إيمان ( 20 سنة ) - العراق
منذ 3 سنوات

ألف ألف آدم

هل آدم أول انسان على وجه الارض؟


أنبأنا أئمة أهل البيت (عليهم السلام) بما لا يعرفه سائر أهل الإسلام بل سائر البشرية سواء من أتباع الأديان السماوية أو الفلاسفة وغيرهم بالقول بأن آدم ليس أول البشر، وجاءت الروايات في المصادر المعتبرة التي يعود جلّها الى القرن الرابع الهجري، وهو كما نعلم عصر المحدثين الكبار الذين دونوا الحديث وحفظوه لنا، ومن هذه المصادر تفسير العياشي، والمحدث الأقدم الشيخ محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي المتوفي سنة 381 هـ، والشيخ المفيد محمد بن النعمان المتوفي سنة 413 هـ، وغيرهم ممن سنتعرض لهم في طيات الجواب بإذن الله تعالى. وكان الأمر من الوضوح عند علماء السنة بانفراد الشيعة بهذه الروايات عن أئمتهم (عليهم السلام) فقد جاء في التفسير الكبير للفخر الرازي المتوفي سنة 606 هـ : ((المسألة الثانية : ثبت بالدلائل القاطعة أنه يمتنع القول بوجود حوادث لا أول لها، وإذا ثبت هذا ظهر وجوب انتهاء الحوادث إلى حادث أول هو أول الحوادث، وإذا كان كذلك فلا بد من انتهاء الناس إلى إنسان هو أول الناس، وإذا كان كذلك فذلك الإنسان الأول غير مخلوق مع الأبوين فيكون مخلوقاً لا محالة بقدرة الله تعالى. فقوله : (ولقد خلقنا الإنسان) إشارة إلى ذلك الإنسان الأول، والمفسرون أجمعوا على أن المراد منه هو آدم عليه السلام، ونقل في “كتب الشيعة” عن محمد بن علي الباقر “عليه السلام” أنه قال : قد انقضى قبل آدم الذي هو أبونا ألف ألف آدم، أو أكثر، وأقول : هذا لا يقدح في حدوث العالم بل الأمر كيف كان، فلا بد من الانتهاء إلى إنسان أول هو أول الناس، وأما أن ذلك الإنسان هو أبونا آدم، فلا طريق إلى إثباته إلا من جهة السمع)). التفسير الكبير 19 : 117. وكما ذكر الآلوسي المتوفي سنة 1270 هـ، في تفسيره : ((والذي عليه الجماعة من الفقهاء والمحدثين ومن وافقهم أنه ليس سوى آدم واحد ــ وهو أبو البشر ــ وذكر صاحب “جامع الأخبار” من الإمامية في الفصل الخامس عشر خبراً طويلاً نقل فيه أن الله تعالى خلق قبل أبينا آدم ثلاثين آدم، بين كل آدم وآدم ألف سنة، وأن الدنيا بقيت خراباً بعدهم خمسين ألف سنة، ثم عمرت خمسين ألف سنة، ثم خلق أبونا آدم “عليه السلام”، وروى ابن بابويه في كتاب “التوحيد” عن الصادق في حديث طويل أيضاً أنه قال : لعلك ترى أن الله تعالى لم يخلق بشراً غيركم، بلى والله لقد خلق ألف ألف آدم أنتم في آخر أولئك الآدميين، وقال الميثم في “شرحه الكبير على النهج” ــ ونقل عن محمد بن علي الباقر ــ أنه قال : قد انقضى قبل آدم الذي هو أبونا ألف ألف آدم أو أكثر...نعم إن آدمنا هذا “عليه السلام” مسبوق بخلق آخرين كالملائكة والجن وكثير من الحيوانات وغير ذلك مما لا يعلمه إلا الله تعالى...وذهب الكثير منا إلى أنه منذ كان إلى زمن البعثة ستة آلاف سنة وأن عمر الدنيا سبعة آلاف سنة ورووا أخباراً كثيرة في ذلك، والحق عندي أنه كان بعد أن لم يكن ولا يكون بعد أن كان، وأما أنه متى كان ومتى لا يكون فمما لا يعلمه إلا الله تعالى، والأخبار مضطربة في هذا الباب فلا يكاد يعول عليها)). تفسير الالوسي 4 : 180 ــ 181. ونصوصنا عن أهل بيت العصمة تشير إلى ألف ألف آدم فيكون بعداد المليون، ولا يستبعد أن يحمل العدد في الروايات على الكثرة العظيمة، وليس بالضرورة نفس العدد المذكور. ونستعرض فيما يلي أهم تلك النصوص والتي ليس فيها منفذ لتأويل : ((روى الصدوق عن أبيه، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر الباقر في حديث قال : لعلك ترى أن الله إنما خلق هذا العالم الواحد، وترى أن الله لم يخلق بشراً غيركم، بلى والله لقد خلق الله ألف ألف عالم، وألف ألف آدم، أنت في آخر تلك العوالم وأولئك الآدميين)). الصدوق، التوحيد 277. والخصال 652. ((عن يعقوب بن شعيب قال : سألت أبا عبد الله “عليه السلام” عن هذه الآية “كان الناس أمة واحدة” قال : قبل آدم وبعد نوح ضُلالاً فبدا لله فبعث الله النبيين مبشرين و منذرين)). العياشي 1 : 104. التوحيد للصدوق 277، والخصال للصدوق 652. ((وروى الصدوق عن زرارة قال : قلت لأبي عبد الله “عليه السلام” : جعلني الله فداك أسألك في الحج منذ أربعين عاما ًفتفتيني، فقال : يا زرارة بيت يحج قبل آدم “عليه السلام” بألفي عام، تريد أن تفنى مسائله في أربعين عام)). الصدوق، من لا يحضره الفقيه 2 : 219. ((عن محمد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : لقد خلق الله في الأرض منذ خلقها سبعة عالمين ليس هم من ولد آدم، خلقهم من أديم الأرض فاسكنوها واحداً بعد واحد مع عالمه، ثم خلق الله آدم أبا هذا البشر وخلق ذريته منه)). تفسير العياشي 2 : 238. والخصال للصدوق 359. لذلك تعامل علماؤنا مع هذه المسألة بمرونة أكبر مما عند المخالفين ، ولكن مع الاحتياط وهم معذورون بذلك دون شك، ذكر الشيخ عبد الهادي الفضلي : ((والبحث الديني يوصلنا إلى وقوع أو تحقق وجود عوالم أخرى غير عالمنا هذا، لما ورد في حديث جابر الجعفي عن الإمام محمد الباقر “عليه السلام” : (لعلك ترى أن الله إنما خلق هذا العالم الواحد، وترى أن الله لم يخلق بشراً غيركم، بلى والله لقد خلق الله ألف ألف عالم، وألف ألف آدم، أنت في آخر تلك العوالم وأولئك الآدميين). والبحث العلمي يدلنا على حقيقة تلكم العوالم، أو يكشف لنا على الأقل عن جانب من حقيقة تلكم العوالم، فقد عثرت الكشوف العلمية الحديثة على (هياكل بشرية مشابهة لهيكل هذا الإنسان الحالي، كانت تعيش على الأرض قبل ملايين السنين)). الفضلي، كتاب أصول البحث 45 ــ 46.

7