من هي الفرقة الناجية؟
بسم الله الرحمان الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد الامين وآل بيته الطيبين وصحابته أجمعين أما بعد ايها الاخوة فقد قرأت جل ما ورد في مركز الابحاث العقائدية من أسئلة وأجوبة وإني اصدقكم القول أني فوجئت بهول الفروق بين مذهبكم ومذهب أهل السنة إذ لا تكادون تتفقون على شيئ فمن الوضوء الى الصلاة الى الزواج الى الزكاة وصولا الى موضوع الامامة وعصمة علي كرم الله وجهه والبعض من ابنائه من بعده الذي أظنه الفارق الكبير والمهم بينكم وبينهم لاحظوا أنني لم أقل بيننا وذلك لمحاولة مني ملازمة الحياد وكتعليق على هذه المسائل أود تسجيل بعض التساؤلات ثم التعليقات حول اصل هذا الخلاف أولا : أليس الرسول الذي يؤمن به السنة هو نفس الرسول الذي تؤمن به الشيعة أم لكل الفريقين رسول خاص به؟ وإلا كيف نفسر تضارب الاحاديث الى حد التصادم المروية عن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم من كلى الفريقين ففي هذه الحالة لا يمكن الخروج عن إحدى الاحتمالات التالية : 1)الشيعة على حق والسنة مخطؤون وهو ما ينبني عنه تخطئة ولا اقول تكفير كل ذلك العدد من الصحابة والتابعين وتابع التابعين الذين لم ينقلوا شيئا صحيحا عن النبي حتى طريقة الوضوء وهي لا تتعلق بالحكم ولا بالامامة ولا بميراث النبي بل تتعلق بشرط من شروط اداء الصلاة فمن المفروض أن يتفق حولها لان اي احد من الناس العاديين يمكن ان ينقل ذلك دون زيادة أو نقصان متحريا الصدق الذي يتصف به العربي في جاهليته فضلا عن كونه صحابي قد صحب النبي قبل بعثته وبعدها بمكة والمدينة امثال علي أو ابي بكر أو عمرأفلا ترون ايها الإخوة أن الكثير من هذه الامور قد استحدثت بعد مدة من استفحال الفتنة وانقسام الامة الى فرق ومذاهب وورطت الاجيال القادمة بما فيها جيلنا في متاهات وخلافات لا طائل من ورائها وأن جيل الصحابة هو جيل ممتاز لكن هذا لا يعني أن كل من صحب النبي هو عدل فقد صحبه المنافقون والكذابون والمؤلفة قلوبهم وقد آذوه في حياته وخالفوا عليه رأيه كما جرى في غزوة أحد كما أن هذا لا يعني أن كبار الصحابة الذين اختارهم الله لنصرة نبيه كعلي وأبا بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وعمار وسلمان وبلال... قد بدلوا واحدثوا كل الذي نقرؤه في كتب الشيعة مما يخرجهم من الاسلام وحتى من دائرة الانسانية كقصة اسقاط جنين فاطمة من طرف عمر فهل يعقل هذا والامام علي بصفته أسد الله وبطل المشارق والمغارب وابن عم رسوله ينظر لا يحرك ساكنا فلنتبصر جميعا وننفي هذا الظلم الكبير عن عمر وننفي هذا العار عن علي ثم ان موضوع العصمة هو موضوع كبير وكبير جدا فهل يعقل أن يتركه الله عز وجل في القرآن دون أن يصرح به بطريقة لا تقبل التأويل والنقاش كما هو الشان في آية التطهير التي يحتج بها إخواننا الشيعة في اثبات عصمة علي في حين ان ظاهرها لا يدل عل عصمة اهل البيت بل يدل على تطهيرهم ثم لنسلم جدلا أن عليا معصوما من الخطأ وإن كثيرا من عامة أهل السنة يظنون ذلك فكيف نثبت العصمة للائمة من بعده؟ ثم لنسلم بصحة الحديث الذي يقول ان تسعة من الائمة هم من أولاد الحسين فكيف نثبت أن المعنيين هم انفسهم المتبعين من الشيعة الامامية وليسوا المتبعين من الشيعة الاسماعيلية أو الزيدية والحال أن جميعهم يروي الاحاديث عن الرسول في صحة ما يدعون اليه افلا يكفي هذا الجدل واللغط في تجاذب العصمة بين الفرق لنعيد النظربصفة جملية في هذا الموروث الحضاري القديم الذي أملته ظروف واسباب قد تغيرت بل اضمحلت وحلت محلها ظروف اخرى لا بد من مراعاتها توقا الى الوحدة الاسلامية. 2) السنة على حق والشيعة مخطؤون وهذا ايضا لا نراه إذ من أخلاق المسلم ان يحسن الظن باخيه المسلم حتى وإن خالفه الراي و حول هذا الموضوع فإن أغلب اهل السنة يقرون من وجود خلاف بين الصحابة غداة موت الرسول كما يقرون بان عليا كان يستحق الخلافة كما يقرون ايضا بأن لا فرق بين كبار الصحابة وان لا ترتيب ولا أفضلية بينهم كما يقرون أن عليا قد رغب في الخلافة لنفسه ولا شك أن الرسول في حياته كان يحب عليا ويبجله و ربما كان قد ألمح بتوليته غير أن المسلمين قد أجمعوا بعد وفاته على تولية ابي بكر لسنه و صحبته و نصرته و سابقيته و هي كلها صفات تتوفر في علي ما عدا السن و لعله العامل الوحيد الذي رجح كفة أبا بكر و لعل جيل الصحابة كان يدخر عليا للخلافة عندما تصبح مغرما لا مغنما لان عليا له من الصفات و المزايا ما ليس لغيره و لعلنا نقول لو عاش أو بكر او عمر و شهدا مقتل عثمان لما تولاها احد منهما و لتركوا الامر لعلي لانه رجل المهمات الصعبة كما نقول الآن على كل حال مات او بكر و قتل عمر و عثمان و تولى عليا خلافة شرعية استحقاقية لا جدال فيها و وقع ما وقع بين علي و البعض من اصحابه الذين اصبحوا خوارج و انتهى الامر باستشهاد علي على يد شقي هذه الامة عبد الرحمان بن ملجم و بكت كل الامة الاسلامية عليا و لكن تلك مشيئة الله و من هنا يظلم التاريخ و تتداخل الاهواء و تنشأ الفرق و الملل التي نعرفها و كل عن ليلاه يغني و بدا كل فريق بتدوين أحاديثه و تشريعه فأهل السنة قد ملكهم معاوية و هو يقرب الى حكم الملوك أكثر منه الى خلافة راشدة و قد تقرب منه بعض الفقهاء مما يسمون فقهاء البلاط و زينوا له و لاولاده اضطهاد اهل بيت النبي فقتل الحسين رضي الله و استشرى البلاء لكن لا نظن الارض قد خلت من ائمة فضلاء قاوموا هذا النهج و حافظوا على سنة النبي و منهم آل بيت النبي و غيرهم غير ان وضاعي الحديث و مثيري الفتنة قد بالغوا في رولية الاحاديث عن آل البيت و سلكوا مسلكا ادخل الائمة الصالحين الذين جاؤوا من بعدهم في الخطا فاظلم الدرب و تاهت السبل اكتفي بهذا القدر من التعليق و إني أرجو إجابة او تعليقا موضوعيا عن كل ما ذكرت لانني مقتنع أن الخلاف هو مفتعل من أعداء هذه الامة لبث الفرقة و التقاتل بينها و السلام عليكم و رحمة الله
الأخ منجي المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نشكر لك أسلوبك الجميل النابع من حسن أخلاقك ورصانة فكرك.
ولكن نقول وبالله التوفيق :
1- ذكرت أنك وجدت فروقاً ما بين مذهبنا ومذهب أهل السنة وهذا يدعوك إلى البحث عن الحق منها بل نقول لك أن هناك أيضاً اختلاف بين أهل السنة فلا يكاد يتفق أصحاب المذاهب الأربعة إلا على أشياء قليلة, فالاختلاف بين المذاهب موجود وقبولك بأربعة مذاهب أو أكثر وجعلها في بونقة واحدة مقبولة ورفض مذهب خامس لأنه يختلف معها كلام غير علمي وغير مقبول.
2- لأجل حل التصادم بين روايات الفريقين قلت لابد أن يكون أحدهما على حق والآخر على باطل وافترضت أن الشيعة هم على حق ولكنك استدركت وقلت أن هذا يلزم خطأ كل الصحابة والتابعين وتابعي التابعين.
ونحن نقول : أن هذا اللازم الذي ذكرته باطل, فنحن لا نقول بخطأ كل الصحابة والتابعين وتابعي التابعين في نقلهم للحديث بل نقول أن في أحاديث المخالفين حقّاً وباطلاً, ولكن إختلاط الأمر عليهم بين الحق والباطل جعل الكثير من الأحكام والعقائد تكون فاسدة, وقولك يكون مقبولاً به بخطأ كل أولئك لو كان الصحابة والتابعين وتابعي التابعين على مذهب واحد ويتبعون أحكاماً واحدة, والحال أن اختلاف الصحابة والتابعين وتابعي التابعين فيما بينهم واضح وكبير في الأحكام والعقائد, والفارق الأساسي الذي عمق الاختلاف بين الفريقين هو أننا نقول بعصمة الأئمة (عليهم السلام) الذين استمروا لفترة أكثر من مائتين وخمسين سنة يرفدون أتباعهم بالأحكام والعقائد الصحيحة بخلاف الطرف الآخر الذي ضاعت عليه السنة بسبب السهو والنسيان والخطأ وتعمد الوضع والكذب على الرسول ومنع تدوين الحديث وغير ذلك من الأسباب التي جعلت الحق من تلك الروايات قليلاً.
وبالحقيقة على فرض كون الشيعة على حق فإنه يلزم كون السنة على خطأ, وأما جعلك اللازم هو خطأ الصحابة فأن الملزوم لابد أن يكون أهل البيت (عليهم السلام) فهما المتقابلين, فلو فرضت أن الصحابة على حق مثلاً فيلزمه كون أهل البيت (عليهم السلام) على باطل, وهذا من المستحيل أن نقبله.
3- نحن لا نقبل منك أن تقول أن جيل الصحابة جيل ممتاز على الرغم من قبولك إن فيهم منافقون وكذابون ومؤلفة قلوبهم وصحابة آذوا النبي (ص) وخالفوه.
بل نقول أن الحجة على الصحابة أوكد منها على التابعين وتابعي التابعين, لأنهم رأوا بأعينهم عظمة الرسالة والرسول وسمعوا منه ولم يختلط بعد عليهم الحق بالباطل,وبعد لم تظهر الفتن ولم تضيع السنة عليهم ولم تغب الحقيقة عنهم فلذا قد يعذر بعض التابعين لأن الحجة لم تتم عليه, في حين من الصعب جداً أن نقول أن الصحابة لم تستوعب الحقيقة ولم تتم الحجة عليها.
ثم إن قولك (إن كبار الصحابة الذين اختارهم الله