه كيف يشاء (( لَا يُسأَلُ عَمَّا يَفعَلُ وَهُم يُسأَلُونَ )) (الأنبياء:23)، فليس لك أن تقول في الصانع الذي يصنع أشياء متفاوتة ومختلفة من جهة الصفات والأشكال والأغراض لماذا لم تصنعها كلها على منوال واحد فتكون عادلا؟ فهذا لا معنى له فإن الصانع له الحق في صناعة ما يشاء من دون أن يكون ظالما للأشياء التي يصنعها، خاصة إذا كانت الغاية من صنعها بهذا التفاوت والاختلاف مما يقتضيه النظام والحكمة، ومع ذلك فإن الله تبارك وتعالى بالرغم من خلقه العباد متفاوتين وليسوا سواء في القابليات والإمكانات والصفات إلا أنه لم يتركهم هملا بل أرسل إليهم الانبياء وأنزل عليهم الشرائع وجعل لهم الإرادة الحرة والعقل ليختاروا الصواب والهدى ويتجنبوا الخطأ والضلال، وأعطاهم قابلية التكامل بحيث يسع الانسان (مهما كان وضيعا) أن يتدرج في مدارج الكمال بحسب رتبته، فيصل إلى أعلى الدرجات وينال الفوز بما أعده الله سبحانه في الآخرة من الثواب المقيم الذي لا انقطاع له ولا نفاد. ودمتم في رعاية الله

1