السلام عليكم ورحمة اللّٰه وبركاته
توجد رواية مذكورة في كتاب دار السلام، النوري، ج٢ ص(١٧٩)، التي مضمونها أن الإمام السجاد (صلوات الله عليه) قام على طوله ونَطحَ الجِدار بوجهه، فكسر أنفه وشجّ رأسه وسالَ دمُه على صدرهِ وخرّ مغشيًا عليهِ من شدة الحُزن والبُكاء.
ما صحة هذه الرواية؟
وصلى اللّٰه على محمد وآله.
وعليكم السلام ورحمة اللّٰه وبركاته
أهلاً بكم في تطبيقكم المجيب
لم نعثر على مصدر آخر للرواية غير هذا الكتاب المذكور، وهو كتاب دار السلام في الرؤيا والمنام، للمحدث النوري الطبرسي، صاحب مستدرك الوسائل المشهور والذي يطبع مع الوسائل، والكتاب متأخر جداً حيث طبع عام ١٣٠٥ هـ، أي قبل ما يقارب القرن وربع القرن، ولم يذكر المحدث النوري مصدراً للرواية ولم يذكر لها أي سند، بل الظاهر من عبارة المحدث النوري (رحمة الله عليه) أنه نقلها من مصدر متأخر أيضاً ولم يجدها في مصدر متقدم أو معتبر، حيث قال عند نقل هذه الرواية: (في بعض المجاميع للمتأخرين ما لفظه …)، وكذا فإن المحدث النوري صدر الرواية بكلمة (روي)، وهذه الكلمة تعني في العرف الحوزوي عدم وثوق المحدث النوري بصحة هذه القصة، كما أن المحدث النوري (رضوان الله عليه) مع جلالة قدره وعلو منزلته، كما وصفه كثير من العلماء، وقد وصفه الإمام الخميني (رضوان الله عليه) في كتاب الأربعون حديث بهذه العبارة: (المولى العابد الزاهد الفقيه المحدث الميرزا حسين النوري نور الله مرقده الشريف)، إلا أنه حاول جمع ما لم يتم جمعه بغض النظر عن صحته وثبوته، ... المزید وقد ذكر تلميذه الآقا بزرك الطهراني في كتابه الذريعة إلى تصانيف الشيعة أن المحدث النوري لم يكن يعتقد بصحة مضمون هذه الروايات، وقد ذكر الإمام الخميني (رضوان الله عليه) في كتابه أنوار الهداية في التعليق على الكفاية بحق المحدث النوري: (أنه لو كان الأمر كما توهم صاحب فصل الخطاب الذي كان كتبه لا يفيد علماً ولا عملاً ، وإنما هو إيراد روايات ضعاف أعرض عنها الأصحاب ، وتنزه عنها أولو الألباب من قدماء أصحابنا كالمحمدين الثلاثة المتقدمين (رحمهم الله)، هذا حال كتب روايته غالباً كالمستدرك، ولا تسأل عن سائر كتبه المشحونة بالقصص والحكايات الغريبة التي غالبها بالهزل أشبه من الجد، وهو (رحمه الله) شخص صالح متتبع، إلا أنّ اشتياقه لجمع الضعاف والغرائب والعجائب وما لا يقبلها العقل السليم والرأي المستقيم أكثر من الكلام النافع... علماً أن هذا الكتاب (دار السلام في الرؤيا والمنام) خصصه المحدث النوري (رضوان الله عليه) للرؤيا والمنامات والحكايات وبعض المواعظ وليس مجمع حديثي كالمستدرك، وبالتالي فإن الرواية لا نعرف لها أصلاً ولا يمكن الركون إليها لا في استنباط حكم شرعي ولا في إثبات قضية تاريخية.
(منقول بتصرف)
ودمتم موفقين.