السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
مرحبًا بك أيها السائل الكريم
جاء في كتاب زينب الكبرى، الشيخ جعفر النقدي، ص33:
أما زينب المتربية في مدينة العلم النبوي، المعتكفة بعده ببابها العلوي المتعذية بلبانه من أمها الصديقة الطاهرة سلام اللّه عليها، و قد طوت عمرا من الدهر مع الامامين السبطين يزقانها العلم زقا، فهي من عياب علم آل محمد عليهم السّلام و علب فضائلهم، التي اعترف بها عدوهم الالد (يزيد الطاغية) بقوله في الامام السجاد «ع» (إنه من أهل بيت زقوا العلم زقا) و قد نص لها بهذه الكلمة ابن أخيها علي بن الحسين «ع» (أنت بحمد اللّه عالمة غير معلمة و فهمة غير مفهمة) يريد ان مادة علمها من سنخ ما منح به رجالات بيتها الرفيع، أفيض عليها إلهاما لا بتخرج على استاذ، و أخذ عن مشيخة و ان كان الحصول على تلك القوة الربانية بسبب تهذيبات جدها و أبيها و أمها و أخويها او لمحض انتهائها اليهم و اتحادها معهم في الطينة المكهربين لذاتها القدسية فازيحت عنها بذلك الموانع المادية و في مقتضى اللطف الفياض وحده و إذ كان لا يتطرقه البخل بتمام معانيه عادت العلة لافاضة العلم كله عليها بقدر استعدادها تامة فأفيض عليها بأجمعه إلا ما اختص به أئمة الدين عليهم السّلام من العلم المخصوص بمقامهم الاسمى، على ان هنا لك مرتبة سامية لا ينالها إلا ذو حظ عظيم، و هي الرتبة الحاصلة من الرياضات الشرعية و العبادات الجامعة لشرائط الحقيقة لا محض الظاهر الموفي لمقام الصحة و الاجزاء فان لها من الآثار الكشفية ما لا نهاية لامدها، و في الحديث (من أخلص للّه تعالى أربعين صباحا إنفجرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه) و لا شك أن زينب الطاهرة قد أخلصت للّه كل عمرها، فماذا تحسب أن يكون المنفجر من قلبها على لسانها من ينابيع الحكمة، و ما أحلى كلمة قالها علي جلال في كتابه (الحسين) من كان النبي (ص) معلمه و من كان ابوه علي ابن طالب «ع» و امه فاطمة الزهراء، ناشئا في اصحاب جده و اصدقاء أبيه سادات الامة، و قدوة الائمة، فلا شك أنه كان يغر العلم غرا كما قال ابن عمر (و في كتاب بلاغات النساء) لابي الفضل أحمد بن أبى طاهر بن طيفور قال حدثنى أحمد بن جعفر بن سلمان الهاشمى قال كانت زينب بنت علي «ع» تقول (من أراد أن لا يكون الخلق شفعاءه الى اللّه فليحمده ألم تسمع الى قولهم سمع اللّه لمن حمده فخف اللّه لقدرته عليك و استح منه لقربه منك) (و عن الصدوق) محمد بن بابويه طاب ثراه كانت زينب «ع» لها نيابة خاصة عن الحسين «ع» و كان الناس يرجعون اليها في الحلال و الحرام حتى برىء زين العابدين «ع» من مرضه (و قال الطبرسي) ان زينب «ع» روت أخبارا كثيرة عن امها الزهراء «ع» (و عن عماد المحدثين) ان زينب الكبرى كانت تروي عن أمها و أبيها و أخويها و عن أم سلمة و أم هاني و غيرهما من النساء، و ممن روى عنها ابن عباس و علي بن الحسين و عبد اللّه بن جعفر و فاطمة بنت الحسين الصغرى و غيرهم (و قال ابو الفرج) زينب العقيلة هي التي روى ابن عباس عنها كلام فاطمة صلّى اللّه عليها في فدك فقال حدثتني عقيلتنا زينب بنت علي «ع» و تفسير العقيلة في النساء السيدة كعقال في الرجال يقال للسيد (و روي مرسلا) أنها في طفولتها كانت جالسة في حجر ابيها و هو عليه السّلام يلاطفها بالكلام فقال لها يا بني قولي واحد فقالت واحد، فقال لها قولي اثنين فسكتت، فقال لها تكلمي يا قرة عيني، فقالت عليهاالسّلام يا أبتاه ما أطيق ان أقول اثنين بلسان أجريته بالواحد فضمها صلوات اللّه عليه الى صدره و قبلها بين عينيها انتهى. و لكن الذي رأيته في كتاب مصابيح القلوب للشيخ الاجل الشيخ ابى سعيد الحسن بن الحسين السبزواري المعاصر للشهيد الاول رحمه اللّه ان هذا السؤال من أمير المؤمنين «ع» كان لولده العباس «ع» و انه لما سكت قال أمير المؤمنين لم لم تقل اثنين فقال اني لا ستحي ان أقول واحد ثم أقول اثنين، ففرح أمير المؤمنين عليه السّلام بهذا الكلام و قبلها بين عينيه، و ان زينب عليهاالسّلام قالت لابيها اتحبنا يا أبتاه فقال «ع» و كيف لا احبكم و أنتم ثمرة فؤادي، فقالت «ع» يا أبتاه ان الحب للّه تعالى و الشفقة لنا، و هذا الكلام عنها «ع» روي متواترا، و اذا تأمله المتأمل رأى فيه علما جما فاذا عرف صدوره من طفلة كزينب «ع» يوم ذاك بانت له منزلتها في العلم و المعرفة (و يظهر) من الفاضل الدربندي و غيره انها كانت تعلم علم المنايا و البلايا كجملة من اصحاب أمير المؤمنين «ع» ، منهم ميثم التمار و رشيد الهجري، و غيرهما، بل جزم في أسراره انها صلوات اللّه عليها افضل من مريم ابنة عمران و آسية بنت مزاحم و غيرهما من فضليات النساء، و ذكر قدس سره عند كلام السجاد «ع» لها «ع» (يا عمة انت بحمد اللّه عالمة غير معلمة و فهمة غير مفهمة) أن هذا الكلام حجة على أن زينب بنت أمير المؤمنين «ع» كانت محدثة أي ملهمة و أن علمها كان من العلوم اللدنية و الآثار الباطنية (و من نظر) في اسرار الشهادة رأى فيه من الاستنباطات و التحقيقات في حق زينب صلوات اللّه عليها ما هو أكثر مما ذكرناه (و قال العلامة) الفاضل السيد نور الدين الجزائري في كتابه الفارسي المسمى بالخصائص الزينبية، و ما ترجمته عن بعض الكتب ان زينب «ع» كان لها مجلس في بيتها ايام اقامة ابيها «ع» في الكوفة، و كانت تفسر القرآن للنساء ففي بعض الايام كانت تفسر كهيعص اذ دخل أمير المؤمنين «ع» عليها فقال لها يا نور عيني سمعتك تفسيرين كهيعص للنساء فقالت نعم فقال «ع» هذا رمز لمصيبة تصيبكم عترة رسول اللّه (ص) ثم شرح لها المصائب عليه السّلام فبكت بكاء عاليا صلوات اللّه عليها.
دمتم في رعاية الله