السلام عليكم
هل عمر فتح بلاد فارس أم علي (عليه السلام)؟
وفي تفسير القمي، ج٢، ص(١٥٣)، تفسير سوره الروم، الآية (٤ ـ ١٨)، والنص:
(قال: قلت أليس الله تعالى يقول في بضع سنين وقد مضى للمؤمنين سنون كثيرة مع رسول اللّٰه (صلى اللّٰه عليه وآله) وفي امارة أبي بكر وإنما غلب المؤمنون فارس في امارة عمر؟... إلخ).
فما قولكم بهذه الرواية؟
وعليكم السلام ورحمة اللّٰه وبركاته
أهلاً بكم في تطبيقكم المجيب
ابنتي الكريمة، بالنسبة للرواية فهي معتبرة، ومتنها هو:
(تفسير علي بن إبراهيم: ﴿ألم غلبت الروم في أدني الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين﴾ فإنه حدثني أبي، عن محمد بن أبي عمير، عن جميل، عن أبي عبيدة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله: ﴿ألم غلبت الروم في أدنى الأرض﴾ قال: "يا أبا عبيدة إن لهذا تأويلاً لا يعلمه إلا الله والراسخون في العلم من الأئمة إن رسول اللّٰه (صلى اللّٰه عليه وآله) لما هاجر إلى المدينة - وقد ظهر الإسلام - كتب إلى ملك الروم كتاباً وبعث إليه رسولاً يدعوه إلى الإسلام، وكتب إلى ملك فارس كتاباً وبعث إليه رسولاً يدعوه إلى الإسلام، فأما ملك الروم فإنه عظم كتاب رسول اللّٰه (صلى اللّٰه عليه وآله) وأكرم رسوله، وأما ملك فارس فإنه مزق كتابه واستخف برسول رسول اللّٰه (صلى اللّٰه عليه وآله) وكان ملك فارس يومئذ يقاتل ملك الروم وكان المسلمون يهوون أن يغلب ملك الروم ملك فارس، وكانوا لناحية ملك الروم أرجى منهم لملك فارس، فلما غلب ملك فارس ملك الروم بكى لذلك المسلمون واغتموا، فأنزل اللّٰه ﴿ألم غلبت الروم في أدنى الأرض﴾ يعني غلبتها فارس في أدنى الأرض وهي الشامات وما حولها، ثم قال: وفارس من بعد غلبهم الروم سيغلبون في بضع سنين قوله: لله الأمر من قبل أن يأمر ومن بعد أن يقضي بما يشاء". قوله: ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء قلت: أليس الله يقول: في بضع سنين؟ وقد مضى للمسلمين سنون كثيرة مع رسول اللّٰه (صلى اللّٰه عليه وآله)، وفي إمارة أبي بكر، وإنما غلب المؤمنون فارس في إمارة عمر فقال: ألم أقل لك: إن لهذا تأويلاً وتفسيراً؟ والقرآن يا أبا عبيدة ناسخ ومنسوخ، أما تسمع قوله: ﴿لله الأمر من قبل ومن بعد﴾ يعني إليه المشيئة في القول أن يؤخر ما قدم ويقدم ما أخر إلى يوم يحتم القضاء بنزول النصر فيه على المؤمنين، وذلك قوله: ﴿ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء﴾).
وننقل لكم ما قاله الشيخ علي الكوراني (رحمه الله) في كتابه (جواهر التاريخ)، جزء (١)، صفحة (٣١٢)، ما هو لفظه:
((… كان النبي (صلى اللّٰه عليه وآله) يدعو الناس في مكة إلى الإسلام ويخبرهم بأن اللّٰه تعالى وعده أن يورث أمته ملك كسرى وقيصر! فكل من قرأ سيرته (صلى اللّٰه عليه وآله) يجد أن فتح فارس والروم كانا وعداً نبوياً من أول إعلان الدعوة، وكان المشركون يسخرون من ذلك! واستمر هذا الوعد عنصراً ثابتاً في مراحل دعوته (صلى اللّٰه عليه وآله) فكان برنامجاً إلزامياً للسلطة الجديدة بعد وفاته (صلى اللّٰه عليه وآله) أياً كانت تلك السلطة.
وفي رأيي أن السلطة بعد النبي (صلى اللّٰه عليه وآله) خافت من حرب مسيلمة التي يسمونها حروب الردة، كما خافت من التوجه إلى فتح بلاد فارس والشام، وأن الفضل في دفعها إلى الفتوحات يعود إلى علي (عليه السلام) وتلاميذه الفرسان، الذين لم تعطهم السلطة مناصب قيادية، لكنهم كانوا القادة الميدانيين الذين حققوا الانتصارات!
وكان بقية هؤلاء القادة مع علي (عليه السلام) في صفين، وهم كثر منهم الأشتر بطل معركة اليرموك الذي برز إلى فارس الروم وقتله، فغير ميزان المعركة! وهاشم المرقال الذي أبلى فيها بلاء مميزاً ... المزید الخ.! وأشرنا إلى ذلك في آخر الفصل الثاني.
وفي السنة السابعة والثلاثين للهجرة وهي سنة صفين، كان الفرس قد يئسوا من العراق وقسم من إيران، وكان المسلمون يواصلون فتح بقية إيران وما وراءها في حالة كر وفر مع الفرس. فوجه علي (عليه السلام) بعد حرب البصرة ابن أخته جعدة بن هبيرة، وكان فارساً بطلاً، وقد تقدم ذكر فتحه لبقية خراسان وما وراءها)).
ودمتم موفقين.