س1/ ماذا قصدتم بالضبط من قول الفلاسفة بأن الله تعالى هو علة تامة للمعلول؟
هل هو ماذكرتموه من المعلول مرتبط ارتباطا تاما وأبدا بعلته أم ان هذا هو نتيجة القول السابق؟
س2/ يشكل البعض على مسألة اختيار الله ويربطونها بأزلية العالم، وهي أنه لو كان العالم محدث فالله طبعا مختار في ايجاده، ولكن لماذا اوجده في حين غير حين آخر؟
فاذا كان ايجاد العالم حق فهو حق أزلي اذ ليست هناك خصوصوية وميزة للحين الذي اوجد الله فيه العالم، وانقل اليكم هذا القول:قال بروكلوس : بأي باعث صمم الإله على الخلق، بعد الصمت الذي ظل فيه منذ الأزل، إلى بدئه في الخلق؟ هل لأنه رأى أن هذا هو الأفضل؟ إن كان الأمر بالإيجاب، فهو إما كان يعلم هذا الفضل أو لا يعلمه. فإن كان لا يعلمه فعدم العلم لا يتفق مع الألوهية. وإن كان يعلمه، فلماذا لم يبدأه قبل ذلك العهد؟
س3/ ذكرتم أن الممكن يحتاج الى الله او واجب الوجود او الراجح حتى في بقاءه، كيف ذلك؟
يعني هو كان متساوي العدم والوجود ومن ثم اوجد فاذا اوجد أوجد، فمثلا الانسان بعد ان اوجد فانه لاينتهي فالروح التي هي حقيقة الانسان لاتفنى.
ولا أعرف ان كان قياسي صحيح ام لا، ولكن أذكره، فلو قسنا الوجود بالحركة فحسب قانون نيوتن الاول فان الجسم بعد أن يتحرك فانه لا يحتاج الى محرك لكي يستمر في حركته، فحسب قانونه الجسم يحتاج الى المحرك في بدو حركته، فهكذا الموجود يحتاج الى الموجد في بدء ايجاده، ويبدو لي أنتم لمحتم الى الشرح في قولكم أن أصل الممكن وماهيته أمر عدمي، فهلا اجبتم علي وتجزون لأن عبارات الكتب التي ذركتموها صعبة وكذلك الدروس الموجود في شرح التجريد مثلا لم أستفد منها الكثير وخاصة في اجابة مثل هذه الأسئلة
الأخ الميرزا المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
1ـ المقصود بالعلة التامة: السبب التام التأثير في إيجاد المعلول وقال الفلاسفة إن العلة تكون تامة إذا توفرت فيها عدة عناصر:
1ـ وجود المقتضي (وهو المؤثر)
2ـ وجود الشرط في التأثير.
3ـ عدم المانع, مثال: النار تكون علة تامة للاحتراق إذا وجد المقتضي للإحراق وهو النارية، ووجد الشرط وهو المماسة بين النار المحرقة والشيء المحترق بحيث يصل أثر النار إلى ذلك الشيء فلابد إذن من عدم وجود مانع يحول دون التأثير كالرطوبة أو أي حاجز آخر.
وبما أن الله عز وجل يفعل على الإطلاق ويؤثر كذلك، فلا يمكن أن يتصور أنه يوجد ثمة شرط يفتقر إليه لأجل تأثيره في إيجاد ما يوجد عنه، ويستحيل أن يكون هناك ثمة مانع يحجزه عن إيصال تأثيره الإيجادي وحينئذٍ فإذا فرضنا وجود الله عز وجل فلابد على رأي الفلاسفة 1ـ من أن نفرض وجود العالم، لأن الله عزوجل فاعل بذاته (عندهم) والفاعل من حيث هو فاعل يقتضي التأثير والفعل وإلا لم يكن فاعلاً فيلزم أن يكون العالم موجوداً بوجود الله ، وهذا دليلهم على قدم العالم.
2ـ زعم بعض المتكلمين أن الله عز وجل أوجد العالم بإرادة قديمة اقتضت وجوده في الوقت الذي وجد فيه، وأُشكل عليهم ،بأن الإرادة لا يمكن أن تكون قديمة لأنها صفة فعل لا صفة ذات، وملاك الفرق بين صفة الذات وصفة الفعل أن الأولى لا تتخلف ولا يصح نفيها عنه سبحانه كالحياة، فإن الله عز وجل حي ولا يصح أن نصفه بعدم الحياة، بينما الإرادة ليست كذلك لأنه يوصف بالإرادة وعدمها، فنقول: الله يريد الحق، ولا يريد الباطل، ويريد أن يخلق زيد مثلاً ولم يرد أن يخلق عمرو ... المزید وهكذا.
ثم إن ما ذكرته من الحق الأزلي في خلق الله للعالم ليس بصحيح، لإنك لابد أن تعني به أحد امرين: الأول: أنه واجب على الله والثاني: أن الخلق لا يمكن أن يتخلف عنه من جهة كونه خالقاً.
وأما جواب الأول، فإن الوجوب على الله لا يمكن أن يتصور، فالله تعالى هو الذي أوجب الأشياء فكيف تجب عليه؟
وأما الثاني: فقد أوضحنا لك الفرق بين صفة الذات وصفة الفعل، والخالقية من صفات الفعل فلا تكون أزلية، فالصحيح إذن أن الله تعالى فاعل بالاختيار لا بالطبع ثم أن الاختيار ليس معناه إلا تقديم أحد المقدورين، فالله تعالى قادر على الخلق وعدمه، فالقول بأنه خالق منذ الأزل معناه أنه ليس بمختار، ولازمه سلب القدرة عنه، تعالى عن ذلك علواً كبيراً.
3ـ معنى قولنا أن الممكن يحتاج إلى الله في بقاءه كما يحتاج إليه في حدوثه هو أن الممكن من جهة ذاته لا يقتضي الوجود ولا يقتضي العدم، فيمكن أن نتصور خلو العالم من زيد وعمرو وهذا الجبل وهذه الأرض وذلك النجم وهكذا دون أن يعرض في العقل المحال من هذا التصور، وليس ذلك إلا أن هذه الممكنات لا تقتضي في ذاتها أن تكون موجودة أو معدومة، نعم هي موجودة لأن الموجد عز وجل أفاض عليها الوجود، ولو قطع عنها الفيض طرفة عين لعادت إلى الحال السابق وهو الامكان الصرف، وحينئذٍ إذا لم يتعلق بالممكن إيجاب وجود من قبل الله عز وجل فهو عدم صرف ولو كان الممكن قادراً على البقاء بعد أن يوجد من تلقاء نفسه لكان قادراً على حفظ وجوده وتعاهد ذاته بالوجود آناً فآن، فينقلب مفيضاً موجداً فتأمل وفقك الله.
ودمتم في رعاية الله